سوريا: نحو نظام إقليمي جديد؟
تيار اليسار الثوري في سوريا
27/10/2015
- غياث نعيسة
- نشر المقال في جريدة انتي كابيتاليست للحزب الجديد المناهض للرأسمالية في فرنسا بتاريخ 29/10/2015
- (أخذ من الحوار المتمدن-العدد: 4971 – 2015 / 10 / 31)
- منذ 30 أيلول – سبتمبر الماضي تنخرط روسيا بوتين بشكل مباشر عسكرياً إلى جانب نظام الأسد عبر دعمها الجوي الاستثنائي.
- وهذا يترافق مع هجوم جديد لجيش النظام مدعوم بقوات عسكرية من إيران وحزب الله على جبهات حلب واللاذقية وحمص وحماة ودرعا.
- وباستثناء حالتي أوكرانيا وجورجيا . فإنها المرة الأولى منذ سقوط الاتحاد السوفياتي سابقاً التي تقوم بها روسيا بنشر قواتها العسكرية خارج حدودها أو حدود مناطق نفوذها السابقة. وهذ المعطى الجديد يغير من وضع النزاع في سوريا.
- فالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بحجة محاربة الدولة الاسلامية منذ أكثر من عام مضى وبنتائج عسكرية هزيلة لم يكن سوى ذريعة لكي تحافظ على حضورها « الجوي » في سوريا.
- لكن الحضور العسكري الروسي المباشر اليوم في قاعدتين عسكريتين على الأقل داخل الأراضي السورية يجعل من روسيا قوة امبريالية حاسمة.
- وضع هذا التدخل الروسي القوتين الاكبر في العالم الولايات المتحدة وروسيا وجهاً لوجه. وأربك مناورات القوى الإقليمية كالسعودية وتركيا واسرائيل بل وإيران نفسها.
- لكن روسيا وهي تعمل على تجنب استنزافها في هذه الحرب. وهذا نتيجة ذكرى حرب افغانستان التي خاضتها وخسرتها. فإنها بحاجة لأن تتوصل إلى توافق مع الولايات المتحدة. كما أنها بحاجة إلى التعامل مع القوى الإقليمية التي تدعم كل منها فصائل مسلحة.
- فإيران تدعم النظام. وتركيا وقطر تدعمان فصائل جهادية مثل أحرار الشام والسعودية تدعم جيش الاسلام وهو مقرب للتيار السلفي.
- والحال, فإن روسيا بالتنسيق مع الولايات المتحدة تبحثان بحماس شديدة إلى التوصل ل « حل سياسي » يسمح بالإبقاء على النظام. وإذا أمكن بدون بشار الاسد في نهاية مرحلة « انتقالية » .
- وتندرج الزيارة المفاجئة للطاغية السوري الثلاثاء الماضي إلى موسكو في هذا السياق. كما هو حال لقاء فيينا الأسبوع الماضي بين لافروف وكيري مع وزراء خارجية تركيا والسعودية وما سيليه من لقاءات واجتماعات.
- وتبدو الدول الغربية مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكأنها مركونة جانباً في هذه الهوجة الدبلوماسية- العسكرية . وهذا ما قد يفسر اعلان الحكومة الفرنسية بعجالة إعدادها للقاء للقوى الاقليمية في باريس الاسبوع القادم.
تراجع السيرورة الثورية
هذه المفاوضات المحمومة بين الدول الامبريالية والاقليمية حول سوريا تجري على حساب مصالح الشعوب وتضحياتها. فالأمريكيين والروس وحلفاء كل منهما يقصفون بلا أدنى رادع او حساب في سوريا ويقتلون مدنيين أبرياء ولكنهم لا يفعلون ذلك أبداً من أجل حرية الشعب السوري بل من أجل مصالحهم. فالشعب السوري هو. إذن. الغائب الأكبر.
والنظام السوري أصبح تحت وصاية روسية وايرانية. وفي الوقت نفسه, فإن الائتلاف الوطني المعارض الذي كان يحظى باعتراف « دولي » لم يعد له مكاناُ يذكر وأصبح نكرة مهملة حتى من الدول الراعية له .
- إضافة إلى أن السيرورة الثورية السورية نفسها تعيش مرحلة تراجع كبير أقرب للهزيمة. نتيجة للخراب الاجتماعي والاقتصادي الذي شهدته البلاد والتهجير الواسع للسكان والخسائر البشرية الهائلة التي دفعها الشعب السوري وأيضا نتيجة للإبادة الواسعة التي تعرض لها الحراك الشعبي بسبب وحشية النظام وحلفائه.
- وعلى الصعيد العسكري, نشهد تهميشاً للجيش الحر الذي لم يتلقى دعماً يذكر مقارنة بما تلقته القوى الجهادية من دعم ضخم مالي وعسكري ولوجستي من تركيا والسعودية وقطر.
- وباختصار. يمكن القول بأن مصير سوريا يبدو وكأنه قد خرج من أيدي الشعب السوري. والحال, فإن الضواري الامبريالية والاقليمية قد فعلت كل ما في وسعها من أجل إجهاض الثورة الشعبية الاصيلة في سوريا.
- هذا الصراع في سوريا وعليها يشكل حجر الزاوية في نظام إقليمي جديد . وربما حتى نظام عالمي جديد. ما يفرض علينا واجب ان ننهض للقيام بكل ما في وسعنا من أجل منع اعادة بناء نظام امبريالي في منطقتنا.
- إن نهوض ثوري جديد لن يتأخر عن الانفجار في وجه كل الطغاة والغزاة, هذا هو الدرس الأهم لكل الثورات.
