
دروس الثورة السودانية: تنظيم للصحفيين الاشتراكيين في السودان يبصر النور
لاتزال الثورة السودانية في تعمقها المستمر تقدم دروسا على مختلف الأصعدة ومن أكثر الدروس جذريه هي قيام مجموعة صحفيين إشتراكيين ثوريين بتأسيس منظمه لتنسيق عملهم ونشاطهم بوجه آلة الإعلام البرجوازية المدعومة دوليا، تنبع أهمية هذه التشكيلات النقابية الثورية من دورها في فرض إرادة الجماهير وفي لحظات حاسمة تتحول إلى هياكل إدارة و تنظيم من أسفل، فلنسجل في دفترنا الثوري خبرات مبدعة وخلّاقة تحضيرا للثورة المقبلة.
نتابع في هيئة التحرير بحماس بالغ ونتضامن بشكل كامل مع الرفيقات والرفاق في الخط الأمامي على تروس المواجهة الطبقية في ثورة السودان. كل التحية للصحفيات والصحفيين الذين أخذوا على عاتقهم مبادرة التنظيم استعدادا لمواجهات أشد شراسه.
هذا وقد نشرت صفحة التنظيم بيانهم التأسيسي بعنوان “المانفستو” وقد جاء فيه:
الديباجة:
انطلاقا من تكرار تجارب احتواء ثورات السودان من قبل القوي الطبقية صاحبة الامتيازات (الرأسمالية والبرجوازيه) وقدرتها علي اعادة انتاج وحماية مصالح الاستعمار الجديد ووكلائه في السودان، واصرارا على استكمال انتفاضات شعبنا منذ 1924، ووعيا بالطبيعة الطبقية للصراع السياسي الاقتصادي الاجتماعي في السودان، واستلهاما لدروس ثورة ديسمبر لا سيما عقب وصول موجتها الثانية لبداية تحقيق مطالب لجماهير على الأرض عبر المقاومة الشعبية وانتزاع الدفة من قوي البرجوازية ووكلاء الاستعمار الذين أدمنوا اختطاف مطالب الجماهير عبر أذرعم المتمثلة في قيادة القوي السياسية المختلفة المحمية بقوة قادة الجيش، واتساقا مع ضرورة بروز دور ثوري واضح للمهنيين السودانيين كجزء من الطبقة العاملة يقطع طموحات البرجوازية. وعملا على تحقيق السلطة الشعبية وامتلاك كافة المستغَلين لمصيرهم وصولا للاشتراكية في السودان.
ايمانا بكل ذلك نعلن عن تأسيس تنظيم الصحفيين الاشتراكيين السودانيين.
تأسيس:
إن قطع الطريق أمام الثورات الشعبية طوال تاريخ السودان بواسطة النخب المسيطرة على الثروة والسلطة من قوي البرجوازية الحزبية بما فيها أحزاب اليسار والأحزاب القومية والليبرالية ومثقفيها إضافة للقوي الطائفية والدينية وقادة الجيش، يعد تآمرا من قبل النخب ضد مضي الثورات للأمام في سبيل امتلاك الجماهير لقرارها وسيطرتها على موارد الاقتصاد في الريف والمدن كضمان أوحد للتغيير الجذري في البلاد.
وقد حافظت النخبة الحاكمة منذ ما بعد الاستقلال على مصالح الاستعمار الجديد، لكن تراكم هذه المصالح اخذ شكلا أكثر شراسة في ارتباط البلاد عبر تنظيم الإخوان المسلمين في السودان بمصالح قيادات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين والمصالح الدولية الأخرى التي حركتها ومهدت لها الطريق لتمكين نفسها منذ منتصف السبعينات، ليتم استكمال حلقات السيطرة علي البلاد عقب ثورة ديسمبر بواسطة الاوجه الجديدة للنيولبرالية المتمثلة في المنظمات الدولية والمنظمات المحلية المدعومة دوليا من أجل احكام السيطرة علي الثورات وتوجيهها عبر مفاهيم الانتقال المتحكم فيه.
رغما عن شكل الانتصار الجزئي الذي حققه تحالف قادة الجيش وقوى الرأسمالية والبرجوازية في بلادنا مؤخرا، فان التمعن في الواقع الذي فرضته ثورة ديسمبر يؤكد بجلاء قدرة القوي الثورية علي انتزاع زمام المبادرة الشعبية.
ومن ثم، فأن طريق السيطرة علي السلطة والموارد وتحقيق السلطة الشعبية، لابد ان يتسلح بالنظرية الثورية الاشتراكية التي تقود وجهته وتحدد اعداءه وحلفاءه.
الصحفيون الاشتراكيون، لماذا؟
دأبت قوى الرأسمال العالمي والمحلي على احتكار المعلومات واستخدام الاعلام في السيطرة علي الرأي العام المحلي والدولي من أجل السيطرة علي الشعوب وتحويلها لمستهلكين لافكار ومنتجات الرأسمالية وتحطيم المنتجين.
