بدأت صباح اليوم سريان الهدنة الإنسانية بين الإحتلال الصهيوني والمقاومة الفلسطينية بوساطة قطرية ومصرية، حيث بدء تطبيق الهدنة منذ السابعة من صباح الجمعة والتي تستمر لمدة 4 أيام، وتقضي الهدنة بتبادل 50 من الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية مقابل الإفراج عن 150 امرأة وطفل من المعتقلين الفلسطينيين من سجون الاحتلال، وأعلن نادي الأسير الفلسطيني صباح اليوم قائمة بأسماء الأسرى الذين سيفرج عنهم اليوم بموجب صفقة التبادل.
الهدنة تكشف حجم الكارثة الإنسانية في غزة
مع دخول اتفاق الهدنة حيز التنفيذ، توجه مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين لتفقد منازلهم وأحيائهم، خاصة في المناطق الحدودية وتلك التي توغلت فيها الآليات العسكرية الإسرائيلية. وقد اكتشف الفلسطينيون حجم الكارثة والجرائم والدمار الهائل الذي خلفته قوات الاحتلال الإسرائيلية في مناطق سكنهم.
شهود عيان أفادوا أنهم خلال عودتهم إلى منازلهم بالمناطق الغربية لمدينة غزة وفي بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا (شمال) عثروا على جثث لعشرات الفلسطينيين الذين قتلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي. الجثث كانت متحللة مما يشير إلى مقتلهم قبل عدة أسابيع خلال عمليات التوغل أو أثناء حركة النزوح من مدينة غزة إلى مناطق جنوبي القطاع.
الفلسطينيون اكتشفوا حجم الدمار الهائل الذي خلفه القصف الجوي وعمليات التوغل البري لجيش الاحتلال في مناطق مدينة غزة والشمال. الشهود أفادوا أنهم وجدوا أحياء سكنية كاملة تضم مئات المباني وعشرات آلاف الوحدات السكنية مدمرة بشكل كلي، إضافة للدمار الهائل الذي لحق في الطرقات ومباني المؤسسات الحكومية والأهلية والبنى التحتية وشبكات المياه والكهرباء والاتصالات.
من بين أكثر المناطق التي شهدت دمارا واسعا بلدات بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا (شمال) وأحياء الرمال وتل الهوى والشيخ عجلين ومحيط مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة. كما بدأت أطقم الإنقاذ بمحاولة انتشال جثث قتلى من بعض المباني المدمرة بتلك الأحياء، وفق الشهود.
أصابت صدمة كبيرة آلاف الفلسطينيين عندما رأوا منازلهم مدمرة ومحاطة بالجثث والدماء. وقد أفاد الفلسطيني سهيل عبد النبي من منطقة بئر النعجة في بلدة جباليا، أنه صدم عندما اكتشف أن منزله مدمر، وقد تركه سليما قبل نحو أسبوعين عندما نزح من المنطقة إلى حي التفاح شرق مدينة غزة.
وفي مناطق الشمال أيضا خاصة بمحيط المستشفى الإندونيسي ببلدة جباليا انتشر دمار هائل بعد أن اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي المستشفى وقصف محيطه بعدد كبير من القذائف خلال ساعات الليلة الماضية. وذكر مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش، في تصريح للأناضول، إن الاحتلال الإسرائيلي قصف المستشفى الإندونيسي بعنف الليلة الماضية وهدمت دباباته وجرافاته سوره وجدرانا فيه أيضا.
في الـ48 يوما الماضية، شهدنا حربا مدمرة شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة، أسفرت عن مقتل حوالي 15 ألف شخص، بما في ذلك 6 آلاف و150 طفلا وأكثر من 4 آلاف امرأة، بالإضافة إلى حوالي 7 آلاف مفقود وأكثر من 36 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء.
ومع ذلك، فقد أجبر الاحتلال على الرضوخ لشروط المقاومة الفلسطينية بعد فشله في تحقيق أهدافه المعلنة. يتضمن اتفاق الهدنة وقف حركة الطيران في جنوب غزة، مع توقف حركة الطيران في شمال القطاع لمدة 6 ساعات يومياً تبدأ من العاشرة صباحاً، بالتزامن مع إدخال المساعدات الإنسانية وكميات من الوقود إلى قطاع غزة المُحاصر.
وقد بدأ الفلسطينيون النازحين بالعودة إلى بلداتهم منذ صباح اليوم، رغم محاولات الاحتلال عرقلة عودة الفلسطينيين من وسط وجنوب غزة إلى الشمال. وقد قام الاحتلال بإطلاق النار على النازحين العائدين إلى منازلهم بشمال غزة مما أسفر عن استشهاد شخصين ووقوع عدد من الإصابات، ولكن هذا لم يمنع الفلسطينيين من العودة إلى بلداتهم.
بمناسبة بدء سريان الهدنة، نود أن نعبر عن احترامنا العميق لكل فلسطيني/ة في شمال غزة وغزة كلها الذين ظلوا ثابتين في أرضهم. صمودكم البطولي أفشل مخططات التهجير وحافظ على إنجازات المقاومة. لقد هزمتم الادعاءات الزائفة التي تقول إن “إسرائيل هي الملاذ الآمن الوحيد لليهود في العالم”، وأكدتم أن غزة هي خط الدفاع الأول عن فلسطين والمنطقة بأكملها.
وإذ تستعد سجون الإحتلال أثناء تحرير هذا التقرير للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بعد صمود ومقاومة مُلهمة من الشعب الفلسطيني أجبرت العدو على الانصياع لشروط المقاومة للإفراج عن جزء من أسراه في حرب السابع من أكتوبر، نتطلع إلى اليوم الذي سيتوج فيه نصرنا بتحرير فلسطين بأكملها وإقامة دولة فلسطينية ديمقراطية واحدة من البحر إلى النهر. إن لم يكن في هذه الجولة فالجولات مستمرة والمقاومة مستمرة أيضًا.
وكالات _ الخط الأمامي
