
بمناسبة الذكرى الثامنة والسبعين لهزيمة النازية نعيد نشر هذا المقال الذي كتبه الاشتراكي المصري وسيم وجدي منذ ثلاث سنوات على أجزاء عبر حسابه على فيسبوك، وقد تم تجميعه وتقديمه للرفيقات والرفاق لأنه يضيء على نقاط أساسية ومحورية لا يجب أن تغيب عن أذهاننا في ظل البروباغاندا المرافقة لهذا اليوم.
أكاذيب الاتحاد السوفييتي والمغالطات الخاصة بطبيعته وباعتباره النموذج الأمثل للنظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ينبغي أن يسعى إليه الساعون إلى الحرية والمساواة بينما كان نموذجا للظلم والاستبداد والتجويع والأكاذيب والمجازر والاغتيالات والحبس والنفي واستعمار الدول المحيطة باستخدام كلمة اشتراكية والتي تشوهت بسبب كل ذلك وأكثر والتي نعمل كيسار ثوري على تطهيرها من كل هذه التشوهات.

“رفع العلم السوفييتي على الرايختساج – قصة صورة وأكاذيب
انتشرت في الأيام الماضية هذه الصورة، ربما الأشهر من بين صور نهاية الحرب العالمية الثانية، وذلك في ذكرى مرور ٧٥ عاماً على هزيمة النظام النازي.
وهذه الصورة الأيقونة التي تصور العلم الأحمر يرتفع في خضم المعمعة ويرفعه الأبطال الفخورون الذين أوقفوا مد الفاشية في العالم وأنقذوا البشر من الهولات، في الواقع ملئى بالأكاذيب الصغيرة والكبيرة.
سأتحدث اليوم عن تلك التفاصيل الكاذبة الصغيرة، التي تحمل دلالات كبرى في نظري.
أما الأكاذيب الكبيرة التي تأتي هذه الصورة الأيقونة لتخفيها فهي أن الحرب العالمية لم تكن انتصارا للاشتراكية على الفاشية، أو انتصارا للاشتراكية في الشرق والديمقراطية في الغرب على ألمانيا النازية، بل الحقيقة هي أن الحرب العالمية الثانية بدأت بناء على تحالف بين ستالين وهتلر. نعم، تحالف سياسي اقتصادي عسكري استراتيجي دام عامين. بينما هتلر ينشر النازية وينشر المجازر والمذابح ويغزو شمال وقلب وغرب أوروبا. والذي سأتحدث عنه مطولا في القسم الثاني .
فلنعد إلى الصورة.

الصورة على اليمين هي الصورة الأصلية، وعلى اليسار النسخة التي نُشرت في ١٣ مايو في مجلة روسية وأصبحت الأيقونة التي نعرفها.
أولا، وكما رأينا في أكثر من مرة، فإن صورة العلم الذي يرتفع في وسط المعارك وبجسارة لا مثيل لها يتضح أنها التقطت بعد أن وضعت الحرب أوزارها وفي لقطة تمثيلية. خاوية من الجسارة. وهنا يخطر في بالي مثلا الصورة الأمريكية الأيقونة “رفع العلم على أيوا جيما” في الحرب ضد اليابان، وطبعا لقطات رفع العلم في حرب أكتوبر التي نراها في أفلامنا السينمائية والتي تم تصويرها بعد انتهاء الحرب.
هذه الصورة التُقطت بعد رفع العلم السوفييتي على الرايختساج بيومين. فقد رُفع العلم لأول مرة في ٣٠ أبريل، وأنزله الألمان في اليوم التالي، وبعد انتهاء القتال والهزيمة الكاملة لألمانيا في ٢ مايو قام المصور، يفجيني خالدي، بالبحث عن عدد من الجنود ليصوروا معه هذا المشهد. وهو ما كان.
فنياً، ولأن الصورة التُقطت بعد انتهاء القتال فقد أضاف المصور باستخدام صورة أخرى سحب الدخان في خلفية الصورة. هذا ليس بالشيء الكثير، ولكنه معبر جدا رمزيا. فهي الفارق بين رفع العلم أثناء المعركة أو بعد انتهائها.