إن خطورة دور المعلومات والاعلام كسلاح إيدلوجي لا يقتصر على امتلاكها فقط ، بل احتكار المؤسسات الاعلامية المؤثرة عالميا ومحليا، الامر الذي يهدر ادعاءات المهنية والتوازن رغم اسهامها المباشر في خلق عالم غير متوازن يصب في مصلحة راس المال.
وظلت بلادنا منذ الاستقلال متلقي سلبي للإعلام الدولي في ظل غياب مشاريع ورؤي وطنية لدور الاعلام وارتهانه للعديد من الاجندات الاجنبية وانحيازه لراس المال ضد المنتجين.
ويعاني الاعلام في السودان من عوامل ضعف موضوعية وهيكلية تتمثل في غياب الديمقراطية واحتكار المؤسسات الاعلامية بواسطة راس المال، وتغييب المعلومات، الحروب الاهلية المصطنعة، وغيرها، وعوامل ذاتية تتعلق بعلاقات العمل التي تقوم علي الاستغلال في ظل غياب النقابات وضعف الاجوروضعف القدرات المهنية وغياب التدريب، الخ.
ويعاني الواقع الصحفي السوداني من اختطاف صوته بواسطة أجسام نقابية ليبرالية واصلاحية في ظل غياب برنامج ينفذ للدور الثوري للصحفي الذي يسهم في التوعية والتحريض للمجتمع من أجل تحريره من ناحية وتغيير مفهوم الصحافة لتصبح صوتا للشعب بعيدا عن التدجين المرتبط بالمفاهيم المخادعة مثل التوازن والحياد والاستقلاية من ناحية أخري.
ونتيجة لذلك يغيب عن هذه الاجسام، الحس الثوري الذي يدافع عن الصحفيين ويحررهم من نير الاستغلال من قبل المالكين وعلاقات العمل الشائهة، ومن غياب الحس النقدي والتبعية للقوي السياسية والاقتصادية والاجتماعية المسيطرة، الامر الذي حتم ظهور تنظيم صحفي ثوري ينحاز لمصالح الجماهير المسحوقة.
إن مفهوم الصحافة الاشتراكية التي نتحدث عنه هو الذي يحرر عقول الصحفيين وتوجهاتهم من المفاهيم البرجوازية بالانحياز للطبقة العاملة ولا تختزله في مجرد ناقل للاخبار ومحلل لها، بل أداة مجتمعية ثورية صادقة في قيادة الصراع الاجتماعي نحو تحرير الوطن والدفاع عن سيادته واستقلاله السياسي والاقتصادي وقيام علاقات انتاج تحررية.
ونري أن مسار تطور الصحافة السودانية منذ الاستقلال قد ارتهن للملاك والطبقات المسيطرة لا سميا عقب صعود القوي الليبرالية الجديدة للسلطة بعد ثورة ديسمبر ، ولذا وقف هذا المسار مدافعا عن طبيعته البرجوازية وعاجزا عن انتاج برنامج جديد ينحاز للتنمية الديمقراطية والسلام والحرية والعدالة الاجتماعية. وكامتداد لهذا المسار الشائه، تتمسك بعض الأجسام الصحفية الليبرالية بالمفهوم المخادع الذي يدعي رفض الرقابة من قبل الدولة شكلا ويسلم صوت الاعلام لقوى رأس المال والملاك موضوعا، وبالتالي يفقد المشروع الوطني ذراعه الاعلامي الذي يجب ان يروج له ويدافع عنه في ظل تداخل الاجندات الاعلامية الاقليمية والدولية.
من نحن؟
ان الصحفيين الاشتراكيين تنظيم ثوري يعمل من أجل توجه اعلامي جديد وتحرير ووتثوير الصحفيين وتحقيق الاشتراكية بالتحالف مع الطبقات المستغله وفضح السياسات الاعلامية التي تكرس لسيطرة رأس المال.
ان الصحفي الاشتراكي، صحفي ثوري لا يدعو لحرية التعبير والدفاع عن حقوق الصحفيين وحقهم في الحصول علي المعلومات فقط ، بل يتجاوز ذلك لاعتبار المعلومات نفسها أداة في الصراع الاجتماعي، يستقيها الصحفي الثوري لصالح الجماهير والطبقة العاملة.
عندما يدافع الصحفي الاشتراكي بالمعلومة والوعي والاستنارة عن حقوق المنتجين فهو يدافع عن نفسه أيضا باعتبارها احدى أهم حلقات التحرر من الاستغلال. هو ايضا، ترسانة المشروع الثوري الذي يدافع عن السيادة والحرية والسلام العادل .
الصحفي الاشتراكي ايضا، يمتلك أدوات المعرفة بمجتمعه والعالم ويتحرى الصدق ويراعي السياقات التاريخية للاحداث وأهمية أدوار التوعية والتحريض.