
رحل في الأول من أيار، المناضل الماركسي الصلب الرفيق حسان خالد شاتيلا، بعد سنوات طويلة من مقارعة المرض والرأسمالية.
وجه جميل، من أفضل المناضلين الماركسيين. مثقف، ومناضل عملي في الوقت نفسه، ومتواضع إلى حد كبير. خسرت الماركسية في منطقتنا برحيله واحدًا من أنقى مناضليها.
له المجد

عن عمر ناهز ٧٧ عامًا، غادرنا الإنسان الكبير حسان خالد شاتيلا، في شقته الباريسية، إثر ذبحة صدرية، عاجلته صباح أمس، ليشاء القدر والصدف أن يرحل في اليوم الذي يعني له الكثير، والمفضَّل لديه من بين كل أيام السنة.
ولد حسان شاتيلا في دمشق، وحصَّل شهادتي ماجستير في الفلسفة والعلوم الانسانية، وتبحَّر في الماركسية، ليصبح واحدًا من أفضل القارئين والناقدين لها، الذين اختاروا أن يبقوا في الظلِّ، بعيدًا عن أضواء الشهرة ودور النشر العربية والعالمية.
يشهد رفاقه وأصدقاؤه بامتلاكه دراية ومعرفة عميقة وواسعة بالفلسفة الماركسية والاشتراكية، إضافةً إلى أنه كان غزير المعرفة، دقيق الملاحظة، واسع الثقافة والاطّلاع. ولم تمنعه جولات السرطان السبع، من مواصلة الكتابة والقراءة، إذ كان دؤوبًا على هذا التماس مع الكتب الورقية يوميًا، في فترة ما بعد منتصف الليل، حين تستيقظ آلامه ويصبح الجسد ثقيلًا على صاحبه.
انضم حسان شاتيلا إلى الحزب الشيوعي السوري باكرًا، ثم التحق بحركة ٢٣ شباط، وكان من الشيوعيين المقربين من تيار صلاح جديد. في منتصف السبعينات، وإثر عودته من باريس إلى الشام، بعد مناقشة أطروحة الدكتوراه في الفلسفة السياسية في جامعة باريس العاشرة، تلقَّى خبرًا بضرورة مغادرة البلاد حتى إشعار آخر. بعد أن نفاه حافظ الاسد، لم يعد حسان إلى سوريا بتاتًا.
درَّس، وعمل مترجمًا وكاتبًا في فرنسا، واشتغل لفترة في السلك الدبلوماسي في السفارة الكويتية في باريس، وبقي كما هو، رغم خلفيته العائلية البرجوازية، لا يفوّت تظاهرة عمّالية أو نشاطًا، داعمًا للعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان.
كان حسان مناهضًا للاستعمار الصهيوني، ومساندًا للحق الفلسطيني في كل المحافل حيث حلَّ، ومدافعًا عن الثورات العربية التي قامت من أجل الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية. لطالما عبَّر حسان عن حماسه للثورات، تحديدًا الثورة السورية.
ولطالما برَّر انكفاءه عن المشاركة في نشاطاتها بعد أشهر على اندلاعها، إذ كان يرى أنَّ جزءًا من المثقفين والمعارضين “باعوها بالرخيص”. اختار أن يبقى مؤيدًا لشارعه وناسه، بعيدًا عن الصالونات والمكاتب، يذكر أيضًا أن تيار اليسار الثوري في سوريا كلّفه بمهمة تمثيله في هيئة تحرير مجلة الثورة الدائمة عام 2016، وقد مثّله خير تمثيل.
لحسان شاتيلا كتابات وأبحاث نقدية وحوارات طويلة. ويبقى حواره مع مكسيم رودنسون (الذي لم ينشر كاملًا) هو الأجمل، إضافة إلى حوار مطوّل من ٨ ساعات أجراه مع جورج لابيكا، مسجَّل على أقراص مدمجة يحتفظ به في شقته، حيث مكتبته الشخصية الرائعة.
لروحك السلام يا حسان ولرفيقة دربك ماري-فرانس ورفاقك وعائلتك الكبيرة أحرُّ التعازي والكثير من التضامن والمحبة.
الخط الأمامي