
انشغل السوريون والعالم أجمع، بهول المشاهد التي تضمنها تحقيق لصحيفة “الغارديان” البريطانية، حول “مجزرة التضامن”، إذ أشار الرفيق، غياث نعيسة، إلى أن المجزرة “أعادت إلى ذاكرة السوريين المتألمة صور أبشع ارتكبت من قبل النظام وقوى الثورة المضادة”، وأكد بأن “مسد هو الأكثر تأهيلاً لمتابعة ملف ملاحقة الجناة”.
نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانيّة، في السابع والعشرين من أبريل (نيسان) الماضي، تحقيقاً مطوّلاً، أرفقته بمقاطع فيديو تُظهر قيام عناصر من مرتبات الفرع 227 أو ما يُعرَف بـ “فرع المنطقة” من جهاز المخابرات العسكرية التابع لحكومة دمشق، بعمليات إعدام جماعية لمدنيين في “حي التضامن” الدمشقي.
وتحدثت الصحيفة عن تفاصيل المجزرة التي ارتُكبت في أبريل (نيسان) 2013، حيث تم إلقاء القبض على مجموعات من المدنيين، بينما تظهر لقطات مقطع الفيديو أن الضحايا كانوا معصوبي الأعين، ومقيدي الأيدي ويُقتادون من قبل عنصر مخابرات يدعى أمجد يوسف نحو حفرة الإعدام، ومن ثم يتم إلقاؤهم بها وإطلاق النار عليهم.
كما أظهرت اللقطات قيام مرتكبي المجزرة بتكويم الجثث فوق بعضها وحرقها، فيما تحدثت تقارير بحسب صحيفة الشرق الأوسط عن أن المجزرة ارتُكبت في مربع سكني قيد الإنشاء، يقع في شارع دعبول خلف “صالة الحسناء” المقابلة لمسجد عثمان بن عفان الواقع في المنطقة الشرقية من الحي.
وأثار ذلك ردود أفعال من قبل السوريين بمختلف توجهاتهم بالإضافة إلى ردود أفعال عربية وإقليمية ودولية.
وأدانت وزارة الخارجية الأميركية، بـ “أشد العبارات” الفظائع التي كشفها مقطع الفيديو، وطالبت بالمحاسبة عن هذه الجرائم.
ويأتي ذلك بعد أن أطلقت عدة دول عربية أبرزها الإمارات مسار التطبيع مع حكومة دمشق بعد ضغط روسي بشأن ذلك.
كما أعادت هذه المجزرة إلى الأذهان تعرض السوريين على مدار 11 عاماً لأبشع الجرائم والمجازر من قبل نظام الطغمة في دمشق.
وعلى الرغم من بروز مجزرة التضامن إلى الواجهة، إلا أن جرائم عديدة بقيت طي الكتمان وأبرزها مقتل السياسية السورية هفرين خلف والمقاتلة في وحدات حماية المرأة بارين كوباني واللتان تم استهدافهما من قبل مرتزقة الاحتلال التركي وقاموا بالتمثيل بجثمانيهما.
أعادت إلى ذاكرة السوريين المتألمة صور أبشع
الرفيق غياث نعيسة، تحدث حول ذلك، قائلاً: “مجزرة التضامن الوحشية، أعادت إلى ذاكرة السوريين المتألمة أصلاً صور أبشع ما تم من ممارسات إجرامية بحق المدنيين خلال العقد الماضي، والتي كان للنظام الحاكم الدور المبادر والأهم فيها”.
وأردف نعيسة، قائلاً: “لكنها ليست المذبحة الوحيدة، بل هنالك مجازر عدة قام بها النظام وقوى الثورة المضادة المتعددة الأطراف وأيضاً قوات الاحتلال. الشعب السوري بغالبيته كان ضحية الوحشيات المتقاتلة، وهي التي أجهضت الثورة الشعبية لأن النظام وخصومه من أطراف الثورة المضادة، يعادون كل مشروع تحرري للشعب، ويستهترون بحياة البشر”.
وحول أسباب بلوغ هذه المرحلة من الجرائم، قال نعيسة: “بالتأكيد أن هزيمة الثورة التي انطلقت لتحقيق الحرية والكرامة والمساواة والعيش الكريم، فتح المجال واسعاً إلى خطاب وممارسات متوحشة ومتخلفة دينية وطائفية وعرقية ومناطقية وحتى عشائرية فأصبح هنالك وحشيات تواجه وحشية النظام، وتتقاتل الوحشيات أيضاً فيها بينها. الدول الإقليمية والدولية تستخدم هذه الوحشيات وفق مصالحها، لا شيء آخر”.
