
20/7/2014
يسار حلب
قصة قمع نظام الأسد الأب والابن للعمل السياسي المعارض ٫ واحتكار الحقل السياسي والنقابي والاجتماعي بل والثقافي٫ إلى حد ما٫ لصالح نظام الطغمة قصة طويلة ومعروفة. ولكن لقمع هذا النظام لليسار السوري المعارض قصة اخرى ٫ فقد استطاع نظام الطغمة اما قمع القوى اليسارية بشكل متوحش محاولا تدميرها او تدجين بعضها الاخر. وهذا ما أدى إلى أن اندلاع الثورة قبل نحو اقل من أربعة أعوام جرى في ظرف كان تواجد القوى المنظمة لليسار فيه ٫ بل ولكل اشكال المعارضة المنظمة٫ غياب شبه كامل٫ مما كان له تأثيراته على سياق الثورة نفسها٫ بالمعنى السلبي للكلمة .
مع نهوض المقاومة الفلسطينية بعد هزيمة حزيران ١٩٦٧٫ شهدت سوريا في بداية السبعينات محاولات يسارية لتشكيل بديل عن الحزب الشيوعي السوري. كان يطلق عليها اسم الحلقات الماركسية. شكلت بعض اقسامها عام ١٩٧٦ رابطة العمل الشيوعي التي تعرضت هي وغيرها من قوى المعارضة إلى قمع شديد، اذ عجت السجون بآلاف المناضلين/ات اليساريين /ات واستشهد العديد منهم تحت التعذيب، وإن لم يقتصر التواجد التنظيمي لليسار الراديكالي على الرابطة بل تشكلت عدة منظمات ومجموعات اخرى مستقلة كان بعضها ماركسيا ثورياً وناشطاً في ذلك الحين. ولكن ذلك لا ينفي إنه يمكن القول بأن أبرز المنظمات اليسارية الراديكالية كانت رابطة العمل الشيوعي التي تحولت عام ١٩٨١ إلى حزب، حزب العمل الشيوعي من هو حزب يساري سوري معارض تأسس في منتصف السبعينات تحت اسم رابطة العمل الشيوعي ثم تحول إلى حزب العمل الشيوعي ٫ ومارس نشاطه سراً في عقد الثمانينات، واستمر بالنشاط لغاية بداية التسعينات ٫ حيث خف نشاطه وتواجده إلى حد الغياب شبه الكامل لغاية السنوات الاولى للألفية الثالثة حيث استعاد بعض معتقليه المفرج عنهم اسم الحزب وبعض النشاط وان كان بسياسات لم تعد على علاقة وثيقة بالتراث الكفاحي والنضالي السابق لهذا الحزب٫ بل أصبح مجموعة يقتصر مجال نشاطها السياسي وتواجدها على كونها عضوا في تحالف أوسع هي « هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي »٫ التي كان ويبقى موقفها ملتبسا من كلا من النظام والثورة.
باستثناء فترة الصراع المسلح بين النظام وحركة الاخوان المسلمين في الفترة بين ١٩٧٩ و ١٩٨٢٫ فإن قمع النظام تركز على القوى اليسارية٫ وكان النظام يقمعها بطريقة بالغة الوحشية. فاليساريين في سوريا إما كانوا في المعتقلات وإما ملاحقين وإما اضطروا إلى الخروج إلى المنافي ٫ وترك النظام « فسحة يسارية تابعة له » تتكون من الحزب الشيوعي السوري بقيادته البكداشية الانتهازية وانشقاقاتها وهي التي اعلنت بكل اجنحتها تحالفها مع النظام الأسد وتبعيتها لنظامه البرجوازي الدكتاتوري٫ في خيانة صريحة للماركسية والاشتراكية٫ واصبحت تشكل جزءا لا يتجزأ من نظام الطغمة٫ عدوة لمصالح الشغيلة والكادحين وعدوة لحرية غالبية الشعب السوري. وليس جديداً ما جاء في مقابلة مع عمار بكداش ابن خالد بكداش ٫ الذي ورثت والدته قيادة الحزب عن زوجها قبل ان تورث ابنها المذكور قيادة الحزب الشيوعي السوري٫ في محاكاة بائسة للنظام الدكتاتوري التابع له٫ فقد اعلن عمار بكداش بان ما يجري في سوريا ليس ثورة شعبية بل هجمة امبريالية عنيفة على المنطقة ومعلنا بوقاحة أن الانتخابات التي قام بها النظام هي حالة من الديمقراطية التي لم تشهدها سوريا من قبل. مستهترا بالثورة الشعبية وبدماء الشهداء.
و هذا ما يعيد اليوم طرح مهمة اساسية على اليساريين السوريين وهي بناء الحزب الثوري٫ في شروط ليست سهلة تتكون من تقدم لقوى الثورة المضادة الرجعية ولهذا النظام الدكتاتوري نفسه٫ مع تراجع واضح للحراك الشعبي والثوري الاصيل٫ و في ظل تغيرات وتطورات وتداخلات اقليمية ودولية على الأرض السورية نفسها. لقد تشكل تيار اليسار الثوري في سوريا كتجمع اشتراكي ثوري٫ منذ بداية الثورة في اذار ٢٠١١ وبالانخراط فيها٫ من خلال توحيد أفراد ومجموعات يسارية حول برنامج انتقالي والعمل على تحويله إلى قوة سياسية واجتماعية فاعلة من شأن النجاح في تعبئة حالة جماهيرية واسعة حوله فتح الطريق أمام نضج الثورة الديمقراطية السياسية الراهنة إلى ثورة اجتماعية وطنية شاملة في مدى زمني غير بعيد بالتحالف الوثيق مع قوى السيرورة الثورية في كامل المنطقة العربية٫ ويعمل تيار اليسار الثوري٫ ولا سيما مع نمو كوادره وعضويته٫ وفي لهيب الكفاح العملي إلى التحول إلى منظمة فاعلة تكون نواة أساسية للحزب العمالي الاشتراكي الثوري والجماهيري المنشود. حاملا في الوقت عينه كل التراث الكفاحي والثوري للحركة اليسارية والشيوعية في سوريا٫ ولا سيما كفاح الطبقة العاملة السورية وكل الكادحين والمضطهدين٫ عبر عقود من الزمن. المهمة جليلة٫ وتحتاج إلى كم هائل من العمل والكفاح والحماس والوعي الثوريين٫ وهو ما يتوفر في زمننا الثوري الراهن وفي صفوف جماهير شعبنا وشبابه. عاشت الثورة الشعبية من أجل التحرر والمساواة والعدالة الاجتماعية عاش تيار اليسار الثوري ولنرفع عاليا راية الاشتراكية.