تفصيلة أخرى تتعلق بالحذف هذه المرة: لو دققتم في الصورة لوجدتم أن الجندي الذي يساعد من يرفع العلم يرتدي ساعتين، واحدة في الذراع اليمنى وواحدة في اليسرى! إحداها اختفت في الصورة النهائية المنشورة. فالبطل الاشتراكي الذي يرفع العلم الأحمر على عقر دار النازية ينبغي ألا يكون لصاً حقيراً، حتى وإن كانت هذه هي الحقيقة. وبالنسبة لي فإن رمزية هذه الساعة المسروقة والتي أخفاها التاريخ “الرسمي” للاتحاد السوفييتي، ولم تظهر هذه الحقائق إلا بعد سقوطه، هو أنها ترمز للجرائم التي ارتكبها الجيش “الأحمر” في سياق “تحريره” لدول أوروبا الشرقية من النازيين وبخاصة تلك الجرائم المرتكبة، من قتل للمدنيين وعمليات اغتصاب جماعي، في ألمانيا نفسها. وكانت هذه الجرائم في جانب منها ردا وانتقاما للأعمال الوحشية والمجازر التي لم ير لها التاريخ مثيلا التي ارتكبها الألمان في روسيا. ولكن هيهات بين هذا الجيش المنتقم وبين الجيش الأحمر الذي كان يقوده تروتسكي في أوائل الثورة الذي قرّع فيه تروتسكي في مرة عددا من الجنود ومنع صدور أحد أعداد جريدة يصدرونها لاحتوائها مقالا يسيء إلى الشعب الألماني، أثناء حربهم ضد الألمان دفاعا عن الثورة، وكتب مقالا يفرّق فيه بين العداء مع الطبقة الحاكمة وقيادات الجيش الألماني وبين الأخوة بين جنود الجيشين وشعبي البلدين. هيهات بين هذا الجيش المنتقم وبين الجيش الأحمر الذي كان يقوده تروتسكي الذي كان أحد أسلحته الأساسية المنشورات التي يبثها إلى الجنود الألمان داعياً إياهم إلى التآخي. إلى إسقاط جنرالاتهم والتآخي مع الجيش الأحمر!

تفصيلة ثالثة سياسية:
لأغراض سياسية واضحة كان على المجندين ألكيسي كوفاليف الأوكراني الذي يمسك بالعلم، والمجند عبد الحكيم إسماعيلوف من داغستان، الذي يسانده، وصاحب الساعتين، أن يختفيا من التاريخ حتى سقوط الاتحاد السوفييتي. فقد نشرت الدعاية السوفييتية أن هذين الجنديين هما البطلان “مليتون كانتاريا” من جورجيا، بلد الزعيم، و”ميخائيل يغوروف” من روسيا العظيمة! بطلان، جورجي وروسي، يليق بهما رفع العلم حقا على مبنى الرايختساج.
هكذا هو التاريخ، يمكن البحث عنه في تفاصيل الأكاذيب الصغيرة، والتي تحيلنا إلى سرديات كبرى. هذه الصورة تأتي في سياق تكريس سردية انتصار الاشتراكية على النازية وتحرير بلدان شرق أوروبا، بل وألمانيا نفسها. ولفهم هذه الأكذوبة، دعونا نعود إلى الحلف الذي عقده ستالين وهتلر معا والذي كان العامل الأكبر في دعم ألمانيا النازية في حربها الاستعمارية.”
حلف الشيطان الذي قتل الملايين –ستالين وهتلر
في غمار انتشار التوترات في أوروبا وتكثف سحب الحرب، وبعد ضم ألمانيا للنمسا ولأجزاء من تيشكوسلوفاكيا، وفي ظل حرب بين الجمهوريين والاشتراكيين من ناحية والفاشيين بمساندة ألمانيا النازية من ناحية أخرى في اسبانيا، قام وزير الخارجية السوفييتي فياشسلاف مولوتوف ويواكيم فون ريبنتروب وزير الخارجية النازي بتوقيع “معاهدة عدم اعتداء” بين البلدين، في ٢٣ أغسطس ١٩٣٩ في موسكو.
وبعدها بأسبوع بالضبط، في ١ سبتمبر تحركت الجيوش الألمانية لاحتلال بولندا واندلعت الحرب العالمية الثانية.
