
نفذت السلطات الإيرانية حكماً بإعدام ثلاثة رجال أدينوا بالضلوع بمقتل أفراد من قوات الأمن خلال التظاهرات التي اندلعت العام الماضي، وذلك على الرغم من مناشدة واشنطن بعدم تنفيذ أحكام صدرت بعد “محاكمات عُدت صورية”.
أعلنت السلطة القضائية الإيرانية تنفيذ أحكام بالإعدام الجمعة (19/5/2023) في ثلاثة رجال أدينوا بالتورط في مقتل أفراد من قوات الأمن خلال التظاهرات التي اندلعت العام الماضي في البلاد على خلفية وفاة مهسا أميني.
وكانت الأحكام صدرت على مجيد كاظمي وصالح مرهاشمي وسعيد اليعقوبي بعد إدانتهم بـ”الحرابة”، خلال تظاهرة في مدينة أصفهان (وسط)، كما ذكر موقع وكالة الأنباء التابعة للسلطة القضائية “ميزان أون لاين”. وذكرت السلطات القضائية أن الرجال الثلاثة ضالعون في مقتل اثنين من أفراد قوة الباسيج شبه العسكرية ورجل أمن.
وكان الحكم بالإعدام قد صدر في كانون الثاني/يناير على الرجال الثلاثة الذين اعتقلوا في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وقالت الوكالة أنهم أدينوا بالانتماء إلى “جماعات غير شرعية تهدف إلى تقويض أمن البلاد والتواطؤ الذي يؤدي إلى جرائم ضد الأمن الداخلي”. وأضافت “بحسب الأدلة وأقوال المتهمين، أدى إطلاق النار (من سلاح ناري) من قبل هؤلاء الثلاثة إلى استشهاد ثلاثة من عناصر القوات الأمنية”.
ويوم الأربعاء كتب الرجال الثلاثة رسالة موجهة إلى الشعب الإيراني من داخل السجن خاطبوا خلالها المواطنين بالقول
“لا تسمحوا لهم بقتلنا”.
ويرفع إعدام المحكومين الثلاثة الجمعة عدد الذين اعدموا على خلفية الاحتجاجات إلى سبعة، بعدما نفّذت السلطات حكمين في كانون الأول/ديسمبر، واثنين آخرين في كانون الثاني/يناير.
كانت الولايات المتحدة قد حثت إيران الخميس على عدم تنفيذ أحكام بالإعدام بحق ثلاثة أشخاص حوكموا على خلفية التظاهرات التي شهدتها الجمهورية الإسلامية قبل أشهر.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل قد أعرب عن قلقه حول إمكانية تنفيذ طهران أحكام الإعدام بحق الرجال الثلاثة. وقال باتيل للصحافيين إن “إعدام هؤلاء الرجال بعد محاكمات عُدت صورية على نطاق واسع سيكون إهانة لحقوق الإنسان وأبسط أسس الكرامة في إيران وفي كل مكان”.
وبحسب باتيل فإنه “من الواضح أن النظام الإيراني لم يتعلم شيئاً من الاحتجاجات التي بدأت بوفاة أخرى، وفاة مهسا أميني”.
ردود فعل شعبية
أثار إعدام صالح ميرهاشمي ومجيد كاظمي وسعيد يعقوبي، فجر اليوم الجمعة، ردود فعل كثيرة من المواطنين الإيرانيين ومن سياسيين أجانب ومنظمات حقوقية محلية وعالمية. وتشير التقارير إلى أن النظام يخطط لدفن الضحايا اليوم في صمت بمقبرة حبيب آباد في أصفهان دون حضور ذويهم.
وبعد إعلان خبر إعدام المحتجين الثلاثة، هتف أهالي إكباتان وطهرانسر في العاصمة الإيرانية: “الموت للنظام قاتل الشباب”، و”الموت لخامنئي القاتل”، احتجاجا على إعدام صالح ميرهاشمي ومجيد كاظمي وسعيد يعقوبي.
كما نشرت مجموعة “شباب أصفهان وضواحيها” نداء للإضراب العام، وكتبت: “أصفهان. مدرسون ومتقاعدون، وعمال ومزارعون، طلاب وطالبات، رجال أعمال، ربات بيوت… قوموا بالإضراب. على كل ايران أن تضرب وتحزن”.
