
The Outsider by H. P. Lovecraft | shortsonline
يُمكننا أن نجد في تاريخ المجتمعات الغربية أحداث عنف فاقت في شدتها ومدتها ما يحدث في المجتمعات العربية. فجميع الشعوب في ظل الاستبداد والقمع تتصرف بالطريقة نفسها، والأمثلة من التاريخ البعيد والقريب كثيرة.
التفسير البنيوي والثقافوي لأمراضنا الاجتماعية وجلد الذات (نحن شعب لا يفهم ولا يستحق وكذا وكذا…) مرفوض، فلا فرق بين الشعب الألماني في عهد هتلر والشعب السوري في عهد الأسد والشعب الروماني في عهد تشاوشيسكو والشعب الروسي في عهد ستالين والشعب العراقي في عهد صدام والشعب الكوري الشمالي في عهد كيم إيل سونغ.
في ظل الطغيان تشترك الشعوب بالآليات النفسية نفسها والميكانزمات الفكرية نفسها والأمراض الاجتماعية نفسها. ضع نظام الأسد وأزلامه حكامًا في السويد أو ألمانيا أو اليابان، وبعد سنتين أو ثلاثة، سترى كيف يتصرف السويديون والألمان واليابانيون…
أي تفسير لما يحصل لنا بوصفنا سوريين، ولما نحن فيه من مآسٍ، بالعودة إلى الماضي التأسيسي والثقافة والبنية النفسية للفرد وللشعوب، دون العودة إلى السياق الاقتصادي والسياسي وعلاقات الإنتاج، هو تفسير عنصري استشراقي.
كانت الخطوة الأولى للتخلص من الفوضى والفقر وثقافة العنف هي التخلص من الاستبداد، وكانت المرحلة الأولى في عملية التخلص من الاستبداد هي العمل الجماعي، أي انتظام الأفراد في تجمعات منظَّمة ذات أهداف محدَّدة (منظمات مجتمع مدني، وجمعيات، ونقابات، وأحزاب…)، وهذا فقط ما يرعب أنظمة الاستبداد.
لا يمكن، ولا بأي شكل من الأشكال، لأفراد لا منتمين ومبعثرين هنا وهناك تغيير الواقع، الفرد اللامنتمي معزول، ومهدور الطاقة.
نظام الأسد حاليًا في أضعف حالاته منذ 2012، والغاضبون عليه -سواء كانوا سابقًا معارضين أو مؤيدين- كثر جدًا، ولكن طالما أن الفرد يصرخ لوحده ويعمل لوحده لا يشكّل أي خطر على هذا النظام، وكل ما يقوم به ليس أكثر من عملية تنفيس عن غضبه تشعره براحة آنية مزيفة. هذا هو حال معظم من يصرخ على منصات التواصل الاجتماعي.
تتحول مشاعر غضب الأفراد إلى فعل تغيير حقيقي حين تجتمع وتنتظم ضمن استراتيجيات وأهداف، وهنا يأتي دور النخب المثقفة والسياسية في إدارة هذا الغضب وتحويل الانفعال إلى فعل.
الواقع السوري في راهنه الحالي يحتاج -أكثر من أي وقت مضى- إلى عمل جماعي، عمل سياسي منظم، لا ناشطين وناشطات ومثقفين ومثقفات عبر فيسبوك.
عزام أمين عبر حسابه على فيسبوك