روسيا السوفييتية، الدولة الاشتراكية الأم في هذه اللحظة بالذات تعقد حلفاً مع ألمانيا النازية! كان هذا الحدث صادماً للعديد من الشيوعيين والاشتراكيين على مستوى العالم. بل إنه تسبب في موجة نزوح من الأحزاب الشيوعية لم يحدث مثلها إلا بعد ذلك بسنوات عندما غزا الاتحاد السوفييتي المجر لقمع ثورة عمالية ديمقراطية في وجه استبداد النظام الشيوعي الاستبدادي.
لقد كان ستالين يقوم بمحاكمة زملاء لينين وكل من تبقوا من الرعيل الذي قاد الثورة الروسية في ١٩١٧ بتهم كلها مزيفة وخسيسة، وعلى رأسها “التواطؤ مع النازيين” أو التجسس لحساب هتلر والفاشية!! ذلك في الوقت الذي كان يرسل مبعوثيه للتوصل إلى اتفاقات اقتصادية مع ألمانيا النازية وتدعيم التعاون معها والذي بلغ ذروته في هذا الحلف!
وفي يوم وليلة أصبح انتقاد هتلر ممنوعا في الاتحاد السوفييتي! بل إن إسحق دويتشر يخبرنا أنه تم سحب جميع الكتب التي تنقد الفاشية والنازية من المكتبات العامة في روسيا، وأصبح امتلاكها جريمة. في يوم وليلة. بعد أن كانت تلك الكتب عينها مفروض قراءتها على الجميع.
لم تنص هذه المعاهدة على عدم اعتداء بلد على الآخر فحسب، بل إن بنودها السرية، والتي انكشفت بعد الحرب، وإن كانت انكشفت للعديدين في الممارسة أثناء الحرب، تنص على اتفاق البلدين على غزو بولندا بصورة مشتركة وتقسيمها بينهما، والاتفاق على أن يكون لألمانيا النصيب الأكبر، وكذلك الاتفاق على وضع دول البلطيق، لاتفيا وليتوانيا وإستونيا، وفنلندا وأجزاء من رومانيا في ما أسموه “دائرة نفوذ” السوفييت. وقد حافظ الطرفان على جانبه من هذه الخطة حتى اللحظة التي قامت فيها قوات هتلر بغزو الاتحاد السوفييتي. وفي هذا السياق يُذكر أن مولوتوف توجه إلى برلين في أكتوبر ١٩٤٠ بتعليمات من ستالين للتوصل مع هتلر على اتفاق حول وضع “بلغاريا” وضرورة ضمان ألمانيا وإيطاليا معاً لوضع بلغاريا تحت هيمنة روسيا، مثلها مثل رومانيا. كذلك كلّف ستالين مولوتوف بمهمة التعرف من هتلر على خطط ألمانيا في الشرق الأدنى والأوسط. هذا ما كان يُهمّ ستالين في أكتوبر ١٩٤٠، بعد سنتين من الحرب العالمية الثانية.
كانت مثل هذه المعاهدة شديدة الأهمية بالنسبة لهتلر إذ إنها حررته من الخوف من اندلاع الحرب على جبهتين، وأطلقت يده في غزو أوروبا. وكانت هذه المعاهدة تمثل لروسيا الستالينية إطلاقاً ليدها في استعادة أجزاء من الإمبراطورية القيصرية!
وهكذا فإنه وبعد أسبوع من توقيع المعاهدة غزت الجيوش النازية بولندا واحتلت نصفها الغربي، وبعدها بأيام احتل الجيش السوفييتي الجزء الشرقي. وبعد أشهر قليلة، في سنة ١٩٤٠ احتل جيش ستالين دول البلطيق، وقام بغزو فنلندا التي استطاعت أن تقاوم في البداية ولكن روسيا استطاعت في النهاية أن تضم بعض الأراضي من شرق فنلندا. وفي الجنوب استولى ستالين على أجزاء من رومانيا.
