
أطلقت الشرطة الفرنسية يوم أمس الخميس الغاز المُسيل للدموع على مسيرة صامتة بضواحي العاصمة باريس دعت لها والدة شاب يُدعى “نائل” يبلغ من العمر 17عاماً بعد مقتله على يد الشرطة يوم الثلاثاء الماضي، تكريماُ له بالميدان الذي قُتل فيه.
وانتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الإجتماعي يُظهر عنصرين من الشرطة الفرنسية أثناء محاولتهما ايقاف سيارة قبل أن يطلق أحدهما النار على نائل من مسافة قريبة أثناء محاولة نائل إجتياز نقطة تفتيش مرورية بضاحية نانتير غرب باريس.
أثارت الحادثة موجة غضب في فرنسا تجاه العنف المفرط للشرطة واندلعت مواجهات بضواحي باريس بين المتظاهرين والشرطة التي استدعت نحو 2000 عنصر من مكافحة الشغب إلى الضواحي المحيطة بباريس، مما أدى إلى إصابة 24 شرطياً بجروح طفيفة وإحتراق نحو 40 سيارة تابعة للشرطة وفقاً لوزارة الداخلية الفرنسية، وذكرت وكالة فرانس برس أنه تم إحراق ومهاجمة مراكز للشرطة نقلاً عن الوزير دارمانان.
ودعى الناطق باسم الحكومة أوليفييه فيران إلى الهدوء موضحا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأثر بمقتل الشاب، و من جانبه قال ماكرون قُبيل إنعقاد إجتماع “أزمة” لمجلس الوزراء الفرنسي أن أعمال العنف المندلعة لليوم الثاني على التوالي غير مبررة، وفي الجمعية الوطنية وقف النواب والوزراء دقيقة حداد تحيةً للشاب نائل ضحية عنف الشرطة.
اعتقال نحو 900 محتج
ارتفع عدد المعتقلين في فرنسا خلال موجة الاحتجاجات على مقتل الفتى نائل برصاص الشرطة في ضواحي باريس، في حين حذرت مذكرة للاستخبارات من اتساع رقعة العنف خلال الليالي المقبلة.
وقالت وزارة الداخلية -اليوم الجمعة- إن السلطات اعتقلت 875 شخصا بعد اندلاع مواجهات بين الشرطة والمحتجين لثالث ليلة على التوالي في أنحاء البلاد.
وقالت مصادر مقربة من وزير الداخلية إن عددا كبيرا من المعتقلين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاما.
“قصف بالهاون”
وتفقدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن برفقة وزير الداخلية جيرالد دارمانان -صباح اليوم- مركز شرطة إيفري كوركورون بضاحية باريس الجنوبية بعد تعرضه “لقصف بقذائف الهاون” ليلا، وفقا لمصادر بالشرطة الفرنسية.
وتحدثت بورن مع المسؤولين عن مركز الشرطة وأعربت عن دعمها لهم، وشددت على أن “جميع الخيارات ممكنة لاستعادة النظام في البلاد”.
واستبقت رئيسة الوزراء زيارتها لمركز الشرطة بتغريدة على تويتر نددت فيها بأعمال العنف وقالت إن تلك الأفعال “لا تطاق ولا يمكن تبريرها”.
في تلك الأثناء، غادر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، حيث اضطر لاختصار مشاركته والعودة إلى فرنسا مع تسارع الأحداث.
وترأس ماكرون فور عودته اليوم اجتماعا جديدا لخلية الأزمة الوزارية. وقال الإليزيه إن الرئيس “مستعد لاعتماد آلية للحفاظ على الأمن من دون محاذير”.
وكان الرئيس الفرنسي عقد صباح أمس الخميس الاجتماع الأول لخلية الأزمة الوزارية قبل أن يتوجه إلى بروكسل، وقد ندد خلال الاجتماع بأعمال عنف غير مبررة، حسب وصفه.
حظر تجول ليلي
وقررت 4 مدن قريبة من العاصمة باريس فرض حظر تجول ليلي -بعضها لعدة أيام- في كل أو بعض الأحياء، وعلى الجميع أو على القاصرين فقط.
وفي العاصمة، تعرضت بعض المتاجر في حي لي آل وشارع ريفولي -الذي يؤدي إلى متحف اللوفر- إلى “التخريب” و”النهب وحتى الحرق”، وفقا لمسؤول رفيع المستوى في الشرطة الوطنية.
وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي حرائق عديدة في أنحاء بالبلاد منها محطة حافلات في ضاحية تقع شمال باريس ومحطة ترام في ليون.
وفي منطقة باريس، توقفت خدمات الحافلات والترام عن العمل اعتبارا من الساعة 9 مساء أمس الخميس (7 مساء بتوقيت غرينتش).
وأفاد مراسل الجزيرة بأن العنف امتد إلى مدن نانت ومرسيليا وليل، حيث أحرقت ممتلكات عمومية وخاصة.
ففي مرسيليا، ثاني مدن فرنسا، تضررت واجهة مكتبة البلدية، وفقا لما قالته البلدية. وفي منطقة الميناء القديم الشهيرة المطلة على البحر المتوسط، دارت مواجهات بين الشرطة ومجموعة أشخاص تراوح عددهم بين 100 و150 شخصا.
ووجهت النيابة الفرنسية تهمة القتل العمد إلى الشرطي الذي أطلق النار على نائل، ووُضع قيد الحبس الاحتياطي.
وأمس الخميس، خرجت مسيرة لتكريم ذكرى الفتى أطلقت الشرطة في نهايتها الغاز المسيل للدموع على مشاركين فيها، و يتسق عنف الشرطة الفرنسية مع طبيعة عمل جهاز الشرطة في النظام الرأسمالي عموماً ويعد السجل الحافل بالإنتهاكات لهذا الجهاز نِتاجاً طبيعياً للدور الذي يقوم به في المجتمع كأداة قمع الطبقة الحاكمة.
المصادر: بوابة الاشتراكي _ وكالات