
بقلم صوفي سكوير، عن جريدة العامل الاشتراكي
اخترقَ الفلسطينيون حدود غزة التي احتفظت بها إسرائيل كسجنٍ في الهواء الطلق، وفي مواجهة تصاعد العنف من الدولة الإسرائيلية، شنّ المقاتلون الفلسطينيون هجماتٍ للمقاومة على بلدات و مدنٍ ومستوطنات إسرائيلية يوم السبت. وقد حققوا مكاسب عسكرية ضخمة.
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من مقرّ القيادة العسكرية في تل أبيب: “أيّها المواطنون الإسرائيليون، نحن في حالة حرب”.
وقالت حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) إنّ هجومها جاءَ في أعقاب الفظائع التي ارتكبتها الدولة الإسرائيلية “ضد الشعب الفلسطيني ومقدساتنا مثل الأقصى”. وقال قائد حماس محمد ضيف: “قررنا أن نقول كفى. هذا هو يوم أكبر معركة لإنهاء الاحتلال الأخير على وجه الأرض.
وأطلقت الحركة الصواريخ في الصباح الباكر من قطاع غزة. كما أرسل المقاتلون الفلسطينيون طائرات مُسلّحة بدون طيار ومقاتلين على دراجاتٍ نارية وطائرات شراعية عبر حدود القطاع، واقتحموا القواعد العسكرية الإسرائيلية ونقاط التفتيش. وفي حوالي الساعة 10 من صباح يوم السبت، استولى مقاتلو حماس على 21 قاعدة عسكرية، و احتجزوا جنوداً إسرائيليين كأسرى حرب.
وفي مدينة سديروت، استولى المقاتلون الفلسطينيون على مركزٍ للشرطة وأشعلوا فيه النيران. كما هدم الفلسطينيون بالجرافات سياجاً يفصل قطاع غزة عن إسرائيل.
وبحلول منتصف النهار، اضطرت القنوات الإخبارية الإسرائيلية إلى الاعتراف بأنّ مقاتلي المقاومة الفلسطينية يسيطرون فعلياً على جميع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية على حدود غزة. استولى المقاتلون الفلسطينيون على مقر القيادة الجنوبية للاحتلال الإسرائيلي وسيطروا عليه.
“هذه بالتأكيد لحظة محورية وفي أي سيناريو تخرج إسرائيل منها بشكل سيء للغاية”
قال آفي ميلاميد، محلل الاستخبارات الإسرائيلية.
بدأت الطائرات الإسرائيلية في القصف على عدة مواقع في جميع أنحاء غزة. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية أنّ 198 شخصاً على الأقل قُتِلوا، وأُصيبَ أكثر من 1610 آخرين جرّاء الضربات الإسرائيلية. وقال مسؤولون إسرائيليون إنّ الهجمات الصاروخية وإطلاق النار الفلسطيني قتلت 40 إسرائيلياً على الأقل. وقد فاجأت الهجمات الدولة الإسرائيلية. لكن لا ينبغي أن يكون مفاجئاَ أنّ هناك مقاومة. منذ تشكيل الدولة من خلال التطهير العرقي والطرد والقتل في عام 1948، نفذّت إسرائيل سياسات الفصل العنصري وعملت جنباً إلى جنب مع الإمبريالية.
في أعقاب الهجوم، سارعَ حلفاء إسرائيل الإمبرياليون إلى تأكيد دعمهم، مهما كانت التكلفة البشرية. ووعد رئيس البنتاغون لويد أوستن بأنّ الولايات المتحدة ستزود إسرائيل “بما تحتاجه للدفاع عن نفسها”.
وقالَ وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي
“إنّ بريطانيا ستدعم دائماً حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.
إنّ الدفاع عن دولة تقوم على القمع الفلسطيني المنهجي هو في حدّ ذاته عمل عدوانيّ، وكما غرد الصحفي توني كارون:
“إنّ الازدراء العنصري للحياة الفلسطينية الذي يشكل جوهر السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل لا يقدم أي طريق إلى الحرية والكرامة والعدالة للفلسطينيين، الذين يتعرضون لوحشية منهجية كل يوم. ثم تصف الولايات المتحدة مقاومتها بأنها غير مبررة”.
هاجمت الدولة الإسرائيلية مراراً وتكراراً الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين في جنين وذبحتهم. وكان الهجوم على جنين الأسبوع الماضي أكبر غارة إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة منذ عقدين. وأسفر عن مقتل 12 فلسطينياً وإصابة 140 آخرين وإجبار الآلاف على الفرار.
واستوعبت حكومة نتنياهو، التي واجهت معارضة داخلية بشأن أفضل السبل للحفاظ على الدولة، شخصيات يمينية متطرفة مثل وزير الأمن إيتمار بن غفير. وطالب “بعملية عسكرية لهدم المباني، والقضاء على الإرهابيين، ليس واحداً أو اثنين، بل عشرات ومئات، وإذا لزم الأمر حتى الآلاف.
للشعب الفلسطيني كل الحقّ في الرد بأي طريقة يختارها على العنف الذي تمارسه الدولة الإسرائيلية عليه كل يوم.
في عام 2021، شكلت انتفاضة تاريخية في جميع أنحاء فلسطين تحديّاً مباشراً للنظام الإسرائيلي. للمرة الأولى منذ عقود، انضمّ الفلسطينيون عبر حدود إسرائيل في مقاومة جماهيرية من الأسفل، مما أثار احتمال قيام فلسطين موحدة تتحرر من خلال النضال.
تضمنت الثورة إضراباً قوياً للعمال الفلسطينيين. اعتقدَ الاحتلال أنّه استعادَ السيطرة الكاملة في وقتٍ لاحق. ولكن مرّة أخرى انفجرت المقاومة.
القضية الرئيسية الآن هي ما إذا كان العمال والفقراء في المنطقة المحيطة أنفسهم يثورون ضد حكامهم الرجعيين ويساعدون الانتفاضة الفلسطينية.
ترجمة : أيلا عيسى