
سيهانوك ديبو : تجربة الإدارة الذاتية تصلح كبداية تنتظر مشاركة حقيقية لعموم الأطراف، والقوى الوطنية السورية
أجرت الخطّ الأماميّ المقابلة التالية مع الرفيق سيهانوك ديبو ،عضو المجلس الرئاسي في مجلس سوريا الديمقراطية، حول بعض جوانب الوضع السوري الرّاهن، وتحديّاته، والرّفيق ديبو له العديد من الكتب والدّراسات والمقالات القيّمة.
▪️كيف تنظرون إلى تمدد سيطرة هيئة تحرير الشام الإرهابية في مناطق مرتزقة الإحتلال التركي؟
يتوجّب النّظر إلى هذه المسألة ضمن سياقها الحقيقي، لا يمكن لأيّ جهة أن تنكر العلاقة العضوية بين النصرة ،أو هيئة تحرير الشام، ونظام أنقرة. أيديولوجية تركيا الأردوغانية ترى في هذه التنظيمات كعصا سوداء تنفذ من خلالها مشاريعها، وتبرير سيطرتها، أمّا تفسير ذلك ضمن السياق الحالي ،فإنّه من أجل تنفيذ عدّة أمور في الوقت نفسه: خلط الأوراق، التمهيد لخلق موقف متناغم من التطورات الحالية، وبشكل أدقّ السعي في تطوير العلاقة بين أنقرة ودمشق بشكل لا يقتصر على التنسيق الأمني بينهما وصولاً إلى درجة التطبيع، كما أنّ ذلك متعلّق كما يراه آخرين بعملية ضبط إيقاع عمليّة فوضى السلاح، والمشهد المنفلت، والحالة الرخوة التي تعيشها تلك المناطق، ولا ننسى بأنّ أنقرة ستحاول مرة أخرى تطويع ذلك في التمهيد للعملية الانتخابية المزمع عقدها في “حزيران 2023″،وذلك في حال جرت الانتخابات بالأساس، كما يجب ألّا يتمّ تغافل بأنّ أنقرة ترى في قيامها لعملية عسكرية اتّجاه مناطق الإدارة الذاتية بمثابة تصدير كبير، وتحجيم أزماتها، حتّى لو كانت النصرة/ هيئة تحرير الشام/ من تقوم بذلك.
عموماً يمكن القول بأنّ أنقرة لم تعد باستطاعتها أن تخفي حقيقتها، إنّها في مرحلة ما يسمّى اللّعب على المكشوف، وهذا بحدّ ذاته له أسبابه وسيكون بتداعيات كبيرة على أنقرة في فترة قريبة لا نظنّها بالبعيدة.
▪️هل تعتقدون أنّ هناك علاقة للّقاءات الأمنية الاستخباراتية بين نظام الطغمة، والإحتلال التركي بهذه التطورات العسكرية والأمنية في شمال غرب سوريا؟
لا نظنّها بأنّهت منقطعة عن بعضهما البعض على العكس، نجد ترابط بينهما وأنّ واحدهما يقذف باتّجاه الآخر، وخاصّة بعد ما بات يتردّد في الفترة الأخيرة عن ما يسمّوه بإحياء “اتفاقية أضنه 1998” وإنتاج اتفاقية جديدة قد تكون “أضنه2″، وهنا نؤكّد بأنّ ظروف معيّنة أدّت إلى اتفاقية الإذعان المسمّاة بأضنة، ونعتقد بأنّ الظروف مناسبة لإنهاء كلّ اتفاقية فرضت على شعب سوريا، ونالت من سيادته وتحدّ من انتقال ديمقراطيّ حقيقيّ على مقاس السوريين.
بالأساس يجب معرفة بأنّ اتفاقية أضنه غير شرعية،
وغير قانونية، وبحكم المزوّر فكيف يتمّ البحث في إحيائها، أو اعادة إنتاج صيغة جديدة لها تعزّز سلطات الاستبداد المركزي؟!…
مخاوف تركيا الأردوغانية لا مبرر لها إلى درجة بأنّها تتقاطع مع أصوات غير واقعية تنظر إلى مشروع الإدارة الذاتية كخطوة انفصالية، عكس ذلك هو الصحيح ،وهو الآمن: “دعم الإدارة الذاتية يأتي في تكريس أمن، واستقرار المنطقة برمّتها وليس فقط سوريا”
▪️ما هي المخاطر على الحلّ السوريّ التي تتخوفون منها في المرحلة المقبلة كنتيجة لهذا التمدّد؟
المفهوم الأساسي للحلّ السوريّ ما زال كما كان، لم يتغيّر، نقصد القرار الدولي “2254”، والقرارات الدولية ذات الصلة، لكنّنا رغم ذلك نعتقد بأنّ الصيغة السليمة لتطبيق هذا القرار يأتي خلال معادلة الحلّ السوريّ التالية:” الأزمة السورية تُحلّ من خلال التغيير، والتحوّل الديمقراطي من جهة ،و من جهة أخرى من خلال إنهاء الإرهاب، وتجفيف منابعه الفكرية ،والمادية الذي يعدّ المتعكّز الأساسي له، نظام الاستبداد المركزي، وإذا ما أسلمنا بهذه الرؤية فإن ذلك يحيلنا بشكل طبيعيّ إلى الحديث عن الإدارة الذاتية كصيغة حل وترجمة واقعية للقرار الدولي “2254” المحقّق لانتقال ديمقراطيّ حقيقيّ سوريّ، ويجب هنا أن يتمّ تضمين هذا المشروع بعده الوطني السوري ،وانتماءه الإقليمي ضمن سلسلة خطوات تطويرية للإدارة الذاتية.
