
تونس: الاتحاد العام التونسي للشغل
يراهن الاشتراكيون على الطبقة العاملة من أجل تحقيق انتصارات ضد الطبقات الحاكمة وضد نظامها القائم على الاستغلال والاستبداد. فالطبقة العاملة لديها الإمكانية لإلحاق خسائر مادية بالنظام دون أن تخسر شيئًا، على النقيض من بقية الطبقات التي تتضرر مباشرةً فورَ انعدام الاستقرار وتعطل الإنتاج.
إذ يكتشف العمال من طريق الإضرابات أهمية دورهم في العملية الإنتاجية، ويزداد وعيهم بمصالحهم الطبقية. لا يمكن بناء تنظيمات نقابية وعمالية تناضل من أجل التحرر دون الإضراب ضد الاستبداد والاستغلال. الدفاع عن الحقوق الاقتصادية (التي تُهاجم أحيانًا بأنها مطالب فئوية) هو جزء أساسي وضروري لبناء التنظيمات التي تتحرر بوساطتها الطبقة العاملة.
يرى الاشتراكيون أن تحرر العمال جزء من تحرر عموم التونسيين، وطالما اقتصر نضال الطبقة العاملة على الدفاع عن الحقوق الاقتصادية فهي لن تتحرر من الاستغلال والاستبداد. الدفاع عن الديمقراطية يخدم مصالح الطبقات الشعبية، وفي قلبها الطبقة العاملة. ومن مهام الاشتراكيين التأثير في العمال من أجل الدفاع عن الحريات السياسية للجميع وعن الديمقراطية حتى وإن كان ذلك في نظام رأسمالي وفي ظل حكم الطبقة البرجوازية. بل يرى الاشتراكيون أنه في غياب دور فعال للطبقة العاملة في الدفاع عن الحريات ستكون الديمقراطية فارغة من أي مضمون اجتماعي وغير مستقرة ومهددة باستمرار. ولذلك فالطبقة العاملة يجب أن تلعب دورًا قياديًا في معركة النضال من أجل الديمقراطية.
ماذا عن البيروقراطية النقابية؟ ماذا عن الاتحاد؟
بالنسبة إلى الاشتراكيين، الموقف من الاتحاد يجب أن يخدم مصالح الطبقة العاملة، متضمنًا معركة النضال من أجل الديمقراطية التي تهم عموم التونسيين، ويأخذ بعين الاعتبار أيضًا أن عملية التحرر بالنسبة إلى العمال هي عملية ذاتية وجماعية… فمن غير الممكن تحريك الجماهير العمالية بتوجيه دعوات لهم من فوق رؤوس القيادات النقابية، كما لا يمكن السكوت عن انتهازية البيروقراطية وعدم مواجهة هيمنتها على وعي العمال.
في تونس اليوم، يمكن تلخيص ما يجب فعله بدعم البيروقراطية كلما تحركتْ ضد السلطة وفضح انتهازيتها كلما تراجعتْ أو قدمتْ خدمة للانقلاب… مع التأكيد على ضرورة شرح ذلك بكل صبر ومحاولة إقناع العمال والنقابيين.
ومن ثم، في حين يرى بعض الإسلاميين والليبراليين والديمقراطيين عمومًا أن الاتحاد كان له دور سلبي في السنوات العشرة الأخيرة، لأنه كان يعطل الإنتاج ويبتز الحكومات… يهتم الاشتراكيون بدور الاتحاد في تعطيل الثورة وتعطيل عملية تحرر العمال من الاستغلال.
بالنسبة إلى الاشتراكيين، فإن أجهزة الدولة في خدمة الطبقة الحاكمة، أي إن الدولة هي في خدمة العدو الطبقي. ودور الاشتراكيين هو تعطيل البرجوازية في سعيها لاستخدام الدولة من أجل تثبيت نظام القهر والاستغلال… ويعني ذلك مواصلة النضال من أجل المزيد من الديمقراطية حتى في ظل نظام “ديمقراطي”… وتوسيع مفهوم الديمقراطية ليشمل المساواة الاجتماعية.
لا يقبل الاشتراكيون بشعار مثل “الاتحاد.. الحل في حله” لأنه شعار لن يؤدي إلا لضرب الحقوق النقابية للعمال. فمن الذي سيحل الاتحاد؟ إن كان المقصود هنا الدولة، فذلك موقف شديد اليمينية، بل يغذي أفكارًا أقرب للفاشية… وإن كان المقصود دعم العمال في تحررهم من هيمنة البيروقراطية النقابية، ومنه رفض الاقتطاع الآلي من الأجور والدفاع عن الحق في التعددية النقابية فهي مطالب ديمقراطية مشروعة، ولكن الشعار غير مناسب ولا يحترم دور العمال في عملية تحررهم.
في هذه اللحظة السياسية التي تتلخص في مساندة البيروقراطية النقابية للانقلاب في البداية، والإصرار على التمسك بموقف معادي للديمقراطية والحريات السياسية للجميع، وموقف انتهازي يغلب مصالح شريحة البيروقراطية على مصالح الطبقات الشعبية وفي قلبها الطبقة العاملة… في هذه اللحظة السياسية التي تتنكر فيها قيادة الاتحاد لحقوق عموم التونسيين في تقرير مصيرهم، لا يمكننا أن ندافع عن قيادات الاتحاد حتى وإن كانت تتعرض لنقد يعكس أفكارًا يمينية.
ما يهم الاشتراكيين هو الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة، ولذا سندعم نضال العمال من أجل حقوقهم الاقتصادية والحريات دون شرط، سواء كانوا يسيرون وراء قياداتهم النقابية أم في الاتجاه المعاكس… وندعوهم إلى ربط نضالهم الاقتصادي والاجتماعي بالنضال السياسي من أجل الديمقراطية، ومن أجل حق كل التونسيين في تقرير مصيرهم دون استثناء ودون إقصاء.
اشتراكيون ضد الانقلاب