
الخط الأمامي – ريف القنيطرة
في تصعيد جديد يعكس طبيعة العدو الصهيوني القائمة على الترهيب ومصادرة الحيز العام، أقدمت قوات الاحتلال الصهيوني يوم الثلاثاء، 23 كانون الأول، على تنفيذ عملية توغل واختطاف استهدفت الرفيق سليمان إبراهيم دكدوك (كاسترو)، المشرف على مشروع “حقول التضامن”، والمواطن طه غازي لكود (صاحب الأرض)، وذلك من قرية الرويحينة في ريف القنيطرة المحرر.
وقائع الاعتداء: ترهيب منهجي وصمود مبدئي
بدأت العملية العسكرية بإخضاع فريق مشروع “حقول التضامن” وعدد من الضيوف المتواجدين في الموقع لجولات تحقيق ميدانية مهينة، تفتقر لأدنى المعايير الإنسانية، قبل أن يتم اقتياد الرفيقين قسراً إلى داخل الأراضي المحتلة.
ووفقاً للمعطيات الميدانية، تعرض الرفيقان لجلسات استجواب مكثفة تهدف إلى كسر الإرادة السياسية وترهيب النشاطين الزراعي والاجتماعي في المنطقة الحدودية. إلا أن الرفيقين قدما نموذجاً في الصمود الثوري؛ حيث واجها المحققين برفض الانصياع للطلبات المهينة، وتحويل موقف التحقيق من “استجواب” إلى “إدانة” لسياسات الاحتلال وجرائمه المستمرة بحق الأرض والإنسان.
التلاحم الشعبي في مواجهة الغطرسة
عقب فشل محاولات الضغط والترهيب، أطلقت قوات الاحتلال سراح الرفيقين في وقت متأخر من ليل اليوم نفسه، عبر إلقائهم في منطقة خلاء. وقد جسد الاستقبال الشعبي العفوي من أهالي القرى المجاورة، ومن ثم الاحتفاء الكبير في قرية الرويحينة، عمق التلاحم بين الجماهير الفلاحية وكوادر العمل الثوري.
وقد عبّر أهالي المنطقة عن سخطهم العارم حيال العجز الرسمي عن حماية السيادة الوطنية، منددين بالواقع المرير الذي يضطرون فيه لمراقبة عمليات الاختطاف والانتهاكات اليومية لأراضيهم دون وجود رادع، مؤكدين أن المقاومة الشعبية هي الخيار الوحيد لاستعادة الكرامة.
رؤية نضالية: الأرض كساحة للمقاومة
وفي تصريح يتقاطع مع رؤية حزب اليسار الثوري في ربط قضية الأرض بالتحرر الوطني والاجتماعي، أكد الرفيق كاسترو عقب عودته أن الرد الأمثل على هذه الانتهاكات لا يكمن في التراجع، بل في التوسع النضالي، قائلاً:
“على جميع السوريين والسوريات التوجه إلى ريف القنيطرة؛ لنزرع الأرض وندافع عن الإنسان”.
إن هذه الحادثة تؤكد من جديد أن مشاريع التضامن الفلاحي ليست مجرد نشاط اقتصادي، بل هي فعل مقاوم يزعج آلة الاحتلال، ويستوجب من القوى التقدمية والثورية تعزيز صمود الفلاحين على خطوط المواجهة الأمامية ضد العدو الصهيوني وكافة أشكال الاستبداد.
وقد كشف الرفيق كاسترو “للخط الأمامي” عن فحوى “حوار الصمود” الذي دار خلال التحقيق، والذي عكس بوضوح التناقض الجذري بين منطق الاحتلال المدجج بالسلاح ومنطق صاحب الأرض المتمسك بحقه.
مواجهة الإملاءات: “توصيفكم لي بالصلاح إهانة”
خلال جولات التحقيق، حاول ضباط الاحتلال استخدام أساليب الترغيب والترهيب، حيث عرض أحدهم على الرفيق كاسترو “عدم الإزعاج” مقابل “حسن السلوك” (بالمعايير الصهيونية). وجاء رد الرفيق حازماً ليعكس وعياً طبقياً ووطنياً حاداً: “إن كنتُ ‘صالحاً’ بمعاييركم، فهذا بحد ذاته يمثل إهانة لي”.
كما رفض الرفيق كاسترو إبراز هويته الشخصية أو جواز سفره للمحققين، معتبراً طلب الاحتلال “سريالياً” ومثيراً للسخرية؛ إذ كيف يطلب غريبٌ قادمٌ من خلف الحدود وثائق إثبات شخصية من ابن الأرض وفي قلب أرضه؟ واجه الرفيق مدفعية المحققين بقوله: “أنا لا أحمل سلاحاً، وأنت مدجج به، فمن هو الخطر الحقيقي؟ أنت هو المصدر الوحيد للخطر هنا”.
بذور الصمود: مشروع “حقول التضامن” يتمدد
رداً على مزاعم الاحتلال بأن مشروع “حقول التضامن” في قرية الرويحينة يمثل “تهديداً أمنياً” لقربه من الشريط المحتل، أكد الرفيق كاسترو أن الترهيب لن يوقف المد التعاوني، معلناً عن نية المشروع التوسع في قرى أخرى.
ولم يكتفِ المشروع بالجانب التنظيمي، بل انتقل إلى المقاومة الحيوية عبر توزيع بذور أصيلة (بلدية) تهدف إلى تحقيق السيادة الغذائية للفلاحين السوريين في الجولان والقنيطرة، بعيداً عن ارتهان السوق والشركات العابرة للحدود. وتتضمن خطة التوزيع بذوراً تمثل الهوية الزراعية للمنطقة، منها:
- بذنجان (ألمازي وموشح)، بندورة (تفاحة)، وفليفلة (جسكورية وفنخة).
- بطيخ سوري مخطط، خيار ديري، شمام عزوزي، وكوسا سوري.
- بالإضافة إلى بذور شتوية وغراس لأشجار مثمرة، كوفاء بالوعد الذي قطعه المشروع للفلاحين في أول زيارة لهم.
غياب الدولة والسيادة المنقوصة
أضاءت الحادثة على واقع ميداني خطير؛ حيث أشار الرفيق كاسترو إلى الغياب الفعلي لمؤسسات الدولة السورية فيما بعد “حاجز القنيطرة”، مما يجعل المنطقة عرضة للانتهاكات الصهيونية المستمرة، وكأن الحدود الفعلية قد رُسمت عند ذلك الحاجز، تاركةً الفلاحين في مواجهة مباشرة مع الغطرسة الصهيونية دون حماية رسمية.
إن حزب اليسار الثوري، إذ يحيي صمود الرفيق كاسترو وفريق “حقول التضامن”، يرى في زراعة هذه البذور فعلاً كفاحياً يربط بين تحرر الإنسان وتحرر الأرض، ويؤكد أن ريف القنيطرة سيبقى ساحة للنضال الشعبي والإنتاج المستقل رغم أنف الاحتلال.
