
في مقطع مصور نشره الثلاثاء 24/8/2021 فصيل “قوة مكافحة الإرهاب” التابع لحزب اللواء السوري، ظهر راجح البداح، من عشائر بدو السويداء، في ظروف غامضة وهو يدلي باعترافات خطيرة.

البداح كان قد اختُطف بعد أن مرّت سيارة فيها مسلحين من عشائر البدو، ربما تُقلُّ شحنة مخدرات، ولم تتوقف على الحاجز المباغت الذي نصبته “قوات مكافحة الارهاب”. عناصر الحاجز بادروا باطلاق النار، ما تسبب بإصابة أحد الركاب. السيارة تابعت مسيرها ودخلت حارة البدو في المزرعة. وبعد ذلك، اقتحمت “القوات” حي البدو وخطفت جثة قتيل، وعلقتها في ساحة البلدة وسط طقس احتفالي واطلاق نار. القوات أصدرت بياناً عن مهاجمة حاجزها من قبل ارهابيين.
و بعد ساعات، ألقت “القوات” القبض على البداح ورفيقه، في سيارة تحمل مازوتا. “القوات” خطفت الشابين، وعذبتهما، فقتل أحدهما بعد ساعات تحت التعذيب. وفي محاولة للتغطية على الأمر، أصدرت “القوات” فيديو للمختطف البداح، اشبه باعترافات الإرهابيين التي كان يطالعنا بها إعلام نظام الطغمة الرسمي. ويعترف فيه بعلاقته بالأمن العسكري وتجارة المخدرات والسيارات المسروقة، وبوجود مؤامرة مدبرة لمهاجمة حاجز “القوات” من 3 جهات بتوجيه من الأمن العسكري. الاعترافات طالت بالاضافة لأسماء معروفة بتجارة المخدرات، خصوماً سياسيين لحزب اللواء، وخصوماً جنائيين لأحد الوجهاء التقليديين، وخصوماً عشائريين للشاب المخطوف.
القوات سعت لحلحلة الموضوع عبر التواصل مع عشائر البدو التي رفضت التجاوب معها. لذا، لجأت القوات للتواصل مع الوجه العشائري راكان الخضر في الأردن، وعقد اتفاق معه، على اطلاق سراح المخطوف الحي مقابل سكوته عما جرى معه. الاتفاق تضمن أيضاً تسليم جثة القتيل. وصدر بيان عن “القوات” يقول بـ”وأد الفتنة” وسط وعد بالتحقيق في ملابسات حادثة تعليق الجثة، ولم يتطرق لمقتل البدوي الثاني تحت التعذيب.
المخطوف تم تسليمه من منزل قائد القوات سامر الحكيم. جثة القتيل المشوهة، تم احراقها ورميها في مدينة السويداء، بعدما رفضت أكثر من جهة تسلّمها. فأصدرت “القوات” بيانا، تؤكد فيه على تحمل مسؤولية ما جرى، والتحقيق على أعلى المستويات مع فريق التحقيق فيها المسؤول عن مقتل الشاب المخطوف.

وهنا، تكتمل مشهدية سريالية باتت جميع أطرافها قوات مكافحة الارهاب، فهي من تلعب دور القاضي، المحقق، النيابة العامة، المدعي، والمتهم.
وقد أعربت الهيئة الإجتماعية للعمل الوطني عن موقف متقدم من الأحداث الجارية بتاريخ 26/8/2021 عبر بيان جاء فيه:
طالعتنا مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة عن تشكيل حزبي وذراع عسكري مع قيادة لما سمي( مكافحة الارهاب) وعن مؤتمر سُميَ بالمؤتمر السوري الأول ،ولم يعلم به إلا من حضره وهم القلة القليلة ممن أطلق عليهم المؤتمر النخب والهيئات في المحافظة ،حسب ماجاء في البيان على صفحات التواصل. والذي دغدغ مشاعر بعض من الشباب المتحمس لمكافحة الفساد والوجود الايراني على ساحة المحافظة.
وتبين للجميع أن هذه التشكيلات بعيدة كل البعد عن الهم الوطني ،وماهي إلا لتنفيذ أجندات لدول وأجهزة لدس السم في العسل.والمراقب للبيانات الرنانة الصادرة عن هذا التشكيل تستدعي التساؤل عن الدور المناط به ،بعد أن استقطب بعض الشباب العاطلة عن العمل ونتيجة الفقر والحاجة وانسداد الأفق في تأمين لقمة العيش وما آلت إليه الأوضاع في ظل السلطة الفاسدة،وذلك عبر رواتب شهرية مغرية للإلتحاق في هذا التشكيل.
كما يلوح في الأفق مشروع تقسيمي يسير في أجندات الدول الداعمة، وهذا مارفضناه دائماً ،وكما رفضنا جر المحافظة إلى الاقتتال الداخلي والفتن مع الجيران،وكان آخرها ماحصل في بلدة الرحى مع مجموعة مايسمى( الدفاع الوطني) المدعوم إيرانيا ،ولن يكون الضحايا إلا ابناء البلد الواحد.وماحصل في المزرعة وقضايا التعذيب والمحاكمات الميدانية فوق القانون والعدالة،ماهو إلا بداية الخراب.
ان الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني في السويداء تدين هذه التشكيلات على اختلاف مسمياتها وندين العمل المسلح وكل مظاهر انتشار فوضى السلاح و التي لا تخدم المصلحة العامة والسلم الاهلي ، بل إثارة الفتن والبلبلة في المحافظة ،وتحذر من عواقب قد لا تحمد نهاياتها، ونؤكد ان الحل في السويداء هو الحل السياسي للمسألة السورية وفق القرار 2254 المتوافق عليه دوليا.
لقد أصبحت السويداء مرتع لعصابات مسلحة من المجرمين والزعران بأسماء مختلفة، وللسخرية بعضها يحمل أسماء ” محاربة الارهاب” أو ” حزب”.
مستوى العنف الداخلي في السويداء، والذي تغذيه عدة اطراف، واحد منها نظام الطغمة وهنالك لاعبين آخرين غيره ، يجعل منها المنطقة الأكثر انفلاتا أمنيا ومشروع حرب أهلية محلية بائسة ومتخلفة ومستدامة : ما بين الضيع والبلدات، وما بين الاحياء، وما بين العائلات، وداخل العائلات نفسها. ليس في هذا الخراب المعمم ما يستحق التفاؤل.
علامات التفسخ العام، وصلت لأعلى درجاتها.
يجب فضح كل من ساهم ويساهم في هذا التعفن الشديد في السويداء.
الخط الأمامي _ تيار اليسار الثوري في سوريا
المصادر :
السويداء 24
بيان الهيئة الإجتماعية للعمل الوطني
رسم الكاريكاتور للفنان فادي الحلبي