
يواجه السوريون المقيمون في مناطق نفوذ نظام الطغمة اليوم وضعًا مأساويًا وغير مسبوق في قسوته وفي مستويات تعقيده، إذ تسود أوضاع اقتصادية وظروف معيشية تكاد تجعل من شروط الحياة الطبيعية أمرًا فائق الصعوبة، في ظل انخفاض يومي لسعر صرف الليرة السورية قياسًا بسعر الذهب، أو مقارنة بسعر العملات العالمية الصعبة، مترافقًا مع ارتفاع دائم، وفي كل ساعة أحيانًا، بسعر السلع الأساسية والخدمات، وبنحو لا ينسجم إطلاقًا مع الأجور ومستويات الدخل المتدنية، إلى حدود لامثيل لها في أي مكان بالعالم.
في ظل الواقع القاسي الذي يواجهه الشعب السوري، يتلقى معظم العاملين رواتب ضئيلة لا تتجاوز نصف دولار أمريكي في اليوم، بينما تتطلب تكاليف المعيشة الأدنى لأسرة مكونة من أربعة أشخاص عشرة أضعاف هذا المبلغ.
تزداد الصعوبات بالنسبة للمصروفات الأخرى مثل الملابس والرعاية الطبية والتعليم، إذ يعاني الأهالي من غياب الجودة والثقة في المؤسسات التعليمية الحكومية، مما يدفعهم إلى اللجوء إلى التعليم الخاص، ويجد المدرسون أنفسهم يعتمدون على الدروس الخصوصية لتعويض قلة رواتبهم، إن الفوضى والفساد يعمّان تلك المؤسسات، مما يؤثر سلبًا في تأدية المدارس لدورها المنوط بها.
يعاني السوريون من صعوبات متزايدة، متضمنةً انقطاعًا مستمرًا للكهرباء، ونقص المياه، ونقص المحروقات وأزمة وسائل النقل، وهذا يؤثر في القطاعات الصناعية والزراعية.
يتعذر على الفلاحين إتمام عمليات الإنتاج الزراعي بسبب ارتفاع أسعار الأدوية الزراعية والأسمدة، وتتسبب السياسات الحكومية السلبية في ترك الفلاحين يواجهون تحديات إضافية في تسويق منتجاتهم. ويضطر بعضهم إلى التخلص من محاصيلهم بسبب عدم الجدوى الاقتصادية.
في القطاع التجاري، يشكو المواطن السوري من السيطرة المطلقة للتجار على سياسات التسعير، إذ يقررون بنحو مستقل أسعار المنتجات بما يحقق مكاسبهم الشخصية وينهك موارد الدولة المتبقية. إضافةً إلى ذلك، تسيطر بعض العصابات التجارية على التجارة الخارجية وتوريد سلع استراتيجية مثل السكر والشاي وزيت القلي وغيرها، مما يؤثر في حياة المواطنين. وتشير التقارير إلى أن بعض الموردين يحققون أرباحًا تصل إلى ترليون ليرة سورية في فترة زمنية قصيرة جدًا، بسبب تركيز التوريد في يد تاجر واحد أو أكثر.
تُعد السياسة الاقتصادية في سوريا نتيجة مباشرة لمصالح التجار والمورّدين الكبار، دون اعتبار لمصالح الآخرين، ويوجد افتقار للرقابة الحكومية ورقابة التموين في أنشطتهم، وتقتصر على ملاحقة التجار الصغار بدلًا من السعي لمصلحة المستهلكين الفقراء. في هذا الصدد، شهدت أسواق اللاذقية إغلاقًا شبه تام للهروب من حملة لوزارة المالية في دمشق، التي كانت تسعى لتحصيل الضرائب حتى من أصحاب المتاجر الصغيرة.
