
في ليلة دامية من الأحد 16/3/2025 إلى الاثنين، ارتفع عدد ضحايا الغارات الجوية التركية على منطقة كوباني في شمال شرق سوريا إلى تسعة مدنيين، بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى إصابة اثنين آخرين. هذه المجزرة الجديدة تُضاف إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات التركية التي تستهدف بشكل مباشر المدنيين الكرد، وتُعزز الصراع الإمبريالي في المنطقة، حيث تُستخدم القضية الكردية كأداة في صراع القوى الإقليمية والدولية.
الغارات التركية: استهداف ممنهج للمدنيين
وفقًا لبيان صادر عن قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، قصفت طائرات تركية منزل عائلة تعمل في الزراعة جنوبي كوباني، ما أدى إلى مقتل تسعة أفراد من عائلة واحدة وإصابة اثنين آخرين. الضحايا، الذين ينتمون إلى عائلة عبدو، هم: آهين، دجلة، دلوفان، ياسر، عزيزة، صالحة، آفيستا، عثمان بركل (الأب)، وغزالة أوصمان (الأم). هذه المجزرة ليست الأولى من نوعها، حيث تُواصل تركيا، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، استهداف المدنيين الكرد في المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية.
تركيا، التي تصنف وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) كذراع لحزب العمال الكردستاني (PKK)، تُبرر غاراتها بأنها جزء من “الحرب على الإرهاب”. إلا أن هذه الغارات، التي تُسفر عن سقوط عشرات الضحايا المدنيين، تكشف الوجه الحقيقي للسياسة التركية التي تهدف إلى إضعاف المشروع الكردي الديمقراطي في شمال سوريا، والذي يُشكل تهديدًا لطموحات أنقرة الإقليمية.
الصراع الإمبريالي والقضية الكردية
تُعتبر القضية الكردية واحدة من أبرز تجليات الصراع الإمبريالي في الشرق الأوسط. فمنذ تأسيس الجمهورية التركية، واجه الكرد سياسات قمعية تهدف إلى إنكار وجودهم الثقافي والسياسي.
تركيا، التي تسعى إلى تعزيز نفوذها في شمال سوريا، تُحاول إجبار الإدارة الذاتية على الاندماج في النظام السوري الجديد. وفي هذا الإطار، وقع أحمد الشرع اتفاقًا مع قوات سوريا الديمقراطية ينص على “دمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن ادارة الدولة السورية”. إلا أن هذا الاتفاق، الذي يُفترض أن يدخل حيز التنفيذ بحلول نهاية العام، يُعتبر محاولة لتصفية المشروع الكردي الديمقراطي، الذي يُشكل تجربة فريدة في بناء نظام سياسي قائم على الديمقراطية التشاركية والمساواة بين المكونات الإثنية والدينية.
مجزرة كوباني ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى إخضاع الشعب الكردي وإفشال تجربته الديمقراطية. من واجب اليسار الثوري في العالم أن يُعلي صوته ضد هذه الانتهاكات، وأن يُعبر عن التضامن مع النضال الكردي من أجل الحرية والعدالة.
في الوقت نفسه، يجب على الحركة الثورية العالمية أن تُدرك أن النضال ضد الإمبريالية والرأسمالية لا يمكن أن يقتصر على دعم القضية الكردية، بل يجب أن يشمل أيضًا بناء تحالفات مع كل القوى التقدمية في المنطقة، من أجل إسقاط الأنظمة الاستبدادية وبناء مجتمع قائم على العدالة الاجتماعية والمساواة.
في يوم شهداء كوباني، نُجدد التزامنا بالنضال من أجل عالم خالٍ من الاستغلال والقمع، عالم تُصان فيه حقوق جميع الشعوب في تقرير مصيرها
محرر القضية الكردية_ الخط الأمامي
