تيار اليسار الثوري في سوريا
25/5/2017
- غياث نعيسة
- (أخذ من الحوار المتمدن-العدد: 5563 – 2017 / 6 / 26)
- أود أن أكتب باختصار شديد عن أطروحة أعمل عليها وادعوا لها منذ فترة، تنطلق من تحليل ملموس للواقع الملموس في سوريا في اللحظة الراهنة .متلمساً الديناميات التحررية الراهنة وتفاوت مستوياتها وتفتتها وخصوصياتها. وكيف يمكن العمل على توحيدها ودفعها الى الأمام.
- بعد ان كان عام 2012 يتميز بتقاسم للسيطرة على الأرض بين المقاومة والشعبية والنظام. جاء عام 2013 ليرسم انعطافة كبيرة في سياق انحسار الثورة وتقدم الثورة المضادة. حيث تقلصت مساحة سيطرة الثوار على الأرض لصالح قوى الثورة المضادة الرجعية والنظام. وهكذا انحسر الحراك الثوري والشعبي إلى حدوده الدنيا.
- ويبدو الواقع الراهن لخرائط السيطرة والنفوذ اليوم في سوريا. وهنا لا نتحدث عن تدخلات القوى الامبريالية والاقليمية مثل الاحتلال التركي. فهي قوى غريبة عن البلاد ومحتلة. ولكن نود أن نتحدث عن تلك المحلية . فإنها تعكس واقع نتائج سنوات من الحرب والدمار والتغييرات الديمغرافية والاجتماعية والسياسية العميقة التي جرت خلالها.
- فقد جرى كما هو معروف تهجير نصف سكان سوريا داخلياً وخارجياً. وأصاب الخراب بلدات وأحياء ومدن كثيرة في سوريا.
- ولعل صحيحاً القول بأن الحراك الشعبي والقوى الثورية قد أصابها انحسار وتراجع متفاوت في أهميته حسب توزع مناطق النفوذ والسيطرة. ولم تعد قطاعات مهمة من السكان تعيش في نفس شروط السيطرة السياسية والاجتماعية.
- بمعنى أوضح. يمكننا اليوم أن نلاحظ بأن سوريا تنقسم إلى ثلاث مناطق للنفوذ والسيطرة السياسية والاجتماعية٬ الأولى هي تلك المنطقة الخاضعة لسيطرة نظام الطغمة لآل الأسد، وهي منطقة غنية بثرواتها وبناها التحتية وكثافة السكان فيها .. وفي هذه المنطقة يوجد حراك شعبي ما يزال خافتا ولكنه ينذر بالتفجر وله دينامياته وخصوصيته وقواه الشعبية والسياسية. وهو ما يمكن أن نصفه بالقطاع الأول للحراك الثوري والشعبي.
- والمنطقة الثانية، هي تلك المناطق التي تسيطر عليها القوى الرجعية الإسلامية المتعددة الأسماء. والسكان فيها يتعرضون إلى قمع متعدد الأشكال من قبل القوى الرجعية. ومن قصف متكرر عليها من النظام وقوى امبريالية. ويبرز فيها حراك شعبي. ضد القوى الرجعية والنظام في آن معاً. له دينامياته وخصوصيته وقواه الاجتماعية والسياسية هو الآخر, وهو ما يمكن أن نصفه بالقطاع الثاني للحراك الشعبي.
- وفي شمال سوريا تدور تجربة الإدارة الذاتية التي تنمو وتتمدد منذ عام 2012. وفيها ينمو نمط جديد وتحرري لسلطة سياسية واجتماعية جديدة. ولكنها ما تزال تنحصر بشكل أساسي في مناطق التواجد الكردي. وإن بدأت مؤخرا في التمدد خارجه. وهو ما يمكن أن نصفه بالقطاع الثالث للحراك الثوري والشعبي في سوريا بقواه السياسية والاجتماعية.
- هذه القطاعات الثلاث، تتعرض لسيطرات وضغوط مختلفة ومتنوعة ولها دينامياتها الخاصة والمتفاوتة، وتبدو منفصلة عن بعضها البعض، وهي في الواقع وللأسف كذلك حتى الآن. ولهذا السبب فإن إرادة رسم مستقبل أكثر تقدمية لبلادنا وأيضاً الحاجة لبناء قيادة ثورية بديلة عن الأشكال البرجوازية المهترئة القائمة وإرساء بديل تقدمي له صدقية وجدية عن نظام الاستبداد والقوى الرجعية، وهما حاجتان متلازمتان، يتطلبان توحيد ودمج الحراك الثوري والشعبي في القطاعات الثلاث المذكورة، ممثلة بقواها التقدمية والشعبية الثورية.
- ولأن تجربة الادارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية في الشمال السوري يمتلكان هذه الإمكانية الواقعية والدينامية الداخلية لتحقيق ذلك، فانه يمكن اعتبارهما نقطة ارتكاز لالتقاء القوى الثورية والتقدمية في القطاعات الثلاث.
- كن ذلك يتطلب، من وجهة نظرنا، أن يقوم مجلس سوريا الديمقراطية بتحقيق إعادة هيكلة مكوناته لتعبر عن هذه الإرادة وبحيث تكون قادرة على حمل هذا البرنامج الكبير والموحد والبديل، وبذلك يستطيع مجلس سوريا الديمقراطية أن يتحول الى تلك القيادة المنشودة .
- إنه رهان يستحق أن نخوض تجربته بكل حماس وإخلاص من أجل تحرر شعبنا في كل قطاعاته الثلاث التي سيعاد توحيد كفاحها وربط مصيرها المشترك وتخليصها من كل استغلال او استبداد الاحتلال أو وصاية وفتح افاق مستقبل تقدمي وأكثر إنسانية لشعبنا وبلادنا.