* (وقد يكون من الطريف / المحزن أو من المناسب هنا أن أخبركم بأن كوكتيل مولوتوف الشهير يظنه الكثيرون والكثيرون استقى اسمه من وزير خارجية روسيا السوفييتية بسبب ارتباط هذا الكوكتيل بالثورات، وهذا الكوكتيل الحارق هو سلاح للفقراء والضعفاء وارتبط بانتفاضاتهم وثوراتهم، ولكن الحقيقة هي أن هذا الاسم أطلقه رجال ونساء المقاومة الفنلندية للغزو الروسي، وهم من اخترعوه، وكانوا يستخدمونه ضد المصفحات الروسية، وأطلقوا عليه هذا الاسم تهكما، لأن مولوتوف كان قد صرح أنهم يسقطون على فنلندا بالطائرات طرود أطعمة، وكانت بالطبع قنابل. فرد الفنلنديون بأنه إذا كان هذا طعام فتفضلوا منا نحن هذا الكوكتيل بعد الأكل!!) (روجر موورهاوس: حلف الشياطين – تحالف هتلر وستالين، ١٩٣٩-١٩٤١).
كانت بولندا فريسة سقطت باتفاق وحشين استعماريين يفتكان بها في نفس الوقت. ففي الوقت الذي كان الاتحاد السوفييتي يرحّل فيه مليون بولندي من المناطق الشرقية الواقعة تحت احتلاله كان الوحش النازي يرحّل أيضاً مليونا من الشباب البولندي للعمل كعبيد، حرفيا، في ألمانيا، وكانت سلطات الاحتلال النازية تجمّع يهود بولندا الذين بدأوا في قضاء نحبهم في الظروف غير الآدمية التي وضعهم النازيون فيها، وذلك في الفترة السابقة على “الحل النهائي”.
وبالطبع، بالطريقة “الستالينية” المعتادة في الدعاية والأكاذيب، أعلن ستالين أنه يدخل بولندا لإنقاذها من السقوط الكامل في أيدي النازيين. وفي حقيقة الأمر، بصرف النظر عن الاتفاق العام بين القوتين، فإن تفاصيل اقتسام بولندا بين القوتين مخزية وخسيسة كما ستالين، فإسحق دويتشر يسجل لنا تباطؤ ستالين في إنجاز مهمته في غزو شرق بولندا المتفق عليها مع الألمان، حتى ينتهي الألمان من الهزيمة الكاملة للجيش البولندي، (الذي كان آخر معركة له مع الجيش الروسي، بقيادة ستالين المباشرة، هزيمة للروس)، حتى إن وزير الخارجية الألماني، ريبنتروب، أخذ يبعث الرسائل من ٥ سبتمبر يحث ستالين على التحرك لاحتلال شرق بولندا، بل إن وزير الخارجية الألماني أخذ “يبتز” ستالين حسب تعبير دويتشر بأنه لو لم يحتل شرق بولندا فإن الألمان لن يحتلوها وسيتركوها “فارغة” لتنشأ فيها دول معادية لستالين وروسيا السوفيتية!!! (إسحق دويتشر: ستالين).
ومن الجدير بالذكر، والخطير جدا، أن “حلف الشيطان” هذا ضم شقا اقتصاديا كذلك، فكانت ألمانيا توفر الأسلحة للجيش السوفييتي لغزو تلك البلدان، وبالذات على خلفية ضعف الجيش السوفييتي الذي لم يستطع هزيمة فنلندا! وفي المقابل كان الاتحاد السوفييتي يوفر للجيوش الألمانية الآخذة في استعمار أوروبا ونشر النازية والمذابح العرقية والإبادات الجماعية المواد الخام الغذائية والنفط والحديد!!!!
ومما قد يصدم العديدين، قام ستالين بتسلم ألمانيا النازية عدداً من الشيوعيين الألمان الذين كانوا قد لجأوا إلى “الوطن الاشتراكي الأم”، الاتحاد السوفييتي، هربا من النازية. وكان هؤلاء الشيوعيين الألمان مقبوض عليهم في إطار “التطهيرات” الستالينية في النصف الثاني من الثلاثينات (ولهذا حديث آخر)، فسيقوا من الزنازين السوفييتية إلى معسكرات الاعتقال النازية!!!
ومن جانب الاتحاد السوفييتي، فقد سمح ذلك الحلف المعقود باقتراف جرائم حرب ووحشية مذهلة، منها مثلا قتل الآلاف من الأسرى من ضباط الجيش البولندي في غابة “كاتين”، ومنها مثلا الترحيل القسري والوحشي لما يزيد عن مليون بولندي إلى سيبيريا ومناطق في آسيا الوسطى، وغيرها جرائم وحشية في دول البلطيق الصغيرة.