إذا كانت المشكلة الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الاقتصاد السوري والشعب السوري محض تجسيد للفوضى والفساد في أداء المؤسسات المسؤولة عن وضع وتنفيذ السياسة الاقتصادية في البلاد وفي حياة المجتمع، فإن الواقعية تفرض الاعتراف بأن الاقتصاد السوري والحكومة السورية يعانيان. وبجانب سوء الإدارة والفوضى وغياب المساءلة، تعاني سوريا من نقص الموارد المالية ونفاد العملات الصعبة والإنفاق الضخم على الحرب والجهاز العسكري.
كما تتعرض لاستمرار العقوبات الدولية وتسيطر عليها إيران وروسيا “كحلفاء”، الذين يسعون لتحصيل ديونهم ومستحقاتهم التي ترتبت جراء الحرب، ويسيطرون على المرافق الاقتصادية ومصادر الثروة مثل الفوسفات وغيرها المتبقية في البلاد.
وضع الاقتصاد السوري يظهر تحديات ضخمة للغاية، إذ يجري استنزاف الموارد إلى حد كبير من قبل فرق النهب والاستغلال الداخلية، وفرق الحلفاء المتورطين في الخارج. هؤلاء الفرق يسعون لتعويض نفقاتهم في الحرب المستمرة التي لا تزال مشتعلة، بينما يجد المواطن نفسه يفقد الأمل في مغادرة البلاد، ويجد نفسه مضطرًا لمواجهة سؤال زوجته وأطفاله: “هل سنجد طعامًا اليوم؟ وكيف سنأكل غدًا؟”.
في الختام، يواجه السوريون تحديات اقتصادية واجتماعية مدمرة وغير مسبوقة. إذ تشهد الأوضاع الاقتصادية والظروف المعيشية تدهورًا شديدًا، إذ يعاني الشعب من انخفاض قيمة الليرة السورية وارتفاع أسعار السلع الأساسية، في حين تتراجع الرواتب والدخل المتاح للمواطنين.
تزداد التحديات في مجالات التعليم والرعاية الصحية والنقل والزراعة، مما يؤثر سلبًا في حياة الناس.
تتسم السياسة الاقتصادية في سوريا بالفوضى والفساد، إذ يجري تجاهل مصالح الشعب وتفضيل مصالح التجار الكبار.
يعاني الناس من انقطاع الكهرباء المستمر ونقص المياه والوقود، مما يؤثر في الصناعة والزراعة.
الأسعار يتحكم فيها التجار بنحو مستقل، دون مراعاة لظروف الأشخاص ذوي الدخل المحدود.
الفساد ينتشر في المؤسسات الحكومية، والمجتمع يعاني من غياب الرقابة والمساءلة.
مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، يتعامل المسؤولون بخفة تجاه معالجة هذه المشكلات.
ينبغي توجيه الجهود نحو تعزيز الشفافية وتقديم الدعم اللازم للمواطنين، وربط الأجور بالأسعار، إضافةً إلى تعزيز الرقابة على الأسواق ومكافحة الفساد.
يجب التركيز على توفير الخدمات الأساسية وتحسين البنية التحتية لتحسين معيشة الناس.
لكن مهمة تحقيق التغيير الإيجابي في الوضع السياسي-الاقتصادي والاجتماعي السوري ليست سهلة. تتطلب حلولًا شاملة وجهودًا مشتركة من حكومة ومجتمع محلي والمجتمع الدولي. يجب على الدول الأخرى أيضًا تقديم الدعم اللازم لإعادة بناء الاقتصاد السوري وإسقاط الديون المستحقة. وتوفير المساعدة الإنسانية للشعب السوري المتضرر.
رغم تعقيد الوضع الحالي، فإن الأمل لا يزال قائمًا.
يجب أن يتمكن السوريون من العيش بكرامة وتحقيق حياة أفضل.
يجب أن يوجد التزام حقيقي بحقوق الإنسان وتوفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية للجميع.
من طريق التعاون والتضامن، من طريق التنظيم في حزب يساري ثوري يمثل مصالح الطبقات العاملة والشعبية، ويمكّن السوريين من تجاوز التحديات الحالية وبناء مستقبل أفضل.
وكالات _ محمد عيسى في مقال رأي لمجهر
الخط الأمامي