بعد خلافات استمرت أربع سنوات تقريباً، يلتئم شمل هيئة التفاوض السورية المعارضة بجميع مكوناتها في جنيف الجمعة، وهو التطور الذي تعتقد الهيئة أنه بمثابة الرد على محاولات بعض الدول العربية تهميش المعارضة لصالح إعادة تعويم النظام.
توافق انتهازي وهش
إن اختيار مدينة جنيف لعقد هذا اللقاء “الاستثنائي”، يهدف إلى “الدفع بمحاولة استقلال الهيئة عن القوى الاقليمية المتدخلة في الصراع السوري، وبدلا من تقديم نقد ذاتي موضوعي لممارسات انتهازية ممنهجة تُعزي جميع الخلافات السابقة بينها لتدخلات هذه القوى والسعي للهيمنة عليها.
وتتألف الهيئة من ممثلين عن الائتلاف الوطني، وهيئة التنسيق الوطني، ومنصتي موسكو والقاهرة، بالإضافة إلى المستقلين ومندوبي الفصائل العسكرية، وكلها أجسام سياسية مرتهنة لدول متدخلة في الشأن السوري وأغلبها تحتل أجزاء بالفعل من سوريا.
ومنذ عام 2019 دخلت المؤسسة في أزمة أثّرت بشكل كبير على فاعليتها، حيث قاطعت كل من هيئة التنسيق (مقرها دمشق)، ومنصتا موسكو والقاهرة معظم اجتماعاتها، وكذلك جميع الانتخابات التي جرت فيها.
وبالإضافة إلى ما سبق، فقد أوقفت السعودية منذ ذلك العام التمويل الذي كانت قد تعهدت به للمؤسسة، وأغلقت مكتبها الرئيسي في الرياض، بسبب ما يُعرف ب”قضية المستقلين”.
لكن الأسابيع الأخيرة الماضية، وعلى وقع التحركات الإقليمية الواسعة لإعادة تأهيل نظام الطغمة والتطبيع معه، ومع تجاهل الدول العربية، أطلقت هيئة التنسيق الوطني مبادرة لرأب الصدع بين قوى المعارضة بشكل عام، وهيئة التفاوض بشكل خاص، وقد نجحت بالفعل في تحقيق بعض التقدم مستغلة الظروف الإقليمية.
مواجهة الضغوط
ويبدو أن هناك تعويلاً كبيراً داخل الهيئة على الاجتماع الذي سيعقد في جنيف، في 2 حزيران/يونيو، بأن يكون إعلاناً عن عودة تماسك جبهة المعارضة، التي تأمل باستجابة الدول المؤثرة للدعوات التي وجهت لها من أجل إرسال مبعوثيها لحضور هذا الاجتماع.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها “الخط الأمامي” فقد وجهت الهيئة دعوات للمندوبين الخاصين إلى سوريا، من كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وهولندا والاتحاد الاوروبي وفرنسا وقطر وكندا وتركيا وسويسرا والسعودية والأردن ومصر، حيث أكد معظمها الحضور.
وبالإضافة إلى اللقاء مع المندوبين الخاصين، من المقرر أن يلتقي أعضاء هيئة التفاوض بالمبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن، على أمل أن يشكل حضور ممثلين عن جميع المكونات مانعاً أمام ممارسة الضغوط على الهيئة لتقديم أي تنازلات.
واعتبر رئيس هيئة التفاوض بدر جاموس أن هذا اللقاء “سيكون بمثابة نقطة تحول كبيرة في عمل هيئة التفاوض، ورسالة واضحة للجميع بأن المعارضة السورية موحدة بوجه محاولات التجاوز عليها لصالح إعادة تعويم النظام”.
فيما يبدو أنها محاولة لترتيب الأوراق، استعدادا للانخراط مع نظام الطغمة في مفاوضات تحقق تغيير شكلي للنظام، وهذا التغيير السطحي يحافظ على بنية النظام ويفتح المجال أمام إعادة تعويمه في نفس الوقت.
الخط الأمامي