
يرفض حزب “تيار اليسار الثوري في سوريا” اعتماد العقوبات الاقتصادية على أية دولة وسيلةً للتعامل بين الدول. فالعقوبات التجارية والمالية التي تفرضها عادةً الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي على دول أخرى هي في الواقع ليست سوى حصار على شعوب تلك الدول. أما الزعم بأنها تؤدّي إلى معاقبة الحكّام وإخضاع الأنظمة أو تأليب السكّان ضدها فتدحضه كل الوقائع والتجارب في العالم. وفي سوريا على الأخص، لم تؤثر كل العقوبات الاقتصادية المفروضة (وآخرها القانون الأميركي المُسمّى “قانون قيصر”) في سياسات النظام وطريقة تعامله مع شعبه، لا بل إنه حمّل معظم آثار ونتائج هذه العقوبات للمواطن العادي وتحرر هو من عبئها المباشر عليه.
في الواقع، إن ما تؤدي إليه تلك العقوبات فعليًا، وبمعزل عن طبائع الأنظمة التي تدَّعي العقوبات إصابتها، هو تشويه المجتمع، وإصابة بنيته الأساسية، والتضييق على حياة السكّان وازدياد أوضاع الفئات المهمشة والفقيرة بؤسًا، واتساع نطاق البطالة، وتشجيع المهرّبين والمحتكرين، ودفع من يستطيع إلى مغادرة البلاد، وإضفاء شرعية شعبية على السلطات القائمة كونها تصبح في موقع الدفاع ضد خارج معتدٍ على أهل البلد.
العديد من الدول تستخدم العقوبات الاقتصادية أداةً للسياسة الخارجية، والأهداف المعلنة لهذه العقوبات تختلف عن تلك المضمرة أو الحقيقية. والأدلة على ذلك عديدة فالدول الإمبريالية التي تستخدم هذه الأداة غالبًا ما استخدمتها مع دول دعمت أنظمتها لفترات طويلة، وخير مثال على ذلك الولايات المتحدة الأميركية في تعاملها مع العراق وسوريا، ما يبدِّد كل مزاعم الدوافع الأخلاقية وراء العقوبات. وعلى الأغلب، إن الغاية الحقيقة من العقوبات هي إرغام “الحلفاء” على السير في ركب الدولة التي تفرض العقوبات، وإخضاعهم لتحقيق مكاسب لا علاقة لها بالدولة المستهدفة التي يُستَخدَم شعبها، قبل حكّامها، بوصفهم أدوات رخيصة للتغطية على الفشل السياسي.
لقد أصبح جليًا أن العقوبات الاقتصادية على سوريا لن تُرغم النظام السوري على تغيير سلوكه ومواقفه تجاه شعبه، فهو يعلم أنه يستطيع التعايش معها لعشرات السنين ولن تُسقطه، كما لم تُسقط أي نظام آخر فُرضت عليه والأمثلة من التاريخ كثيرة (حصار كوبا – كوريا الشمالية – إيران – العراق – جنوب أفريقيا – فنزويلا…). في المحصلة، الشعوب هي من تدفع الثمن دائمًا.
إننا في حزب “تيار اليسار الثوري في سوريا” ندين سياسات العقوبات الاقتصادية الإمبريالية كما ندين نظام الطغمة الحاكمة في دمشق لعرقلته جهود الإغاثة الدولية ولجوئه إلى المساومة والابتزاز في الكارثة الإنسانية السورية والتركية لأجل تحقيق مكاسب سياسية، مما تسبب بأكبر عدد من الضحايا بين المدنيين. ونعد نظام الطغمة الحاكم في دمشق المسؤول الأول عن الكارثة التي حلت ببلادنا، ويتحمل المسؤولية الكبرى على كل الصعد، بوحشيته ضد الشعب، عن الخراب والدمار، والحالة المزرية التي أصابت بلادنا والشعب السوري برمته.