
ترحيل نحو 50 سوريًا من لبنان خلال أسبوعين
النظام اللبناني يصعّد حربه على اللاجئين
خلال الأشهر السابقة شهدنا تصاعد حرب النظام الرأسمالي في لبنان على اللاجئين السوريين والعمال الأجانب.
حُرقت مخيمات في عكار، وقتل أطفال سوريين في جرائم عنصرية ممنهجة، وتم الاعتداء على عائلات سورية على أبواب الأفران ومحلات بيع التجزئة، إذ اقتحمت أماكن سكن العاملات والعمال وتم ترحيلهم قسريًا، وتسليمهم لأيدي نظام الطغمة. كل هذا حصل وسط تحريض النظام اللبناني وماكيناته من إعلام وأجهزة أمنية وعسكرية.
ترحيل نحو 50 سوريًا من لبنان خلال أسبوعين
وكالة “فرانس برس” نقلت عن مصادرها تأكيدهم أن عددًا من اللاجئين الذين تم ترحيلهم عادوا إلى لبنان بمساعدة مهرّبين مقابل 100 دولار عن كل شخص.
إذ رحّل النظام اللبناني نحو 50 سوريًا خلال أسبوعين وأعادهم إلى بلادهم، حسب ما أفاد مسؤولون أمنيون ومصدر إنساني، يوم الجمعة 21/4/2023.
قال مسؤول عسكري لوكالة “فرانس برس” مشترطًا عدم الكشف عن هويته، إنه “تم ترحيل أكثر من 50 سوريًا من قبل الجيش في نحو أسبوعين”، وأكد مصدر أمني هذه المعلومات.
قال المصدران إن “مديرية المخابرات في الجيش اللبناني تقوم بتسليم الموقوفين المخالفين إلى فوج الحدود البرية الذي يتولى وضعهم خارج الحدود اللبنانية”.
أوضح المسؤول العسكري تعليقًا على هذه الخطوة، أن “مراكز التوقيف امتلأت”، ورفضت الأجهزة الأمنية الأخرى استلام الموقوفين السوريين.
وفر مئات آلاف السوريين إلى لبنان بعد اندلاع الحرب الأهلية في العام 2011.
بحسب السلطات، يوجد نحو مليوني لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، نحو 830 ألفًا منهم مسجّلون لدى الأمم المتحدة.
أوضح المسؤولان الأمني والعسكري أن السلطات اللبنانية لم تنسّق جهودها مع دمشق. وأشارا إلى أن عددًا من اللاجئين الذين تم ترحيلهم عادوا إلى لبنان بمساعدة مهرّبين مقابل 100 دولار عن كل شخص.
من جهتها، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لوكالة “فرانس برس”، الجمعة، إنها “تراقب” الوضع، مضيفة أنها “تواصل الدعوة إلى احترام مبادئ القانون الدولي وضمان حماية اللاجئين في لبنان من الإعادة القسرية”.
قال مصدر إنساني لوكالة “فرانس برس” إنه لاحظ زيادة في عدد المداهمات التي تشنّهما أجهزة الاستخبارات التابعة للجيش، التي تستهدف مواطنين سوريين في بيروت ومنطقة جبل لبنان منذ بداية نيسان/أبريل.
قال المصدر مشترطًا عدم الكشف عن هويته: “في العام 2023، شُنّت خمس مداهمات على الأقل”. وأوضح أنه تم توقيف نحو 450 سوريًا، وتأكّد ترحيل 66 سوريًا على الأقل.
مع تصاعد التضييق بحق السوريين في لبنان، تزداد عمليات الترحيل القسري، وسط تكثيف المداهمات والإجراءات والتوقيفات بحق اللاجئين السوريين الذين يعيشون في البلاد.
أيضًا، رصد مراسلنا في لبنان إصدار محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، يوم الخميس 20/4/2023، مذكرة قضت بتكليف المدير الإقليمي لأمن الدولة اللبناني في المحافظة بإصدار “إنذارات إلى أصحاب المحال التجارية والمطاعم والمصالح والخدمات ومستثمريهم بوجوب الاستغناء عن العمالة السورية النازحة العاملة دون إجازة عمل وبنحو غير قانوني، تحت طائلة اتخاذ القرارات اللازمة لإغلاق هذه المحال والمؤسسات وإبلاغ المحافظة بالنتيجة والمقترحات عند انتهاء فترة الإنذارات”.