وأضاف “هزيمة الثورة ووحشية النظام وتدخل القوى الخارجية وغياب قيادة وطنية ثورية تنظم الناس وتعبر عن مصالحهم كانت التربة الخصبة لاندلاع أبشع الجرائم وأفظعها بحق المدنيين من الشعب السوري”.
القوى الإقليمية والدولية تتعامل من منظور مصلحي
وحول عدم بروز الجرائم الأخرى إلى العلن، أوضح الرفيق غياث “لا يتم الحديث عن الجرائم العديدة التي حصلت بسبب أن الدول الإقليمية والدولية تتعامل مع هذا الموضوع وفق مصالحها فحسب، جرائم الجيش التركي ومرتزقته تصمت الدول الكبرى عنها، لأن مصالحها مع الدولة التركية تتطلب ذلك وهكذا كل طرف يتعامل مع هذا الموضوع من منظور مصلحي وليس من منظور إنساني وأخلاقي وقانوني، قائمة الجرائم التي ارتكبتها أطراف الثورة المضادة طويلة وكبيرة لم نشهد مثيلاً لها”.
مسد هو الأكثر تأهيلاً لمتابعة ملف ملاحقة الجناة
وجه الرفيق غياث نعيسة رسالة إلى السوريين، قائلاً: “يقع على عاتق السوريين وحدهم إقامة العدالة على هذه الجرائم وهذا يتطلب حصول انتقال ديمقراطي بالضرورة، والمهم أن لا يفلت أحد من الجناة من العقاب العادل لكي يستطيع شعبنا تضميد جراحه، والانتقال إلى حياة ديمقراطية جديدة”.
وأدان مجلس سوريا الديمقراطية مجزرة “حي التضامن”؛ وقال: “نعبر عن أسفنا من هول المشاهد التي تم نشرها لمجزرة حي التضامن، ونطالب بمعاقبة المتورطين وإحالتهم إلى العدالة، كما ندعو إلى تشكيل لجان للتقصي عن الجرائم المرتكبة بحق السوريين”.
وأضاف بيان مسد “إن كانت بعض المجازر قد ظهرت للعلن فحتماً هناك عشرات المجازر التي لم يتم توثيقها في السجون وخلف الأبواب الموصدة، ويجب تقديم جميع المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم إلى العدالة”.
وأكد مسد أنه “لا يمكن الوصول إلى حل سياسي شامل إن لم يتم معاقبة مجرمي الحرب، مع بيان مصائر المفقودين والمعتقلين. فلا يمكن بناء وطن يقوم على المواطنة الحقة وتكون فيها الهوية السورية هي الهوية الجامعة والعليا لنا جميعاً إن لم يتم إدانة أي جرم وخاصة الصادر من بواعث طائفية أو قومية أو دينية”.
وحول بيان مسد، قال نعيسة: “بيان مجلس سوريا الديمقراطية كان الأهم في ما صدر من مواقف في خصوص هذه الجريمة البشعة، وأعطى موقفاً عاماً بخصوص كل الجرائم التي ارتكبت ولم يقتصر على حدث واحد وهو موقف وطني وديمقراطي صحيح بامتياز ولم يقع في مطب الهلوسات الطائفية التي صدرت عن البعض، والتي كانت مسؤولة عن البشاعات التي عانى منها السوريين”.
ودعى الرفيق غياث إلى القيام بعدة إجراءات للتعامل مع هذه الجرائم، قائلاً: “التعامل مع ملف الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في سوريا يقتضي، تشكيل لجنة تقصي حقائق ومستقلة، توثق كل الجرائم التي حصلت خلال هذه الحقبة، ومن ثم تعمل على ملاحقة الجناة لتقديمهم إلى العدالة وجبر الضرر للضحايا وأسرهم، هذا العمل يجب القيام به من الآن ومجلس سوريا الديمقراطية هو الأكثر تأهيلا لتحقيق ذلك”. مختتماً حديثه، بالقول: “لا يجب أبداً أن يفلت المجرمين والجناة من العقاب”.
الخط الأمامي _ تيار اليسار الثوري في سوريا
✪ إعلام من أجل الاشتراكية والثورة
#الخط_الأمامي #اليسار_الثوري ☭✊🚩
عن حوار أجرته وكالة أنباء ANHA مع الرفيق غياث نعيسة