
بعد ثورات الربيع العربي وجدت قوى اليسار التقليدي السورية نفسها في موقف حرج، بسبب انحياز غالبية تجمعاتها وأحزابها للأنظمة، بينما اختار بعضها الحياد، ما تسبب بموجة انشقاقات جديدة داخلها، وقد وضع مؤسسو حزب اليسار الديمقراطي وفق وثائقهم الرسمية توحيد هؤلاء المنشقين مع المؤمنين بأفكار اليسار من الجيل الشاب في تجمع جديد حينها يتبنى أهداف الثورة بالكامل، على أمل أن يلعب هذا الحزب دورًا فاعلًا في التغيير، ولكنه بدلًا من ذلك أعاد تكرار التجربة الممجوجة نفسها من الانشقاقات اللامبدئية التي تلتف حول أفراد وشلل بدلًا من العمل المؤسساتي المتزن والمنضبط.
مؤتمران ثالثان للحزب
عقد حزب اليسار الديمقراطي مؤتمران ثالثان بينهما أربعة أشهر فقط تبادل فيهما الفريقين التهم والتخوين ودعوا إلى توحيد المعارضة والقوى الديمقراطية.
المؤتمر الثالث (الأول) لحزب اليسار الديمقراطي السوري
اختتم أعماله يوم الأحد 8/1/2023 وانعقد على جلسات عدة على مدى 21 يومًا وقام المؤتمر بانتخاب اللجنة المركزية للحزب التي تألفت من ثلاثة عشر عضوًا، كما أقر المؤتمر اقتراحًا بإحداث منصب رئيس الحزب وهو منصب فخري صوت له المؤتمر على أن يشغله الأمين العام الأسبق السيد عبد الله الحاج محمد وأن يكون عضوًا في المؤتمر القادم دون انتخاب. وسارعت اللجنة المركزية المنتخبة إلى عقد اجتماعها الأول وانتخبت أمينًا عامًا لقيادة الحزب حتى المؤتمر التالي الدكتور سلامة درويش.
المؤتمر الثالث (الثاني) لحزب اليسار الديمقراطي السوري
اختتم أعماله 16/4/2023 تحت شعار “نحو أوسع تحالف للقوى الوطنية والديمقراطية والعمل على إسقاط النظام وطرد جميع الاحتلالات عن أرض الوطن”، وعبر احتفالية حاشدة حضرها قادة أحزاب وهيئات وشخصيات معارضة سورية، بعد ذلك انتخب أعضاء القيادة المركزية مصطفى الدروبي أمينًا عامًا للحزب الذي حافظ على الاسم نفسه.
حملت وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الردود والردود المضادة تبادل فيها المشاركون التخوين على النهج البكداشية التقليدي نفسه دون أي إبداع أو تجديد حتى أن إحدى الردود أطلقت لقب (الموحد) على إحدى أقسام الحزب.
للحقيقة وللتاريخ، فإن أسوأ ما أنتجه اليسار في سوريا هو المدرسة البكداشية بكل ما نتج عنها من انشقاقات، ومهما كانت عليه تسمياتها: انتهازية وكيدية، وخضوع للأنظمة البرجوازية، واغتراب كامل عن مصالح العمال والكادحين.
الأهم من هذا وذاك، أن البكداشية، ومخلفاتها، إنما هي آلة لا تتوقف عن التوليد الدائم للانشقاقات، غير المبدئية، الحزبية داخلها. فهي كما الدودة الشريطية إن لم تجد ما تأكله تأكل نفسها. وأن التجمعات التي لا تقوم على وضوح سياسي وفكري ماركسي ثوري واضحين تسمح بممارسة سياسية صحيحة، ينتهي بها إلى أن يصبح كل فرد فيها حزبًا لوحده بحد ذاته مخالف للآخرين، وتتحول هكذا تجمعات أيضًا -رغم ضعفها وركاكتها على جميع الصعد- إلى ساحة هزلية للصراع على مناصب لا قيمة لها، فتتلاشى.
سامي الحلو _ الخط الأمامي