مقال راي_ المقاومة الفلسطينية تُحدث تحولات دولية واضطرابات داخلية ترغم الاحتلال الاسرائيلي على تقديم التنازلات العسكرية والسياسية
أدت عمليات المقاومة الفلسطينية دوراً فاعلاً في تغيير المعادلة، تسببت في الفشل الذريع لنتنياهو في تحقيق أي هدف سياسي او عسكري خلال الحرب، كان أبرز هذه الأهداف القضاء على حماس، واسترجاع الرهائن بالقوة العسكرية؛ مما دفع بحكومة الاحتلال إلى الرضوخ وتقديم تنازلات بشكل تدريجي للجانب الفلسطيني كوسيلة لضبط نتائج الزلزال الذي أحدثته المقاومة.
نتيجة لفشل الاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة ،ونتيجة للمخاطر التي سببها هذا العدوان على حياة الأسرى الاسرائيليين ، توسعت فجوة الخلافات الداخلية في دولة الاحتلال، المتمثلة في خروج أسر الرهائن بالمظاهرات المعارضة لسياسات نتنياهو وعدوانه على غزة، وضغطهم على حكومة الاحتلال من أجل عقد صفقة تبادل الأسرى ووقف العمليات العسكرية في القطاع نتيجة لخطورة هذا العدوان على حياة المحتجزين ، ولم تقتصر الاحتجاجات الاسرائيلية على الشارع في دولة الاحتلال الاسرائيلي فقد امتدت وبدأت بالظهور على المستوى الدولي، وكان أبرزها في الدول الموالية للصهيونية والتي تعتبر حكوماتها حليفةً لدولة الاحتلال كالولايات المتحدة الأمريكية.
تعتبر الولايات المتحدة الامريكية قطباً رئيسياً للإمبريالية الاستعمارية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي إلى جانب العديد من الدول الأوروبية والعربية الداعمة، وقد تمثل هذا الدعم بالجانب السياسي والعسكري والاقتصادي، إلا أن الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال الإسرائيلي خلال طوفان الاقصى انعكس سلباً على الولايات المتحدة.
وظهرت هذه التأثيرات من خلال الاحتجاجات الشعبية المعارضة لسياسات جو بايدن بالدعم غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي، وفي ظل ارتكاب دولة الاحتلال لجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في حق الشعب الفلسطيني.
ونتج عن هذه الاحتجاجات ووفق استطلاع للرأي, تراجع شعبية رئيس الولايات المتحدة الامريكية جو بايدن، وفقدان الحزب الديمقراطي نسبة من الثقة الشعبية نتيجة للعدوان على غزة، مما اضطر الولايات المتحدة إلى بدء التحول في السياسات تجاه الحرب على غزة، والضغط على نتنياهو بهدف ضبط العدوان العسكري، وتحديد أهداف قابلة للتحقق من هذا العدوان.
بعد مرور فترة على الحرب وعجز الاحتلال الاسرائيلي عن تحقيق أي هدف عسكري من هذه الحرب، أدى ذلك إلى توجه بعض المسؤولين في دولة الاحتلال إلى إعادة النظر في الأهداف المرجوة من الحرب، بحيث نتج عن هذه المراجعات خروج بعض الأصوات في حكومة الاحتلال تقول بأن القضاء على حماس وتحرير الأسرى بالقوة العسكرية, هما هدفان متناقضان يعجز جيش الاحتلال عن تحقيق أحدهما، وتم التوصل إلى أن الهدف من الحرب هو تحقيق مصالح سياسية شخصية أكثر من أن تكون مصالح تتعلق بالمصلحة العامة لدولة للاحتلال، مما وسع فجوة الخلافات والاضطرابات الداخلية داخل دولة الاحتلال الاسرائيلي، إلى جانب تصاعد الغضب في الشارع الاسرائيلي ضد نتنياهو نتيجة لمقتل العديد من الأسرى الاسرائيليين في غزة نتيجة للعدوان الهمجي على غزة.
تمثلت الانقسامات داخل حكومة الاحتلال ومجلس الطوارئ في توجه أحدها بالدعوة الى الاستمرار بالحرب والقضاء على حماس، إضافة إلى التحريض من أجل إعادة الاستيطان في غزة واتباع سياسة إعدام الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، والتهديد في حال التراجع عن العملية العسكرية بالانسحاب من الحكومة واسقاطها، يعتبر صاحب هذا التوجه بما يعرف باليمين المتطرف الصهيوني، إضافة إلى التوجهات الاخرى الداعية إلى وقف العمل العسكري بسبب التماس الفشل العسكري الاسرائيلي في غزة والتوجه إلى عقد صفقة لتبادل الأسرى بدلاً من العملية العسكرية التي ستعرض حياتهم إلى الخطر، يتمثل هذا التوجه باليسار الصهيوني المعارض لنتنياهو، (يائير لبيد )، إضافة إلى التوجهات الأخرى الداعية إلى عقد صفقة تبادل الأسرى في ظل استمرار العملية العسكرية على غزة.
في ظل الانقسامات القائمة داخل حكومة الاحتلال ومجلس الحرب يسعى نتنياهو إلى تقديم اقتراحات خلال المفاوضات لم يُصرح عنها بشكل كامل، تفضي إلى إرضاء كل من الأطراف المتعارضة بخصوص سياسات الحرب وأهدافها, يرضي كل منهم على حساب الاخر،مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح نتنياهو السياسية الشخصية، بما يحفظ مركزه وديمومته في الحكم في ظل وجود تهديدات من داخل حكومته بالانسحاب واسقاط هذه الحكومة.
محسن موسى بدوي _ فلسطين
