
أكد الرفيق غياث نعيسة، عبر وكالة أنباء هاوار أن حملات التوطين التي ينفذها الاحتلال التركي في الشمال السوري تأتي في سياق السياسات الاستعمارية التركية، وأشار إلى أن تركيا تمثل تهديداً حقيقياً لسوريا ومستقبلها، كما انتقد مواقف المجتمع الدولي وحكومة دمشق، ودعا إلى وحدة النضال بين الشعبين الكردي والعربي لمواجهة هذه المخططات.
حيث انضم، المنسق العام لتيار اليسار الثوري في سوريا، الرفيق غياث نعيسة، إلى برنامج خاص عبر وكالة أنباء هاوار، تحدث خلاله عن حملات التوطين التي ينفذها الاحتلال التركي في الشمال السوري تحت اسم “العودة الطوعية للاجئين السوريين” وأهداف هذه الخطوة ومخاطرها ومواقف كل من المجتمع الدولي وحكومة دمشق ودور “الائتلاف” في خدمة هذه السياسات.
خطوة في سياق السياسات الاستعمارية
استهل حديثه، قائلاً: “هذه الخطوة تأتي في سياق سياسات الحكومة التركية منذ تدخلها السافر العسكري واحتلالها للأراضي السورية منذ عام 2016 بشكل خاص ما حصل في عفرين، مسألة التغيير الديمغرافي الهائل الذي نفذته هناك، تهجير السكان، ضم الأراضي، ربط المنطقة بالاقتصاد والعملة التركية، بالتعليم التركي، الصحة التركية، البريد التركي، إلى آخره”.
وأضاف “عملية التتريك الهائلة تشير إلى أن هدف الحكومة التركية هو ليس احتلالًا عاديًا تقليديًا بمعنى آخر بقدر ما هو عملية دمج وضم استيطاني لمناطق سورية فيندرج تحت ذلك المشروع الأخير الأردوغاني بخلق 250 ألف وحدة سكنية ودفع اللاجئين السوريين الذين لم يطلبوا شيء، هم هربوا من مصائب الحرب وما يجري في سوريا، قصراً إلى أن يتحولوا إلى مستوطنين وإلى حماة للدولة التركية عبر وضعهم في هذه المنطقة الحدودية”.
أهداف تركيا من ذلك؟
وحول أهداف الدولة التركية وارتباط ذلك بقرب الذكرى المئوية لمعاهدة لوزان والحديث عن العثمانية الجديدة، قال نعيسة: “تشير كل العوامل على أن هدف الدولة التركية من جهة اقتطاع أجزاء من الأراضي السورية مثل لواء اسكندرون، وثانيًا خلق حرس حدود لها في المناطق السورية، وثالثًا منع السوريون من السيادة على أراضيهم ومنع الشعب الكردي من أي طموح له في الاعتراف بهويته القومية وحقوقه المشروعة”.
وأوضح: “الدول التوسعية مثل تركيا تعمل على الترميز، بمعنى العمل على المخيال التاريخي والرمزي لأحداث تاريخية، لذلك ربما يكون مرتبط بقرب الذكرى المئوية لمعاهدة لوزان والحديث عن العثمانية الجديدة”.
وأضاف الرفيق غياث “هناك رسالة تريد أن ترسلها إلى الداخل التركي وخصوصًا هناك تهييج قومي شوفيني في تركيا، ناتج عن أن حكومة أردوغان وحليفتها الحركة القومية وضعهم الانتخابي ضعيف، فاللعب على مشاعر الشوفينية التركية له أهداف انتخابية في تركيا”.
تركيا تشكل تهديد حقيقي لمستقبل سوريا
السياسي السوري، قيم خلال حديثه الدور التركي منذ انطلاق الأزمة السورية وحتى الوقت الحالي، قائلاً: “من أسوأ الأطراف التي تدخلت في الوضع السوري هم تركيا وقطر لأسباب عديدة، منها أن تركيا وقطر دعمت القوى المتشددة والإرهابية وهذه القوى هي التي أجهضت الثورة الشعبية السلمية في البداية، ثانيا هناك تدخل عسكري تركي بالتعاون مع مرتزقة سوريين وبالتفاهم مع جبهة النصرة الإرهابية والمشروع المطروح لسوريا هو تفكيكها على أساس طائفي وأثني وعرقي، بالتالي تركيا تشكل تهديد حقيقي للوضع السوري ولمستقبل سوريا”.
وأضاف “ما تفعله تركيا ينم على أنه مشروع يسير بشكل مشابه لما جرى في لواء أسكندرون، مسألة تتريك المناطق السورية المحتلة، الآن مشروع توطين مليون لاجئ سوري بالقوة على الشريط الحدودي السوري، وإذا بقي الحال كما هو عليه لسنوات قادمة، بالتأكيد هناك خطر من أن تكون هناك لعبة سخيفة ومبتذلة كما فعلت في لواء اسكندرون في الثلاثينات من القرن الماضي وأن يعملوا استفتاء وتنضم هذه المناطق إلى تركيا. هذه لعبة تقليدية للحكومات التوسعية التركية. هذا خطر موجود ويجب إدانته وفعل كل ما يمكن لإخراج المحتل التركي من الأراضي السورية كلها وكل المحتلين”.