من جانبه، كتب السجين السياسي السابق حسين رونقي في تغريدة باللغة الإنجليزية، مشيرا إلى إعدام ثلاثة سجناء فيما يعرف بقضية “بيت أصفهان”: “ثلاثة من شباب إيران في الانتفاضة الأخيرة تم قتلهم (إعدامهم) صباح اليوم.. هل ترون ما يحدث؟ هل تسمعوننا؟”.
يذكر أن صالح ميرهاشمي ومجيد كاظمي وسعيد يعقوبي وصفوا أنفسهم عبر رسالة من داخل السجن بـ”أولاد إيران”، وطلبوا من المواطنين أن لا يسمحوا للنظام بقتلهم.
ردود الفعل العالمية:
وفي خارج إيران، أدى إعدام المتهمين الثلاثة في ما يعرف بقضية “بيت أصفهان” إلى ردود فعل واسعة من سياسيين ونشطاء مدنيين ومنظمات حقوقية.
وكتبت هانا نيومان، ممثلة ألمانيا في البرلمان الأوروبي، في تغريدة لها تعليقا على إعدام صالح ميرهاشمي ومجيد كاظمي وسعيد يعقوبي: “يا عالم، استيقظوا!”.
كما طالبت بإدراج الحرس الثوري الإيراني في قائمة الجماعات الإرهابية في أوروبا وإنهاء مفاوضات الاتفاق النووي مع طهران.
وردًا على إعدام الإيرانيين الثلاثة، كتب عضو البرلمان الألماني “يي وان راي” في تغريدة: “لقد قتلوا ثلاثة أشخاص آخرين. أثبت النظام الإيراني مرة أخرى أنه ليس أكثر من مجرد إرهابي”.
وكتب مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، محمود أميري مقدم، في تغريدة له، أن إعدام صالح ميرهاشمي ومجيد كاظمي وسعيد يعقوبي يجب أن تكون له عواقب وخيمة على النظام الإيراني، وإلا فإن حياة 100 متظاهر آخر ستكون في خطر.
وأعلن القضاء الإيراني صباح اليوم الجمعة، تنفيذ حكم الإعدام ضد صالح مرهاشمي ، مجيد كاظمي وسعيد يعقوبي، بينما كان عدد كبير من المواطنين والشخصيات الثقافية والسياسية والمنظمات الحقوقية داخل وخارج إيران قد طالبوا بوقف تنفيذ الحكم الصادر بحق هؤلاء الثلاثة الذين قالوا في تسجيل صوتي من داخل السجن إنهم تعرضوا للتعذيب من أجل حصول النظام على الاعترافات القسرية.

يذكر أن إيران شهدت حركة احتجاجية بعد وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في أيلول/سبتمبر 2022 عقب توقيفها لدى “شرطة الآداب” لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة، حسب المنظور الإيراني.
وخلال التظاهرات الاحتجاجية التي اعتبرتها طهران إجمالا “أعمال شغب” حرّضت عليها دول خارجية، تم توقيف الآلاف وقتل مئات الأشخاص بينهم العشرات من أفراد قوات الأمن.
وإيران هي الثانية في العالم من حيث عدد أحكام الإعدام المنفّذة بعد الصين، وفق أرقام منظمة العفو الدولية، وتحدثت منظمات حقوقية خارج إيران في الآونة الأخيرة عن تزايد ملحوظ في عدد أحكام الإعدام التي تنفّذها السلطات.
وفي 2022 أعدم 582 شخصًا بزيادة نسبتها 75 بالمئة عن العام السابق، كما ذكرت منظمات حقوقية خارج إيران. لكن عمليات الإعدام باتت تجري بوتيرة أكبر في 2023. فقد أحصت منظمة حقوق الإنسان غير الحكومية ومقرها النروج 218 عملية إعدام على الأقل منذ بداية العام. وتقول الأمم المتحدة إنه منذ الأول من كانون الثاني/يناير أُعدم 209 أشخاص على الأقل معظمهم بسبب جرائم متعلقة بالمخدرات، مشيرة إلى أن العدد قد يكون أكبر.
وفي التاسع من أيار/مايو، دان المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك أيضا “العدد الكبير بشكل لا يصدق” لأحكام الإعدام التي نفذت خلال العام الجاري في إيران وبلغ متوسطها أكثر من عشرة أحكام في الأسبوع.
كل التضامن مع ثورة الشعب الإيراني المحقة من أجل النساء والحياة والحرية ضد نظام الملالي الاستبدادي.
ع.ح./ع.ج.م. (أ ف ب، رويترز)