كوباني، ضرورة التضامن الأممي مع الكفاح من أجل التحرر
تيار اليسار الثوري في سوريا
29/10/2014
غياث نعيسة
(أخذ من الحوار المتمدن-العدد: 4620 – 2014 / 10 / 31)
استطاع المقاومون في 26ت1 – أكتوبر من صد الهجوم الرابع للقوات الرجعية والفاشية لتنظيم داعش على المعبر الحدودي الوحيد مع تركيا الذي بقي حراً في أيدي وحدات حماية الشعب الكردية . بل واستطاعت الأخيرة مع الكتائب العربية في كوباني من تحرير عدد من أحياء المدينة الشرقية، وردوا هجمات داعش في جنوبها وغربها. ويبدو الوضع العسكري وكأنه بدأ في الميل قليلاً لصالح القوات العربية والكردية التي تدافع عن كوباني. رغم أن داعش ما يزال يحاصر المدينة ويعمل على حشد قواته واستدعائها من مناطق أخرى مثل شمال حلب ساعياً لسحق المقاومة البطولية لكوباني، ولكنه فشل في تحقيق ذلك حتى الآن.
وبخلاف الضجيج الإعلامي لوسائل الإعلام السائدة . فإن الغارات الجوية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في كل من العراق وسوريا لم تفلح في وقف الهجمات التي يشنها داعش. مخيبة بذلك تمنيات اولئك الذين كانوا يعتقدون بأن التدخل الإمبريالي سيبدل واقع الحال سريعاً. وكل الدلائل تشير على أن هؤلاء أنفسهم سيصابون بخيبة أكبر في الأيام القادمة نتيجة رهانهم عليه.
لقد وصل الحال ببعض القادة العسكريين الأمريكيين إلى وصف عمليات قصف التحالف ب « رذاذ المطر », فالقوات الأمريكية، لغاية منتصف الأسبوع الماضي، بالكاد نفذت 300 غارة في العراق و200 غارة في سوريا، في حين نفذ حلفائها وفي نفس الفترة 100 غارة فقط. وفي تقديره لعدم نجاعة هذه الضربات وقلتها أصدر أحد مراكز الدراسات الاستراتيجية الأمريكية دراسة مقارنة لألية استخدام القصف الجوي في الحروب الأخيرة للتحالفات التي قادتها الامبريالية الامريكية منذ التسعينات من القرن العشرين. مما يفصح بوضوح أن ما تريده الامبريالية الامريكية من « حربها على داعش » هو إطالة مدتها الزمنية بما يتيح لها إعادة ترتيب هيمنتها في بلدان الشرق الاوسط.
عام 1991 في حرب الولايات المتحدة ضد العراق أو ما يسمى بحرب الخليج الثانية، دامت هذه الحرب الجوية 43 يوماً وشهدت 1100 غارة يومياً بالمتوسط.
في الحرب ضد صربيا التي دامت 78 يوماً، شهدت 138 غارة أمريكية يومياً.
وفي حرب الامبريالية أمريكية ضد أفغانستان- طالبان- عام 2001 التي دامت 75 يوماً، وشهدت 86 غارة جوية أمريكية يومياً.
وفي حرب الامبريالية الأمريكية وغزوها للعراق عام 2003 التي دام القصف الجوي فيها 31 يوما وشهدت 800 غارة جوية يومياً بالمتوسط.
واليوم في حرب الامبريالية الأمريكية وحلفها ضد داعش، فهي تدوم منذ ثمانين يوماً وبمعدل يومي للغارات الجوية الأضعف، وهو سبع غارات في اليوم.
ليست الغارات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش غير مجدية عسكرياً، حتى الآن. بل الأهم هو أن هذا التحالف ليس ولا بأي حال من الأحوال، قوة محررة للشعب الكردي أو العربي في سوريا والعراق.
فهذا التحالف تمزقه تناقضات عديدة بين الأطراف الذي تشارك فيه وهنالك خلاف مصالح واستراتيجيات فيما بينها. وهو باعتراف نائب الرئيس الأمريكي نفسه، وإن اعتذر عن تصريحه لاحقاً. يضم حكومات مثل السعودية وتركيا وقطر والإمارات متهمة بتمويل ودعم « مجموعات متطرفة وجهادية » . وهذه الحكومات نفسها التي تقود الثورات المضادة على صعيد المنطقة لا يمكن بأي حال ادعاء أنها قوى محررة للشعوب التي تكافح من أجل تحررها.
فالحكومة التركية، على سبيل المثال، وصفت حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني في سوريا بأنه منظمة «ارهابي» وأعاقت، وما تزال تعيق وصول المساعدات والأسلحة للمقاومين في كوباني., وبعد مماطلة طويلة، سمحت بوصول قوات البشمركة من العراق بعد أن كانت قد خفضت عدد المسموح منهم باجتياز اراضيها للالتحاق بكوباني من 200 مقاتل إلى 150 مقاتل. كما أنها تمارس، بلا نجاح للآن، ضغوطاً كبيرة على الجيش الحر لكي يقبل بأن تشمل كتائب الجيش الحر التي أعلن الأخير أرسالها دعماً للمقاومين فيها عدداً من الكتائب الإسلامية المرتهنة بالحكومة التركية.
إن الشعبين الكردي والعربي والأقليات القومية الأخرى في سوريا، وأيضا في العراق، قد اختبرت وبتجربة نضالاتها من أجل الحرية والديمقراطية . أن عليها أن تعتمد على قدراتها الذاتية في كفاحها، ولا سيما على ضرورة أن تتوحد في نضالاتها المشتركة ضد مضطهديها المشتركين، وكخطوة متقدمة على هذا الدرب العمل على حشد أوسع حملات التضامن مع كوباني، ومع كل القوى الديمقراطية والتقدمية.
