
قصف تركي بريف حلب
صرّح المنسق العام لليسار الثوري في سوريا غياث نعيسة، عبر حديث لوكالة أنباء هاوار
” إن هجمات الاحتلال التركي الأخيرة؛ تهدف لتقويض مقدرات الإدارة الذاتية ما يخدم مصالح القوى المتدخلة في سوريا وحكومة نظام الطغمة؛ لذلك يغضّون النظر عنها، مطالباً السوريين الشرفاء باختيار خندقهم بوضوح قائلاً: “ما نخوضه اليوم هو صراع مصيري، بين قوى الرجعية والاستعمار والاستبداد، وبين قوى الحرية والمساواة والاستقلال والعدل”.
صعّدت دولة الاحتلال التركي من هجماتها على شمال وشرق سوريا، منذ ليل السبت 19 تشرين الثاني الجاري، مستهدفة مراكز حيوية كالمشافي والمستوصفات والمدارس وصوامع الحبوب ومنشآت للنفط والغاز ومناطق أخرى آهلة بالمواطنين.
تقويض مقدرات الإدارة الذاتية
تعليقاً على هذه الهجمات، قال المنسق العام لتيار اليسار الثوري في سوريا، الرفيق غياث نعيسة، بالقول: “جدد نظام أردوغان حرباً مجنونة ضد الأراضي والشعب في بلادنا، حرب مدمرة للبنى التحتية؛ تستهدف ليس فقط المقاتلين الأبطال لقوات سوريا الديمقراطية بل تستهدف المدنيين السوريين، ساعياً إلى ترويعهم ودفعهم إلى إخلاء بيوتهم، عبر القصف الواسع وتدمير مقومات الحياة”.
وأضاف: “من خلال هذه الحرب العدوانية يعمل النظام الأردوغاني إلى تقويض مقدرات الإدارة الذاتية الديمقراطية، ظناً منه أنه بذلك سيدمرها حتى ولو لم يضطر إلى القيام بحملة اجتياح بري، كما أنه يمهد له ان أعطت الدولتين الأكبر، أميركا وروسيا، ضوءاً أخضراً ليقوم بذلك، وهو ما لم يحصل حتى الآن، ولا أظن أنه سيحصل لأسباب عدة”.
الهجمات تخدم مصالح القوى المتدخلة في سوريا
ويرى مراقبون بأن دولة الاحتلال التركي لم تشن هجماتها الأخيرة، دون أن تنسق مع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا اللتان توجد لهما قوات وقواعد في المنطقة.
وعن ذلك، صرّح المنسق العام: “بالتأكيد أن العدوان التركي، حظي بنوع من غض الطرف من الجانبين الأميركي والروسي، ولكن بحدود معينة. هكذا نظام أردوغان يعزز من مواقعه السياسية المضعضعة داخلياً، ويدفع إلى تصدير أزماته المتعددة ومنها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والانتخابية، وهو يعتقد أنه يُضعف أيضاً القدرات العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية”.
وأوضح “هذا الهدف الأخير يناسب سياسات النظام، فهذه الهجمة الوحشية التركية على الإدارة، يرى نظام الطغمة أنها قد تدفع بالإدارة الذاتية للخضوع لشروطه، يبدو لي أن هذا العدوان التركي، ان بقي بحدود القصف الجوي، يخدم مصالح القوى الكبرى المتدخلة في سوريا ومعها النظام السوري، لأنها جميعها تخشى ديمومة مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا بطبيعته السياسية الديمقراطية الثورية والاجتماعية، ولذلك للمرة الثالثة تمارس هذه الدول الكبرى الخديعة والكذب والخذلان”.
وأضاف المنسق العام لليسار الثوري: “في مواجهة هذه الوحشية لجيش الاحتلال التركي، وارتكابه لجرائم ترقى لمرتبة جرائم حرب وضد الإنسانية، نشهد مقاومة باسلة وبطولية لمقاتلات ومقاتلي قوات سوريا الديمقراطية وإرادة من فولاذ لهزيمة العدو ومنعه من تحقيق أي انتصار كان، هذه الإرادة الجبارة؛ تنبع من كون قوات سوريا الديمقراطية تستند على الجماهير الشعبية المنظمة، وعلى إرادة سياسية واعية. وتجد هذه المقاومة البطولية لأهلنا صدى لها في العالم، حيث أثارت القوى اليسارية والديمقراطية احتجاجاتها وتنديدها للعدوان التركي ودعمها للإدارة الذاتية ولقوات سوريا الديمقراطية، وهذا النهوض التضامني العالمي هو في بداياته سينمو ويتعزز بقدر ما يطول العدوان التركي الغاشم”.
