في الرواية.. تفاصيل.. تفصيل ثانوي
شارك:
- النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X
- انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة) فيس بوك
- انقر للمشاركة على Telegram (فتح في نافذة جديدة) Telegram
- انقر للمشاركة على WhatsApp (فتح في نافذة جديدة) WhatsApp
- اضغط للطباعة (فتح في نافذة جديدة) طباعة
- النقر لإرسال رابط عبر البريد الإلكتروني إلى صديق (فتح في نافذة جديدة) البريد الإلكتروني
إن الحديث عن تفصيل ثانوي, والذي مُنع قذارة ووساخة من جائزة معرض فرانكفورت للكتاب بحجة معاداة السامية. لا يكرس مقولة القارئ الغبي فقط. والمؤسسة الغبية, بل يكرس أيضا مقولة الناشر الغبي, والناقد الغبي أيضاً. الذي لا يستطيع في الرؤية النقدية, أن يفصل ما بين النص القصصي, والنص الروائي.
لا يمكن تصنيف تفصيل ثانوي لـ عدنية شلبي على أنه عمل روائي وفق جميع شروط بناء الرواية الحداثوية, أو الكلاسيكية, أو التاريخية السوقية الدارجة أو الشائعة. أو حتى الرواية المتعارف أو غير المتعارف عليها. بدءً من عدد الكلمات, أو الصفحات.. انتهاءً بالتقنيات البسيطة أو المعقدة من سرد للحكاية في الرواية. إلى بناء الرواية في الحكايات والعمارات والشخصيات والأزمنة.
طبعاً.. أقول ذلك بغض النظر عن الضجة التي أثيرت حول العمل, والتي دفعتني لقراءته لمناصرة الكاتبة أولاً, وإدانة إدارة المعرض الحثالة في فرانكفورت. وهي ضجة أكثر غباء من لجنة التحكيم التي لا تجيد التفريق ما بين القصة القصيرة والرواية.
أن الكاتبة لم تدن الاحتلال في القصة القصيرة الأولى من الكتاب, ولا في القصة الثانية من الكتاب ذاته, الكتاب الذي يتألف من قصتين قصيرتين منفصلتين فقط. وان تفصيل ثانوي ليس على درجة بالغة من الخطورة ضد السامية المزعومة في الهراء الكوني.
ذلك.. لأنه لم يرو الواقعة كما وقعت بالفعل. أو كما رواها مرتكبوها بعظمة لسانهم. بعد ما يقرب من خمسين سنة من ارتكابها. بهذا المعنى يبدو الكتاب تجميلا لسيرة أولئك المجرمين وتبرئة لهم.
في الكتاب تبدو واقعة القتل, أقرب إلى واقعة القتل الرحيم للفتاة, التي خضعت للتحرش من قبل الضابط الذي تجهد الحكاية في محاولة تبرير فعلته في الرواية.. التحرش, وليس الاغتصاب الكامل.
والتحرش كان ناجماً عن حالة حمى وصل اليها الضابط بعد تعرضه للدغة في أعلى الفخ منذ اليوم الأول لوصوله إلى النقطة التي أقام عليها المعسكر مع جنوده.
تقول الحكاية في الكتاب. أنه بعد أن أنجز اعمال المعسكر. توجه مع جنوده في الصحراء بحثا عن اعداء محتملين من سكان الأرض الأساسيين. إلا أنهم لم يعثروا سوى على ستة جمال قاموا بقتلها, إضافة إلى الفتاة وكلبها. وقد قام باصطحابهما الى المعسكر.
في المعسكر كما تشير شلبي أن الفتاة تلقت معاملة أكثر من حسنة. لقد تم تنظيفها واستبدال ثيابها المليئة بالحشرات بثياب نظيفة. ثم تم تعيين حارس كي يهتم باطعامها وحمايتها من الجنود الذين خضعوا للتهديد بالقتل في حال تجرأ احدهم على فعل لا أخلاقي. إلا انه وفي اليوم الثالث من اللدغة وبعد اشتداد الحمى عليه.
اقترب من الفتاة وتمدد فوقها دون أن ينزع عنها ثيابها. وفي الصباح يأمر الجنود بابعادها عن المعسكر وقتلها دون اغتصاب لأنهم سيرحلون عن المكان بعد انجاز مهمتهم, ولا يعرف لمن سيتركها. هنا في لحظة الحيرة وعدم الثقة بأحد يبدو القتل رحيما. وعنده تنتهي القصة الأولى التي لم تشر ولو اشارة سريعة الى ان جنوده قد قاموا بقتل سكان اصليين في المنطقة.
بالمقابل ..
في شريط وثائقي على يوتيوب, يعترف ثلاثة من الجنود, وهم كما ظهروا في الشريط من الذين تتجاوز أعمارهم الثمانين عاما, ويجمعون في إفاداتهم . على انهم اقتحموا قرية اسمها ,, الطنطورة ,, وقاموا بجمع السكان قاطبة, ثم أطلقوا عليهم النار وأردوهم قتلى بلا رحمة, كما لو مجموعة من الحيوانات. يقول أحد مرتكبي المجزرة: بعد أن قتلناهم جميعاً أبقينا على فتاة, وقمنا باغتصابها. أي جميع الجنود قاموا بفعل الاغتصاب., ويضيف وهو يضحك: ثم قتلناها أيضاً.
يضيف جندي آخر قائلاً بعد وصفه لما حدث من قتل واغتصاب: ان هذا العمل يعتبر وصمة عار في تاريخ اسرائيل, وعلينا أن نخجل من ذكره, وعلينا أن لا نذكره بعد الآن أبدا.
إذا.. بالمقارنة بين رواية الجنود, وحكاية الكتاب. نكتشف أن النص الادبي التاريخي في القصة القصيرة لعدنية شلبي, يتضمن على نسبة عالية جدا من التزييف في طبيعة الواقعة أو الحادثة, وإضفاء نوع من الجمالية عليها مجاراة للسامية, عبر رومنتيكية ميلودرامية تعتمد على ادرار حليب الماعز من عينيه.. في حين اعترافات الجنود تدين السامية ادانة لاحد لها.
الروائي السوري علي عبدالله سعيد
