
مرصد تابع للبنك الدولي: ضياع جيل كامل من السوريين
إن الانهيار الذي يفتك بالسوريين من كل الجوانب، وخاصة الاقتصادية منها، باتت أسوأ من أي وقت مضى. هذه المعاناة وصلت لدرجة صدور تحذيرات دولية من ضياع جيل كامل من السوريين.
حيث أصدر “مرصد الاقتصاد السوري”، التابع للبنك الدولي، تقريره نصف السنوي الدوري حول الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في سوريا، محذرًا من ضياع جيل كامل من السوريين.
وقال التقرير، الصادر الثلاثاء 14 من حزيران، إن الصراع في عامه الـ12 أحدث تأثيرًا مدمرًا على السكان والاقتصاد، إذ أدى إلى تدهور البنية التحتية، و”تعمق الشيخوخة الديموغرافية”.
كما أدى الصراع إلى تآكل التماسك الاجتماعي، وتدهور الحوكمة، وتقسيم المناطق التي كانت مدمجة سابقًا في سوريا، ما عمل على خفض حجم النشاط الاقتصادي إلى النصف بين عامي 2010 و2019.
وأدى الارتفاع المستمر للفقر المدقع في سوريا وانهيار الأنشطة الاقتصادية، إلى تدهور فرص كسب العيش والاستنفاد التدريجي لقدرة الأسرة على التكيف، وفق التقرير.
وأضاف التقرير أن الاقتصاد السوري يعاني من الآثار المتراكمة للوباء، والأحداث المناخية والهشاشة الإقليمية وعدم استقرار الاقتصاد الكلي، مشيرًا إلى أن من المتوقع أن تستمر الظروف الاقتصادية في سوريا في الغرق بسبب النزاع المسلح الطويل، والاضطرابات في لبنان وتركيا، وفيروس “كورونا”، إلى جانب الحرب في أوكرانيا.
ومن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لسوريا بنسبة 2.6% في عام 2022 (إلى 15.5 مليار دولار بأسعار عام 2015 الثابتة)، بعد أن انخفض بنسبة 2.1% في عام 2021، ما يشكّل مخاطر كبيرة على آفاق النمو ويميل إلى الجانب السلبي، بحسب ما جاء به التقرير.
ورغم التحديات التي لا تزال المرأة تواجهها في الوصول إلى فرص اقتصادية متساوية، يُظهر السكان السوريون عجزًا في فئة الذكور، وزيادة بمشاركة الإناث في القوى العاملة، نتيجة تدهور الظروف الاقتصادية.
يأتي ذلك في ظل استمرار التدهور المستمر للوضع المعيشي والاقتصادي للسوريين في مختلف مناطق سيطرة أطراف النزاع، تزامنًا مع استمرار التحذيرات من مستقبل “كارثي” يهدد السوريين.
وفي 15 من آذار الماضي، أصدرت منظمة “العمل ضد الجوع” العالمية تقريرًا يحذر من أن معظم الأسر السورية تنفق أكثر من 50% من دخلها الشهري لتلبية احتياجاتها اليومية، مؤكدًا أن السوريين يشترون كميات أقل مما يحتاجون إليه للبقاء على قيد الحياة.
واحتلت سوريا المرتبة التاسعة في قائمة “الإنقاذ الدولية” لمراقبة حالة الطوارئ خلال العام الحالي، وهي قائمة سنوية عالمية للأزمات الإنسانية، ومن المتوقع أن يتدهور الوضع الإنساني بشكل أكبر خلال العام المقبل، وفق القائمة.
وارتفع عدد السوريين الذين يحتاجون إلى مساعدة إنسانية خلال العام الحالي بنسبة 9% مقارنة بعام 2021، إذ بلغ عددهم نحو 14 مليونًا و600 شخص، وفق تقرير الأمم المتحدة الصادر في 23 من شباط الماضي.
وفي هذا السياق، وعن تأثير القرارات غير المسؤولة عما يجري، كانت حكومة نظام الطغمة بدأت تدريجيا برفع الدعم عن بعض المواد، منذ منتصف العام الماضي، عندما توالت قرارات رفع أسعار مختلف السلع والخدمات، حتى وصلت إلى قرار إلغاء الدعم الذي صدر في مطلع شباط/فبراير الماضي والذي أدى إلى إفقار شريحة واسعة من السوريين.
وهدفت هذه القرارات إلى نهب وحشي للطبقات العاملة والشعبية في سوريا، كما أنها أودت بالطبقة المتوسطة إلى العدم، لتصبح بدورها تبحث عن رغيف الخبز بعد أن تم رفع الدعم تدريجيا وأصبح من الواجب شراء جميع الحاجيات المعيشية الأساسية بأسعار فلكية.
إن الاضطهاد والاستغلال الممنهجين اللذين يتعرض لهما عموم السوريين، تلقي بهم في مواجهة ظروف اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة من ناحية الانهيار والعنف والاتساع، وإن استمرار الوضع كما هو عليه حاليا سيفاقم المعاناة والكارثة بشكل أكبر ما يهدد جيلا كاملا بالضياع والانهيار. لذا يعد تضامن السوريين وتكافلهم، واستعادة روحهم الكفاحية المنظمة، وبالأخص الطبقات العاملة والشعبية هو طريق الخلاص الوحيد للتحرر السياسي والاقتصادي.
وكالات _ الخط الأمامي