جولة أستانا أعطت التغطية لعدوان أردوغان
وتزامنت هذه الهجمات مع انعقاد جولة أستانا والتي اختتمت ببيان يهاجم الإدارة الذاتية وشعب شمال وشرق سوريا.
البيان الختامي لثلاثي الصفقات (روسيا – إيران – تركيا) لم يكن مغايراً لما سبقه، وكعادته اتفق الثلاثي على معاداة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وغض الطرف عن همجية جيش الاحتلال التركي ومرتزقته في الشمال السوري.
حيث جدد البيان الخطاب المعادي للإدارة الذاتية ووصفها بـ “المشروع الانفصالي”.
أشار الرفيق غياث في هذا السياق إلى أنه “من المؤكد أن لقاء أستانا الأخير، أعطى لنظام أردوغان التغطية لمباشرة عدوانه الجوي، وكذلك فعلت الولايات المتحدة، فالقوتان الأكبر اللتان تتصارعان في أوكرانيا تسعيان كل منها لجذب تركيا إلى صفها في هذا النزاع العالمي، ولكن على حساب أرضنا ودماء شعبنا”.
وخلال هجمات الاحتلال التركي الأخيرة، اُستهدفت نقاط لحكومة نظام الطغمة ما أدى لفقدان عدد من عناصرها لحياتهم.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن حكومة النظام لم تعلق على هذه الهجمات وفقدان عدد من عناصرها لحياتهم حتى إنها لم تعلن عن ذلك بشكل رسمي ومباشر.
علق نعيسة على ذلك، بالقول: “النظام السوري تقوده فكرة واحدة هي بوصلته، هي البقاء بلا تعديل أو شريك، ولذلك هو المسؤول الأول عن الكارثة التي تعيشها بلادنا، وعلى الرغم من ذلك، ولأنه أسير لضيق أفق معهود عند كل الأنظمة الاستبدادية، فهو يفضل التعامل مع دول محتلة لبلادنا عن التعامل مع الشعب وقواه الحية، ولكن، إن بقي الحال كذلك، فإن هذه السياسة المدمرة لبلادنا ستقوده إلى نهاية بائسة، نظام باهت لا سيادة له تحت الوصاية وتابع وهنالك العديد من المؤشرات على تدهوره نحو هذا المصير”.
وأضاف: “من هنا يأتي موقفه الغائب وليس الخجول من العدوان التركي الجاري، على الرغم من أن عناصر من جيشه قتلت بالقصف التركي، نظام لا تهمه حياة جنوده حقاً فهم بالنسبة له، لحم للمدافع حماية لبقائه ومصالحه الضيقة”.
صراع مصيري
وتزامنت هذه الهجمات أيضاً مع ارتفاع وتيرة الحديث عن المصالحة بين الاحتلال التركي وحكومة دمشق، وخصوصاً بعد جولة أستانا الأخيرة حيث يتداول إمكانية حدوث لقاء بين أردوغان والأسد.
تحدث غياث نعيسة عن ذلك، قائلاً: “يهتم النظام السوري بتحسين علاقاته مع النظام التركي المحتل أكثر من اهتمامه بمفاوضة السوريين في الإدارة الذاتية، تاركاً جيش الاحتلال يعربد ويقتل أهلنا دون أن يحرك ساكناً، وفي هذه الحالة، إذا استخدمنا خطاب النظام نفسه وهو خطاب زائف، من هو الوطني الذي يدافع عن سلامة الأراضي السورية وسيادة الشعب السوري؟ بالتأكيد ليس النظام في دمشق بل هي قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية الديمقراطية”.
وأوضح “كما قلت، إن التفاهم بين النظامين التركي والسوري، سيعني أن بلادنا ستكون محتلة وتحت وصاية إلى أمد بعيد، والشعب السوري مستعبد ومنهوب من نظام مستبد وتابع ومن المحتلين”.
واختتم الرفيق غياث حديثه، بالقول: “ما نخوضه اليوم هو صراع مصيري، بين قوى الردة الرجعية والاستعمار والاستبداد، وبين قوى الحرية والمساواة والاستقلال والعدل، فعلى كل سوري مخلص لشعبه وبلاده أن يختار خندقه بوضوح، نحن نقف في اللحظة الحاسمة، مع طموح شعبنا بالحرية، وعموده الفقري اليوم هو شعبنا وقوى التحرر في الإدارة الذاتية”.
الخط الأمامي عن وكالة أنباء هاوار