
تعرّض ثلاثة سوريين، شابتان وشاب، ينحدرون من محافظة طرطوس، وعائلة من محافظة درعا، لعملية خطف متزامنة بفواصل زمنية متقاربة، وأرسل الخاطفون صوراً ومقاطع مصورة تظهر عملية تعذيبهم، بهدف ابتزاز ذويهم وإجبارهم على دفع فدية مالية كبيرة.
صافيتا
وتعد طرطوس، من أبرز مناطق سيطرة نظام الطغمة، وأفادت صفحات إخبارية محلية من ريف مدينة صافيتا، في ريف طرطوس، بأن الشابة كريستينا إبراهيم (21 عاماً) من أهالي قرية بيت المرج، خُطفت منذ عشرة أيام، أثناء سفرها إلى العاصمة دمشق، لإحضار بعض المواد للمكان الذي تعمل فيه.
ونقلت الصفحات عن شقيقة المختطفة قولها إن الخاطفين اتصلوا بهم من منطقة في ريف حمص، وطالبوهم بدفع فدية مالية قدرها 60 ألف دولار أميركي، كما هددوهم بأنهم سيقومون بقتلها وبيع أعضائها في حال عدم الدفع.
وقالت إن الخاطفين يقومون بتعذيبها بأبشع الطرق، وبدأوا بإرسال صور ومقاطع مصورة توثّق عملية التعذيب، مشيرةً إلى أنهم يتعرضون للابتزاز النفسي والمعنوي والمادي من قبل الخاطفين، كما ناشدت الأجهزة الأمنية للمساعدة في تحريرها.
وانتشرت مقاطع مصورة في صفحات التواصل الاجتماعي، تظهر الشابة كريستينا وهي تتعرض لعمليات تعذيب بشعة وسادية من قبل خاطفيها، وسط اطلاقها نداءات استغاثة لتخليصها من التعذيب وإطلاق سراحها، كما تظهر صور آثار الدماء والكدمات واضحة على جميع أجزاء جسدها، جرّاء تعذيبها.
محمد وجودي
وعلى خطٍ موازٍ، تعرض الشاب محمد أحمد الفضلي للاختطاف من قبل عصابة قامت بنقله إلى منطقة في ريف حمص قرب الحدود مع لبنان، قبل أن يقوم الخاطفون بإرسال صور لذويه تظهر تعرضه للتعذيب الشديد، لابتزازهم لأجل دفع فدية مالية 50 ألف دولار أميركي، مقابل إطلاق سراحه.
كذلك، تعرّضت الشابة جودي زغيبة لعملية اختطاف قبل يومين، في ظروف مجهولة، قبل أن تُعلن عائلتها ليل الجمعة، العثور عليها “بجهود من فرع الأمن الجنائي في طرطوس ورئيسه العميد ياسر العلي”، من دون أن توضح ملابسات القضية.
وفي خضم العجز الذي تواجهه الأجهزة الأمنية في العثور على محمد وكريستينا، نشر مراسل فرع الأمن الجنائي في دمشق، رواية تعاني الركاكة الشديدة، قائلاً إن الشابة جودي خرجت من منزلها لخلافات عائلية من دون أوراق ثبوتية لشخصيتها، قبل أن تجدها امرأة من بلدية الحسينية في ريف دمشق الجنوبي، و”تنسق” الأخيرة مع رئيس الفرع في طرطوس ومختار البلدة لتسليمها إلى ذويها، ليتساءل متابعوه كيف قطعت الحواجز الأمنية بين المحافظتين من دون تلك الأوراق؟
3 مخطوفين من طرطوس وعائلة من درعا
وفي حال صحة رواية مراسل الفرع، فإن المشترك في رواية المختطفتين محمد وكريستينا أنهما خطفا ونقلا إلى ريف حمص قرب الحدود مع لبنان، بينما المشترك بين الحوادث الثلاث أن المختطفين فيها ينحدرون من طرطوس.
وتنتشر في ريف حمص عند الحدود بين سوريا ولبنان، عصابات تهريب مسلحة بعضها مدعوم من الفرقة الرابعة وأخرى من قبل الأفرع الأمنية، لكن أبرزها هي عصابة شجاع العلي، والذي حصل على مئات الملايين من عمليات خطف سابقة بحق سوريين كان يحاولون عبور الحدود بين البلدين.
حيث اختطفت العصابة المدعومة من الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، عائلة تتحدر من محافظة درعا، أثناء محاولتها اجتياز الحدود السورية للدخول إلى لبنان.
عصابة شجاع العلي
وقال “تجمع أحرار حوران” إن عصابة المدعو شجاع العلي، المدعومة من الفرقة الرابعة، اختطفت السيدة خديجة الفلاحة، وثلاثة من أبنائها، قرب منطقة وادي خالد اللبنانية، أثناء محاولتهم اجتياز الحدود السورية والدخول إلى لبنان. وأضاف “التجمع” أن العائلة المتحدرة من مدينة الصنمين في ريف درعا الشمالي، تعرضت للتعذيب الشديد من قبل الخاطفين، مشيراً إلى حصوله على مقاطع مصوّرة تثبت ذلك، لكنه يتحفظ على نشرها نظراً لقسوتها.
وأكد أن العصابة الخاطفة تواصلت مع ذوي المخطوفين وطلبت فدية مالية قدرها 60 ألف دولار أميركي لقاء إطلاق سراحهم، ومن ثم خفضت المبلغ إلى 25 ألف دولار، فيما أطلق نشطاء من درعا بياناً، هددوا فيه بالتصعيد وإغلاق الأوتوستراد الدولي دمشق- عمّان في حال لم يتم الإفراج عن الممخطوفين.
انتقاد لأمن نظام الطغمة
وانتقد الصحافي السوري المعارض من طرطوس، كنان وقّاف، تقاعس الافرع الأمنية عن تحرير المختطفين، قائلاً في “فايسبوك”: “تتحرك كل الفروع الأمنية بعتادها وعديدها وتسير (الراشدات) المتطورة لتعقب إرسال جوال مواطن بسيط كتب كلمتي انتقاد عن أصغر مسؤول على صفحته، ويتم تحديد مكان تواجده بدقة متناهية، ليلقى القبض عليه بعد ربع ساعة”.
وأضاف: “لكن الفروع نفسها تخترع مائة حجة وتقص ألف حكاية لتبرير فشلها في إنقاذ فتاتين خطفتا منذ أيام مع المطالبة بفدية جهاراً نهاراً”. وتابع: “الخاطفون لا يسكنون في المريخ، وعملية الخطف تمت في مناطق سيطرة الدولة، ويراسلون أهالي المخطوفتين من جوالات تستعمل الشبكات السورية، تفضلوا فرجونا مراجلكم”.
نظام الطغمة عاجز
ولاتزال الجهات الأمنية في النظام السوري تقف عاجزة أمام كبح جماح تلك العصابات التي تتمتع بنفوذ وسلطة كبيرين، نظراً لتبعيتها للفرقة الرابعة، ومشاركتها معها في معارك مدينة حمص وريفها، كما أنها مدعومة من قبل شخصيات من الأفرع الأمنية.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن العصابات تتقاسم مبالغ الفديات التي تحصل عليها من العائلات السورية بعد خطفهم، مع شخصيات نافذة في الفرقة والأجهزة الأمنية.
