
أصل الخلاف
بدأ الخلاف بين الرئيس التونسي قيس سعيد، وقوى سياسية ممثلة في البرلمان وعلى رأسها حركة “النهضة” الإسلامية، منذ عام، بعد قرار الحركة سحب الثقة من حكومة إلياس الفخفاخ في يوليو الماضي.
وقد أجبرت حركة “النهضة” في يونيو الماضي، رئيس الحكومة السابق، إلياس الفخفاخ، على تقديم استقالته بعد قرارها سحب الثقة منه، على خلفية شبهة تضارب مصالح، لا تزال موضوع تحقيق قضائي.
ووفقا للدستور التونسي يعود اختيار رئيس حكومة جديد في هذه الحال إلى رئيس الجمهورية، الذي زكى، هشام المشيشي، الذي كان وزيرا للداخلية، آنذاك لتشكيل حكومة جديدة.
بدأ بعد ذلك صراع على الصلاحيات، واتهم الرئيس التونسي قوى سياسية، في إشارة إلى حركة “النهضة”، وصفها بـ”اللوبيات” بحماية الفاسدين وتعطيل ملفات قضائية.
وقد تسبب الصراع السياسي في البرلمان والمشاحنات التي تحولت في بعض الأحيان إلى تبادل للعنف، في انقسام في الشارع التونسي، الذي بات يطالب جزء منه بحل البرلمان وإسقاط الحكومة.
الإنتفاضة الشعبية
هذا وشهدت المدن التونسية، أمس الأحد، الذي يصادف اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى 64 لعيد الجمهورية، مظاهرات واحتجاجات اشتعلت في معظم المدن التونسية ،فقد بدأ المحتجون المظاهرة من أمام البرلمان رافعين شعار ” الشعب يريد حل البرلمان” و” تغير النظام ” مطالبين بإجراء تغييرات بالدستور،
تدخلت قوات الشرطة لقمع المتظاهرين الذين وقفوا بشجاعة أمام قوات القمع وواجهوها بالحجارة، واقتحمو أيضا مكتب خاص ب” حركة النهضة ” وقاموا بتخريبه، إنّ الجماهير المنتفضة تُخيف باستمرار، كلّ طبقةٍ مسيطرة لأنّها بالتحديد، نقيض مؤسّساتها، ومصدر هذا الخوف الطبقي هو قدرة هذه الطبقات الشعبية المنتفضة على الإنفلات من الضوابط «المؤسّسيّة» أي من أجهزة الدولة البرجوازيّة، السياسيّة والأيديولوجيّة للطبقة المسيطرة وعلى التحرّر منها نحو مواجهة طبقية
فكل المؤشرات تؤكد على أن هناك إنفجارا ثوريا قادما، فنسبة البطالة تتجاوز 19%، وسجلت 17500 حالة وفاة بفيروس كورونا، أما نسبة الفقر فتتجاوز 20%، وآلاف من قوارب الهجرة السرية، 8 مليار “دينار” عجز الميزانية، 36 مليار “دولار” مديونية، ومليون منقطع(ة) عن الدراسة، إغتيالات سياسية (بوليسية،إرهابية)، تعذيب في مراكز الشرطة، منظومة صحية مهترئة وفاشلة، نواب ومسؤولين فاسدين، والضحية الوحيدة هو “الشعب” الذي سُرقت منه ثورته.
الإنقلاب
وأدى انفجار الصراع السياسي واحتدام الاختلاف بين رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة، الذي انعكس على الشارع التونسي، إلى اتخاذ الرئيس قيس سعيد تدابير استثنائية، منها تجميد عمل البرلمان وحل الحكومة، طبقا للفصل 80 من الدستور التونسي.