أستانا.. منصة لتنظيم النفوذ والتنافس
وحول دور ضامني أستانا، قال الرفيق غياث: “هذه الدول الثلاثة (روسيا – تركيا – إيران) كانت أستانا بالنسبة لهم منصة لتنظيم مناطق نفوذهم ولترتيب التنافس فيما بينهم، بمعنى أنها منصة للمفاوضات بينهم على النفوذ والمصالح داخل سوريا، فمثلًا في حالة عفرين 2018 كان بتفاهم إلى حد ما مع الروس وأيضاً بغض الطرف إن لم يكن حتى بتفاهم مع النظام السوري للأسف، لًاحقا في 2019 كان بغض النظر من الولايات المتحدة الأميركية عن ما سمي بنبع السلام. بالتالي الدول الإقليمية والدولية الفاعلة والمتدخلة والمحتلة في سوريا تنظم نفوذها فيما بينها البعض وليس للسوريين أي مصلحة. في الواقع لا يمكن أن نعتمد على أيًا منها”.
‘المجلس الوطني هو عبارة عن خرقة تستخدمها تركيا’
الرفيق غياث، قيم دور ما يسمى بالائتلاف، قائلاً: “موقفنا منذ البداية أن الائتلاف وقبله المجلس الوطني هو عبارة عن خرقة تستخدمها تركيا. هؤلاء لم يعد ينطبق عليهم كلمة المعارضة، وبالتأكيد ليست لا معارضة وطنية ولا ديمقراطية. هم مجموعة من المرتزقة التابعين لهذه الدولة أو تلك، أما المعارضة الحقيقية للسوريين هي المعارضة التي تعنى بقضايا الشعب السوري عموماً لها تصور لمستقبل سوريا عموماً، لها تصور لمستقبل سوريا، تعنى بكل السوريين على قدم المساواة، والأهم من كل ذلك أنها ليست مرتهنة لهذه الدولة أو تلك. بالتأكيد الائتلاف لا يملك أي صفة من صفات المعارضة الوطنية الديمقراطية، مجموعة من التابعين للأجهزة المختلفة للدولة التركية. هم آمعات”.
حكومة دمشق تنظر إلى الأمور من منظور مصلحتها الضيقة
تحدث الرفيق غياث عن موقف حكومة دمشق، قائلاً: “للأسف النظام السوري مارس سلسلة من الأخطاء الطويلة منذ عقود لكنها كانت فاجعية وكارثية منذ انتفاضة السوريين 2011 التي كانت سلمية في البداية وتغيرت الأمور وهزمت الثورة على حساب خراب عام في البلد”.
وأضاف “مشكلة النظام في سوريا أنه لا يرى الأمور من منظور المصلحة العامة للشعب السوري ولمستقبل سوريا بقدر ما يرى الأمور من منظور بقاءه هو ومصلحته الضيقة، وكثير من الخيارات التي قام بها، قام بها من هذا المنظور فشكلت ضررًا على الوضع السوري الراهن ومستقبل سوريا ومسألة عفرين مثال على ذلك”.
وأكد الرفيق غياث “النظام مستعد أن يتفاوض مع تركيا، ويترك تركيا محتلة لهذه المناطق طالما هناك مصلحة مشتركة وهي ضيقة الأفق ومضرة لمستقبل سوريا، يمكن أن يتفق مع النظام التركي من أجل اجهاض تجربة الإدارة الذاتية، لكن هذا ضيق الأفق وخطير على مستقبل السوريين والشعب السوري وسوريا ككل وكمصير مشترك للسوريين، فهو يفاقم الأزمة والتمزق الحاصل في سوريا. يجب إدانة هذا الموقف من النظام السوري”.
المجتمع الدولي.. كذبة كبيرة
قيم الرفيق غياث دور المجتمع الدولي، قائلاً: “هناك كذبة كبيرة اسمها المجتمع الدولي، المجتمع الدولي وكأنه انسان طيب وعنده مواقف أخلاقية، هذا كلام غير دقيق وليس هكذا تقاس المسائل، هناك مصالح للدول الإقليمية والدولية تتقاطع هذه المصالح مع بعضها أحيانا وأحيانا تفترق، تركيا دولة إقليمية الآن الغرب يحتاجها في الصراع نتيجة الحرب الأوكرانية، وروسيا تحتاجها، النظام التركي يلعب في الهامش بين هاتين القوتين”.
وأضاف “الاعتماد لا يجب أن يكون على الحكومات، في المجتمعات الغربية على وجه الخصوص هناك الشعوب وقوى التحرر والديمقراطية ولها تأثير في السياسات وفي مسار الأمور، حليفنا الحقيقي هو قوى التحرر والشعوب في هذه البلدان وهناك تعاطف عظيم مع قضية الشعب السوري وأيضًا مع قضية الشعب الكردي، علينا أن ننمي شبكة التضامن والتعاطف مع قضايانا، هذا هو المجتمع الدولي والحقيقي بالنسبة لنا وليس الحكومات التي مصالح واعتبارات اقتصادية وجيوسياسية ولا يهمها مصيرنا ولا مصير لا الشعب الكردي ولا العربي ولا كل هذه المسائل”.
لبناء مستقبل أفضل.. يجب توحيد النضال بين الشعبين الكردي والعربي
وفي ختام حديثه وجه رسالة إلى السوريين، قائلاً: “تعالوا إلى كلمة سواء فيما بيننا أيها السوريين الوطنيون والديمقراطيون بغض النظر أين أنتم وأين تقفون، كلمة السواء هي أثبتت الوقائع على أن هذه الدول وبالأخص تركيا لا تعمل لمصلحة السوريين ولا للشعب السوري ولا للإسلام، تعمل لمصالحها وعلى اجتثاث جزء من الأراضي السورية وعلى حساب السوريين وبالتالي تعالوا نعمل سوياً لنبني مستقبل أفضل لسوريا وهذا يتطلب أولًا التعاون ووحدة النضال بين الشعبين الكردي والعربي في سوريا وبقية المناطق”.
حوار أجرته وكالة أنباء هاوار مع الرفيق غياث نعيسه
الخط الأمامي ـ تيار اليسار الثوري في سوريا