
اختزال المجتمع المدني إلى المنظمات غير الحكومية يدل على نظرة كسولة لا ترى ولا تراهن إلا على ما تعترف به المؤسسات الدولية. هذه النظرة أثقلها التعب ومرارة الهزيمة، فراهنت على ضجيج منظم، مدجن، اختار خطابًا منزوع الإشكالية لواقع معقد ومرير، استشرست عليه أنظمة القمع. بينما يدعونا الغضب إلى دعم حراكات المقاومة القاعدية المسيسة التي وإن بدت صغيرة متناثرة وحراكها غير منتظم، لكنها تدعو للأمل.
فكما تغافل الأصوليون والرجعيون الذين جعلوا من أنفسهم أدوات للثورة المضادة عن مطالب التحرر الاجتماعي للشعب السوري، بالطريقة نفسها تتغافل الحركات النسوية الليبرالية والهوياتية عن الجذور السياسية لمشاكل النساء السوريات.
تنظر هذه الحركات للحل المتبنى من قبل الهيئات الدولية والمدعوم من الحكومات النيوليبرالية الشريكة في معاناة الشعب السوري على أنه الحل الوحيد، مع أو بدون إدراك كم الامتيازات التي تحصدها هذه النخب من امتهانها للناشطية المدنية. كما عبرت قنوت، استيلائها على صدارة المشهد المدني السياسي وتحولها لحراس بوابات التمويل والمشاركة والتمثيل.
في هذا السياق قامت مجموعة “ورشة نسوية” باستضافة الكاتبة والباحثة لمى قنوت مساء يوم الأحد الواقع في 16 تموز لمناقشة مقالها “من أجل إعادة تسييس الحراكات المدنية” المنشور على منصة عنب بلدي، وجرى حوار معها بعنوان “لِمَ الإلحاح على الحساسية الجندرية؟”، بالإضافة لكتابها “المشاركة السياسية للمرأة السورية بين المتن والهامش”. بدعوة عامة مفتوحة لجميع الراغبين والراغبات. تم فتح نقاشات حول أمور بغاية الأهمية لجميع السوريين والسوريات، لم يتم فصل الملف النسوي واختزاله من سياقه العام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي كما يجري عادة في المجالس النسوية الليبرالية. بل تم التعاطي معه برؤية تحليلية نقدية حيث اتسمت الحوارات بالصراحة والمباشرة بعيداً عن براغماتية الحالمين النخبويين.
وفي رد قنوت على أحد الأسئلة التي طُرحت والتي فاضلت بين واجب النساء في الانكفاء والاعتكاف الأخلاقي عن المشاركة في كيانات لا تمثلهن ولا تلبي مطامحهن سياسيا واقتصادياً واجتماعياً أو المشاركة في انتظار فرصة ما لخلق تغيير، رفضت الباحثة هذه المفاضلة ودعت إلى المشاركة في حركات نضال سياسي اجتماعي قاعدية.
واعتبرت أن ابعادنا عن هذا النوع من النضال وتسخيف حالة المقاومة عن طريق المنظمات الثورية والكيانات التقدمية مهما صغر حجمها هو حرف موجه ومقصود عن السكة الصحيحة لنضالنا.
نشعر أن وجود نساء ثوريات يتخلّين عن الامتيازات ويخترن في المقابل الرأي الحر والفكر النقدي هو أمر ملهم لنا ومحفزاً لنا لمزيد من النضالات.
فاطمة أحمد _ الخط الأمامي