النظام السوري : استراتيجية البقاء
اللجنة التأسيسية لتيار اليسار الثوري في سوريا
17/8/2011
- غياث نعيسة
- (أخذ من الحوار المتمدن- العدد: 3460 – 2011 / 8 / 18)
- تقوم الطغمة الحاكمة الدكتاتورية ومنذ أكثر من شهر وبسباق مع الزمن باقتحام واجتياح وحشي للعديد من المدن السورية ، أخرها ما تشهده مدينة اللاذقية ،التي تشهد نهوضاً جماهيرياً ملحوظاً ، وتقوم بالقتل والخطف والاعتقال الواسع والهدم والتدمير للمنازل والأبنية فيها ، إنها تشن حرباً حقيقية ضد الشعب الأعزل في المدن السورية تستخدم فيها قوى الجيش وقوات الأمن وجحافل الفاشيين من الشبيحة ولا تتردد باستخدام الاسلحة الحربية الثقيلة ،
لماذا؟ هل فقط لأن هذه الطغمة تنتشي بمظاهر القتل والدم والتنكيل بشعبها؟
- إننا نعتقد كاحتمال لفهم استراتيجية السلطة في البقاء(بين احتمالات أخرى) له مؤشراته العملية أن السلطة الدكتاتورية تسابق الزمن في محاولة منها لسحق الانتفاضة الشعبية السلمية أو قصم ظهرها، أو على الأقل تقليص حجمها وزخمها الثوريين ، وتعتقد الطغمة الحاكمة أنها بذلك تستطيع اأن تستعيد من الجماهير المنتفضة زمام المبادرة لتفرض عليها وتيرتها وزمنها هي وليس وتيرة وزمن السيرورة الثورية . بحيث أن تحقق لها ذلك ، فإنها تعتقد أن بقاء بعض التحركات الاحتجاجية لن تكون، في هذه الحالة، إلا ضعيفة ومحدودة يمكنها من التعامل معها بسهولة فارضة عليها حالة من اللهاث الدائم والمنهك للإفلات من ضربات أجهزة القمع.
- من هنا نعتقد أن هذا هو سبب المهلة التي طلبتها السلطة السورية من الحكومة التركية- ومن ورائها الحكومة الأمريكية وحلفائها العرب والإقليميين- هذه المهلة تسمح لها بمفاقمة وحشية قمعها واجتياحها للمدن السورية.
- ولكن الشق الثاني من هذه الصفقة بين النظام ، من جهة والحكومة التركية ومن ورائها ، من جهة أخرى ،هو التزام السلطة السورية الحاكمة بفتح حوار مع المعارضة او أطراف منها لإشراكها بإدخال “إصلاحات” سريعة.
- وفي هذه الحالة فان السلطة تكون بموقع القوة المفرطة بحيث تسمح لنفسها بترف دعوة عدد من أطراف المعارضة السورية -الذين يصرخون اليوم لفظياً ، وبعضهم بخجل بدعم الانتفاضة – للحوار والمشاركة “الوهمية ” في الحكومة أو غير ذلك من المشاركات.
- ونعتقد أن بعض هذه الاطراف المعارضة تنتظر هذه الدعوة بفارغ الصبر وتعد نفسها لها.
- ولكن الثورات ليست معادلات حسابية بسيطة، إنها معادلات كيميائية وجبرية معقدة. فالجماهير السورية استعادت وعيها بقدرتها و بذاتها وطاقاتها الهائلة و قدمت غالي التضحيات من أجل الظفر بحريتها و اكتسبت خبرات كانت بحاجة إلى عقود من الزمن لاكتسابها وهي لن تركع أو تركن أو تحيد عن نضالها مع أجل اسقاط الدكتاتورية مهما غلت الأثمان، كما أن قدرة النظام الاستبدادي و الشمولي على مواصلة هيمنته على المجتمع قد انكسرت إلى غير رجعة وأصيب في الصميم و أصبح، رغم وحشيته الفظة ، أكثر ضعفاً مما كان عليه بكثير، و لم يحصل هذا الضعف او الانكسار في النظام بفضل دعم اقليمي أو دولي لكفاح الجماهير السورية أبداً ، على العكس فإن ثورة شعبنا بقيت – و ما تزال – منذ بدايتها و حيدة في مواجهة آلة القمع الدكتاتورية، و لم نسمع احتجاجات و لو لفظية على سلوك النظام من حكومات الدول العربية أو تركيا أو امريكا إلا بعد أن سالت انهار من دماء المتظاهرين السلميين ، بل و تقدم هذه القوى للنظام ، بكل رياء و خبث، فرصة “أخيرة” له للاستمرار و البقاء على حساب تضحيات شعبنا.
- لن يطول انتظارنا لليوم الذي ستنزل فيه جماهير العمال والشرائح الاجتماعية المنتجة والمأجورة الى ساحة الثورة وعندها ستكون اللحظة الحاسمة فيها لتعلن نهاية نظام دكتاتوري دموي مجرم انتهى زمانه وعصره.
- آن الأوان لبناء هيئات شعبية ثورية بديلة على أرض النضال مثل هيئات المصانع وأماكن العمل والأحياء وصولاً إلى إقامة مجلس تأسيسي شعبي . وبالأخص أصبح لازماً إقامة ائتلاف لقوى الثورة الفعلية على أرض الواقع من أجل توحيد صفوف الثائرين ضد الدكتاتورية من أجل سورية حرة ومستقلة تقوم على الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية، مما يعني الحاجة الملحة لتوحيد اليسار الثوري الملتزم والمنخرط في الانتفاضة لرفع سوية تأثيره ودوره في السيرورة الثورية الجارية في سوريا.