وكان على الأحزاب الشيوعية الموالية لروسيا الستالينية أن تغير من سياساتها مائة وثمانين درجة، مرة أخرى، فتتحول من فكرة الجبهة الشعبية التي فرضها عليهم ستالين والتي تقول بإنه يجب إبرام تحالف بين العمال والبرجوازية في جميع البلدان وذلك لمواجهة خطر الفاشية. فهذا الخطر من الشناعة بحيث أنه يجب الوقوف مع الطبقات الحاكمة الاستعمارية التقليدية لمواجهته ويجب مساندتها وإطفاء كل شعلات الثورة عليها. أما بعد إبرام حلف ستالين-هتلر فقد تحولت الدعاية إلى أنه لا فرق بين البلدان الغربية الديمقراطية وألمانيا النازية وأنه يجب الوقوف على الحياد بينها فهي حرب لا ناقة للاشتراكيين فيها ولا جمل. ذلك طبعا حتى فُرض عليهم تحول آخر مائة وثمانين درجة أخرى عندما غزت ألمانيا الاتحاد السوفييتي وتحالف ستالين مع الدول الغربية، بل إنه من أجل خاطرهم ألغى منظمة الأممية الثالثة بأكملها لطمأنتها عام ١٩٤٣.
ولكن على صعيد آخر يجب أن نذكر أن مثل هذا التحالف لم يفاجئ الجميع. فقد كان تروتسكي هنا سبّاقا كما كان في مواضع أخرى عديدة. فقد ذكر تروتسكي في بيان أصدره بعد توقيع المعاهدة بأيام: “لم أكفّ منذ ١٩٣٣ عن أن أعلن في الصحافة العالمية أن الغرض الأساسي للسياسة الخارجية لستالين هو التوصل إلى اتفاق مع هتلر، ولكن صوتي كان أخفت من أن يقنع سادة الأقدار”. وأضاف تروتسكي في البيان نفسه: “يتمثل السبب الأساسي للحرب في تناقضات الإمبريالية العالمية التي لا حلّ لها. بيد أن إبرام المعاهدة السوفييتية الألمانية يُعد هو قرع الطبول الذي يعلن بدء العمليات العسكرية. فعلى مدى الشهور الماضية، ما فتئ جوبلز وفورستر وغيرهم من الساسة الألمان يكررون أن “يوم” العمليات الحاسمة قادم قريباً. وقد بات جليَا واضحاً الآن أن ذلك اليوم هو يوم أمهر مولوتوف بتوقيعه المعاهدة الألمانية السوفييتية”. (تروتسكي، “عن الحرب والمعاهدة الألمانية السوفييتية، سبتمبر ١٩٣٩). ويشرح تروتسكي في هذا البيان تقسيم العمل بين ستالين وهتلر لتقسيم أوروبا فيشرح أن ألمانيا تحتاج إلى المواد الخام ويقول: “لقد انهزمت ألمانيا في الحرب العالمية الأخيرة بالأساس بسبب افتقارها إلى المواد الخام التي كانت تأتيها من أراضي الاتحاد السوفييتي. وليس من قبيل المصادفة أن يسبق إبرام هذا التحالف السياسي إبرام اتفاقية تجارية”. وعليه فإن “المعاهدة الألمانية السوفييتية ليست عبثية أو عقيمة، بل إنها تحالف عسكري تُقسّم فيه الأدوار كما يلي: هتلر يقود العمليات العسكرية، وستالين يعمل باعتباره أمين المخازن التابع له. ولا يزال بعض الناس يؤكدون بجدية أن هدف الكرملين هو الثورة العالمية!!”
ولا يزال بعض الناس يؤكدون بجدية أن هدف الكرملين هو الثورة العالمية. أو أن الاشتراكية انتصرت على النازية في الحرب العالمية الثانية!

ملحوظة:
هذا الرسم الكاريكاتيري الشهير نُشر في سبتمبر ١٩٣٩ في أعقاب الإعلان عن الحلف، وفيه يحيي الطرفان المتحالفان بعضهما كما يلي: هتلر يرفع قبعته ويصف ستالين بأنه حثالة الأرض، وستالين يرفع قبعته ويحييى هتلر قائلا “السفاح الدموي الذي يقتل العمال أليس كذلك؟”
عن الرفيق وسيم وجدي