
جلسات حوار طويلة بدأتها الأطراف الكردية السورية، المتمثلة بقطبين رئيسين هما حزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD) و”المجلس الوطني الكردي” ومستقلين، منذ تشرين الثاني 2019، أبعدت حالة الجمود السياسي فيما بينها.
وبدأ الحوار الكردي- الكردي بمبادرة أطلقها قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، بعد العملية العسكرية للمعارضة السورية المدعومة تركيًا “نبع السلام” شرق الفرات، في تشرين الأول 2019، وإعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قرار انسحاب بلاده من بعض قواعدها في سوريا.
قطبا الحوار الرئيسان هما حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي يشكل نواة “الإدارة الذاتية” المسيطرة على شمال شرقي سوريا، و”المجلس الوطني الكردي” المقرب من أنقرة وكردستان العراق والمنضوي في هيئات المعارضة السورية، والذي سبق أن أُغلقت مكاتبه واُعتقل عدد من أعضائه وطُردت ذراعه العسكرية من المنطقة.
وأعلن الطرفان عبر بيان مشترك، في17 من حزيران الماضي، أن المرحلة الأولى من الحوار، الذي أطلق عليه شعار “وحدة الصف الكردي”، انتهت.
وأوضحا أن اتفاقية “دهوك” عام 2014 حول “الحكم والشراكة في الإدارة والحماية والدفاع”، تعد أساسًا لمواصلة الحوار، بهدف الوصول إلى التوقيع على اتفاقية شاملة في المستقبل القريب.
وتأتي هذه الاجتماعات بدفع من أطراف دولية، أبرزها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وسط حذر تركي وترقب من المعارضة والنظام السوري.
فبعد إثراء مسودة الاتفاق بين الأحزاب الكردية بالنقاشات والمداولات وتقديم الرؤى والاقتراحات على المسودة، اختتمت أعمال مؤتمر وحدة الصف والموقف الكردي بين الأحزاب الكردية ببيان ختامي ــ قرأه محمد إسماعيل ــ أُعلِن فيه إقرار بنود الاتفاق بإجماع الحضور.
وجاء في البيان:
انعقد كونفرانس وحدة الموقف والصف الكردي في روجآفاي كردستان بتاريخ 26/4/2025 في مدينة قامشلو بعد حوارات مكثفة وجهود مشكورة من الأصدقاء والأشقاء، بمشاركة الأحزاب الكردية، ومنظمات المجتمع المدني، وحركة المرأة والمنظمات النسائية والفعاليات المجتمعية الكردية المستقلة من مختلف المناطق الكردية في سوريا، بهدف اعتماد رؤية كردية موحّدة حول بناء سوريا الجديدة والمشاركة في رسم مستقبلها وحلّ القضية الكردية فيها، ذلك في هذه المرحلة الهامة من تاريخ سوريا، بعدما تم إسقاط نظام الاستبداد في دمشق في الثامن من كانون الاول لعام ٢٠٢٤، هذا النظام الذي استباح حرية وكرامة الشعب السوري بكل مكوناته القومية والدينية والمجتمعية، ودمَّر البلاد على كامل الجغرافيا السورية، وقتلَ وشرَّد وهجَّر الملايين من أبنائه، وبقدر ما قدم الشعب السوري من تضحيات لإسقاطه وإنهاء استبداده، وتحقيق حريته وكرامته، كما أن الشعب الكردي في سوريا لم يبخل أيضاً في تقديم التضحيات الجسام وآلاف الشهداء في مقارعة ذلك النظام، وناضل عقوداً طويلة في سبيل إزالة الاضطهاد القومي عن كاهله وتحقيق حقوقه القومية، وربط دوماً نضاله القومي بنضاله الوطني للإتيان بنظام ديمقراطي تعددي لكل السوريين.
وانطلاقاً من المسؤولية التاريخية واستجابة لمتطلبات المرحلة الراهنة، فقد تمت صياغة رؤية سياسية كردية مشتركة تعبر عن إرادة جماعية ومشروعاً واقعياً لحل عادل للقضية الكردية في سوريا كدولة ديمقراطية لامركزية.
وقد أقرّ المشاركون الرؤية الكردية المشتركة التي قدمت الى الكونفرانس، باعتبارها وثيقة تأسيسية تعبّر عن إرادة جماعية، وتقدّم مقاربة واقعية لحلّ عادل وشامل للقضية الكردية في إطار سوريا موحّدة، بهويتها المتعددة القوميات والأديان والثقافات، ويضمن دستورها الحقوق القومية للشعب الكردي، ويلتزم بالمواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان ويصون حرية المرأة وحقوقها ويمكنها من المشاركة الفاعلة في كافة المؤسسات.
وبإقرار الكونفرانس هذه الرؤية الكردية المشتركة فإنه يدعو إلى اعتمادها أساساً للحوار الوطني، سواء بين القوى السياسية الكردية ذاتها، أو بينها وبين الإدارة الجديدة في دمشق وسائر القوى الوطنية السورية، وتساهم في بناء سوريا جديدة، تتّسع لجميع أبنائها، دون إقصاء أو تهميش لأي مكون من مكوناتها، بعيداً عن الذهنية الأحادية تفكيراً وممارسة وتصون كرامتهم وحقوقهم دستوريا دون أي شكل من أشكال التمييز، وأن تحترم سوريا علاقاتها الإقليمية والدولية وتكون عامل استقرار وأمان في المنطقة.
وفي الختام قرر الكونفرانس تشكيل وفد كردي مشترك في أقرب وقت للعمل على ترجمة هذه الرؤية إلى واقع سياسي، والتواصل والحوار مع الأطراف المعنية لتحقيق مضامينها.
قامشلو 26 نيسان 2025