أمّا هذا التمدّد فإنّه يعني قبل كل شيء تقديم الخدمة الذهبية لأكثر من جهة في الوقت نفسه، نظنّ بأنّ أنقرة كما أردفنا تنتظر مكاسب من هذا التمدّد طالما لم تخطُ الهيئة أيّة خطوة دون علمها والتنسيق معها، رغم ذلك لا نعتقد بأنّ أنقرة والجهات الأخرى ستجد مخرجاً لأزماتها من خلال هذا التمدّد.
▪️ما مصير الهياكل السياسية للمعارضة السورية بعد إعلان بيدرسون عن نهاية صلاحية “2245”؟
نعتقد بأنّ من دون إعادة هيكلة لكل العملية السياسية السورية، وبشكل خاص فيما يتعلّق مكوّنات المعارضة السياسية السورية، فإنّ الأزمة ذاهبة لتتحول إلى أمر واقع، أي ينجم عن ذلك –قبل أيّ شيء- القبول بالوضع المتشتّت الذي نعيشه الآن، لا يمكن الجزم بأنّ الإخفاق هو فقط سيّد المشهد بالنسبة لمقلب المعارضة، فبعض الأطراف منها تحاول أن تخطو نحو الدفع باتّجاه السكّة الصحيحة، ومن ضمنها مجلس سوريا الديمقراطية الذي بدأ منذ مؤتمره الثالث “2018” وحتّى اللحظة بعقد سلسلة من اللقاءات، والاجتماعات بين الأطراف الوطنية الديمقراطية، نعتقد بأنّه سيتكلل بالنجاح.
ضمن الفوضى التّي تجتاح العالم ،والشرق الأوسط نعتقد بأنّ الفرصة ما زالت سانحة أمام القوى الديمقراطية السورية كي تقول كلمتها، هذه المهمّة لا تبدو مستحليه رغم صعوبتها واصطدامها بعامل التدخلين الإقليمي والدولي في سوريا وتداخل أجنداتها إلى درجة التعارض ،والتضاد،
وبالأساس لا نعتقد بأنّ السوريين كانوا أمام مشهد مثالي يعبّر عن حقيقة تطلعات شعب سوريا في العملية السياسية السورية ،وخاصّة من جانب المعارضة، فقضايا التمثيل، والنوعية كانت شبه غائبة باستثناء البعض القليل جدّاً.
▪️ما هي الرسالة التي تحملونها للشعب السوري في كل أقسام سوريا مع عودة تصاعد خطر المنظمات الإرهابية ؟
مطلوب منّا إعادة تقييم نقديّ للمشهد السياسيّ السوريّ، مفهوم الحلّ السياسيّ للأزمة السورية طرأ عليه الكثير من التغيير، المشهد يتّجه نحو الموات في البنية السياسية، وتسيّيد كل مظهر يدعم غياب الحل، وتكريس سطوة المتشدّدين الذين ليس لصالحهم الحلّ السوريّ الواقعيّ المؤدّي نحو سوريا كدولة لا مركزية ديمقراطية، لكنّ منطق التغيير وقوّة الأحداث التي نعيشها اللحظة – كفترة انتقالية ستترك تداعيات على كل شيء،و من المهم عدم الاكتفاء بالتفرّج، من المهم جدّاً القراءة الحقيقة لكيفية التغيير بدلاً من قراءات الدوغما التي باتت تفوح منها رائحة الثأر، والانتقام، والتي هي كانت سبباً مضللّاً ابتعد فيه السوريين عن الحل.
الثورة السورية، أو الحراك الثوري السوري لم يكن حالة رفاهية ،وقرار اعتباطي اتّخذه شعب سوريا من قنيطرة ،وحوران إلى قامشلو، وديرك، إنّما حالة حتمية أفرزتها عوامل موضوعية، وذاتية محقّة عبّرت عنها الحاجة الماسّة نحو التغيير ،و الديمقراطية، إنّها مقاربة نهضوية رغم كلّ ما جرى من أجل حل القضية الديمقراطية في عموم الشرق الأوسط، وليس فقط في سوريا، نعتقد بأنّ الإدارة الذاتية أدّت دور مهم وتاريخيّ في هذا النحو وتصلح كبداية تنتظر مشاركة حقيقية لعموم الأطراف والقوى الوطنية السورية.
سيهانوك ديبو- عضو مجلس رئاسة مسد
الخط الأمامي