إن ما يقوم به اليوم رئيس الجمهورية التونسية “قيس سعيد” لا يمكن تبرئته من تهمة “الإنقلاب” مستغلا إنتفاضة الشباب التونسي ضد السياسات اللاشعبية لجماعة “النهضة” وحلفائها، وهو بذلك يهدف لعسكرة الدولة والمجتمع التونسي للحد من تجذر الإنتفاضة، وتحوير مسارها صوب إعادة الإقتراع والمؤسسات التمثيلية (برلمان، حكومة، مجالس..) سواء كانت صورية أم تتمتع بسيادة حقيقية.
و يعتبر أنّ ما أقدم عليه رئيس الدولة، كان متوقعا انطلاقا من عدة مؤشرات، أبرزها إقحام المؤسسة العسكرية في صراع أجنحة المنظومة، هو من الناحية القانونية خرق واضح للدستور ولأحكام الفصل 80 الذي اعتمده ومن الناحية السياسية إجراءات استثنائية معادية للديمقراطية تجسّم مسعى قيس سعيد منذ مدة إلى احتكار كل السلطات، التنفيذية والتشريعية والقضائية، بين يديه وتدشن مسار انقلاب باتجاه إعادة إرساء نظام الحكم الفردي المطلق من جديد.
وهذا الإنقلاب سيفتح على مرحلة جديدة تزيد من خطورة الأوضاع المتأزمة التي تعاني منها البلاد على جميع الأصعدة بل قد تؤدي إلى سقوطها في دوامة العنف والاقتتال والإرهاب.

الحاجة للتغيير
أنّ الشعب التونسي في حاجة ماسة وملحة إلى تغيير عميق ينتشل البلاد من الأزمة الخانقة والشاملة التي تورطت بها نتيجة الخيارات الرجعية المتّبعة طوال العشرية المنقضية تغيير يشمل إسقاط منظومة الحكم برمتها، رئاسة وبرلمانا وحكومة، و محاسبتهم لما تسببوا فيه من خراب اقتصادي وإفلاس مالي وتفشي الفساد والإرهاب والاغتيالات السياسية وإغراق البلاد في التبعية والمديونية وتدمير كل أركان حياة التونسيات والتونسيين.
كما أن التغيير المنشود لا يمكن أن يكون بمساندة انقلاب قيس سعيد ولا بالتّحالف مع حركة النّهضة بأيّ عنوان كان وإنّما يكون من صنع الشعب التونسي وفي أفق إرساء ديمقراطية شعبية قوامها الدولة المدنية والسلطة بيد الشعب وسيادة البلاد على مقدراتها وخيراتها وعلى قرارها السياسي المستقل والعدالة الاجتماعية والمساوة بين المواطنات والمواطنين
إن مواجهة الشباب الثوري التونسي للطبقة الحاكمة أمر حتمي، وهو يعلم اليوم أكثر من السنوات العشر الماضية، أن “الدساترة” و”الخوانجية” ومن خلفهم الأجهزة البوليسية والعسكرية القمعية ما هم إلا أداة في يد العدو الحقيقي، منظومة البرجوازية العميلة التي تتقاطع مصالحها مع بلدان الحلف الأطلسي ودكتاتوريات الخليجيين.

الأفق الثوري
لم يعد الآن مهما ثرثرة الإعلام حول إذا كان ما يقع اليوم بتونس ثورة أم إنقلابا، بقدر ما يجدر بالشباب الثوري التونسي التفكير خارج هذا “الصندوق” الذي تحاول الأذرع الإعلامية لقوى الثورة المضادة بالداخل والخارج أن تحبسه فيه، فعليه هو لا غيره، ومن خلال تجاربه النضالية في صراعه مع مؤسسات النظام ومع الطبقة السياسية التونسية (أحزاب، نقابات، منظمات، جبهات، تحالفات، إئتلافات..)، أن يسعى لتأسيس وبناء مؤسسات الدفاع عن الثورة وتحقيق أهدافها، تنسيقيات ومجالس ولجان ثورية تعتمد على الديمقراطية المباشرة تضرب بجذورها في الأحياء والميادين وأماكن الدراسة والعمل، تساهم في وضع القرار السياسي وتخضع أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية لرقابتها.وبالتالي مواجهة التطورات الخطيرة وتداعياتها التي يمكن أن تزجّ بالبلاد في دوامة العنف والاقتتال الأهلي أو تؤدي بها إلى السقوط مجددا تحت استبداد الحكم الفردي المطلق الذي قدّم الشعب التونسي تضحيات جسيمة للخلاص منه.
رأي
من خلال الأحداث التي تظهر محاولة قيس سعيد استغلال الحراك الشعبي ضد مؤسسات الدولة البرجوازية إلى المسارعة لمحاولة احتكار السلطات كلها بيده لضرب الديمقراطية والعودة إلى الدكتاتورية بدعم من قوى الإمبريالية الإقليمية، ولكن السؤال هل القوى الثورية قادرة على الإمساك بزمام المبادرة والإسراع للسيطرة على الوضع الأمني والسياسي في تونس قبل أن تسارع الإمبرياليات الإقليمية إلى التدخل من خلال أنظمة وقوانين ذات صفة دستورية لمحاولة قمع الثورة الشعبية…؟ يجب أن يكون لقوى اليسار تنسيقا مرتبطا في كل البلدان ليتم توضيح الرؤية وتقديم الدعم والمؤازرة لقوى الثورة في اي بلد.
ففي لحظات انفجار الثورة في بلد ما، يجب تقديم الدعم الكامل من أجل استمرار الثورة وحماية مكتسباتها.. فكما تساند القوى الرأسمالية بعضها وتسارع للتدخل عبر قوانينها لتدمير الثورة ومصادرة مكتسباتها يجب أن يكون بالمقابل مساندة ودعم من قوى اليسار لأي ثورة وانتفاضة في اي بلد ومحاولة تشكيل غرفة تنسيق مستعجلة طارئة للثورة الوليدة ومتابعة أحداثها وتطوراتها واستشارة رفاق متخصصين مهنيين لزج كل الطاقات للحفاظ على سلامة الشباب الثوري أثناء الثورة وأيضا لأجل استمرار الحياة العامة ومستلزماتها لكبح أي تقدم لقوى الثورة المضادة التي تستغل الفوضى لحرف الحراك الثوري واعتمادا على الخبرة النضالية الطويلة للشعب التونسي فمن الحري بنا كيسار أممي وثوري التضامن الكلي مع الإنتفاضة الشعبية بوجه حزب الدستور وحركة النهضة كسبب مباشر لتدهور الأوضاع الإقتصادية ومصادرة مكتسبات الثورة.
المصادر
روسيا اليوم _ بيان حزب العمال التونسي _ بيان من حركة شباب التحدي
المحرر السياسي
الخط الأمامي _ تيار اليسار الثوري في سوريا
بعض مصادر الأخبار في المقالة روابط الأخبار عن روسيا اليوم
-
“هيئة التفاوض” الممثل الكسيح للمعارضة المرتهنة، تعمل على إعادة الروح لدورها التفاوضي مع النظام
“هيئة التفاوض” الممثل الكسيح للمعارضة المرتهنة، تعمل على إعادة الروح لدورها التفاوضي مع النظام
-
أوضاعنا في ضوء تجليات النظام الإقليمي الجديد
أوضاعنا في ضوء تجليات النظام الإقليمي الجديد
-
ماذا يجري في الساحل السوري؟
ماذا يجري في الساحل السوري؟
-
واجهة اقتصادية لنظام الطغمة تحتكر حليب الأطفال وتتلاعب بسعره
ارتفعت أسعار حليب الأطفال خلال اليومين الماضيين بنسبة تجاوزت 250% في المستودعات المركزية، على الرغم من ادعاء رئيس
-
أسعار الدروس الخصوصية ترتفع قبيل امتحانات الشهادتين
أسعار الدروس الخصوصية ترتفع قبيل امتحانات الشهادتين