تأتي هذه الإجراءات في وقتٍ يكثر الحديث عن تضييق النظام اللبناني على السوريين، وتزايد عمليات الترحيل القسري، وتكثيف المداهمات والإجراءات والتوقيفات بحق اللاجئين السوريين.
في السياق، قال مركز “وصول” لحقوق الإنسان (ACHR)، في سلسلة تغريدات عبر “تويتر”، إن “اللاجئين السوريين في لبنان يتعرّضون خلال المداهمات الأمنية التعسفية لعدة انتهاكات خطيرة، أبرزها الاعتقال التعسفي والترحيل القسري وسوء المعاملة تحت ظروف لا إنسانية”، لافتًا إلى أنه “في الفترة الأخيرة تتزايد عمليات الترحيل القسري التي تقوم بها السلطات اللبنانية بحق اللاجئين السوريين دون الالتفات إلى شروط العودة الآمنة”.
أشار المركز إلى أنه يراقب حالات اللاجئين الذين تعتقلهم السلطات اللبنانية تعسفيًا، ولكن تنقطع أخبارهم فور ترحيلهم إلى سورية وتسليم بعضهم إلى الأمن السوري، دون قدرة الفريق على التحقق من مصيرهم أو ظروف اعتقالهم.
لافتًا إلى أنه في يومي 10 و11 أبريل/ نيسان الجاري، اعتقلت السلطات اللبنانية 64 لاجئًا من مناطق مختلفة في البلاد، بينهم أشخاص مرضى وأطفال، وجرى ترحيلهم قسرًا رغم المخاطر الجسيمة التي تهدد سلامة حياتهم داخل سورية.
هذا وقد أفاد مصدر في السويداء، أن دوريات للأمن العام اللبناني داهمت منطقة قرنايل، يوم الجمعة الماضية، وألقت القبض على 67 عاملًا سوريًا، بينهم شبان من محافظة السويداء، أحدهم مريض.
أشار المصدر إلى أن “معلومات كثيرة وصلت إليهم عن أعداد أخرى من الشبان ألقي القبض عليهم، وغالبيتهم مطلوبين للخدمة العسكرية (إلزامي- احتياط) في سورية، وليسوا لاجئين كما يدعي الأمن اللبناني”. وأن “هذا الانتهاك لحقوق الإنسان متفق عليه بين نظام الطغمة والنظام اللبناني”، وأنه “استغلال حالة ما يسميه نظام الطغمة الانفتاح على دمشق، بينما هي في الحقيقة تعزيز لجيش النظام السوري الذي تآكل كثيرًا، ويفتقر للعناصر من كل المحافظات السورية”.
تداول ناشطون في بيروت مقطعًا مصورًا لمداهمة عناصر من قبل الأمن العام اللبناني أماكن سكن عمال سوريين في برج حمود، ما يلغي حجة (العودة الطوعية للاجئين السوريين) التي تسوق لها قوى لبنانية.
بدوره، أوضح مراسلنا في لبنان، أن “آلاف الشبان وجدوا في لبنان مكانًا أخيرًا للهروب من الحرب السورية المستمرة منذ 2011، وتأقلموا مع الواقع الاقتصادي السيئ، وهم بانتظار فرص للهروب إلى أي بلد آخر”. وأشار إلى أن “مئات الآلاف من السوريين يقبعون في المخيمات والعشوائيات بعد أن فقدوا منازلهم، وباتت العودة مستحيلة بوجود النظام القمعي الذي يسوق للعودة دون تقديم أي شيء سوى المعتقلات”.
كل هذا حصل خلال إعلان حرب النظام اللبناني على اللاجئين السوريين التي تشمل ترحيلهم القسري. يأتي هذا التصرف الفاشي بضوء أخضر من الإمبريالية الأوروبية والإمبرياليات الإقليمية من تركيا إلى مصر وايران. وليست سوى هذه الحرب لتغذية النظام الرأسمالي العابر للحدود والحفاظ على قمعه واستغلاله واستبداده.
واجبنا اليوم هو مواجهة العنصرية البنيوية والترحيل القسري. رفض نظام الكفالة المبني على الاستغلال المتوحش للعمال المهاجرين على رأسهم العمال السوريين، وفضح أي محاولة لتسليع المعاناة، وتجديد التحالفات القديمة والربح من ترحيل آلاف اللاجئين، علينا اليوم المحاربة مع ولأجل اللاجئين وحقهم بالحياة الكريمة بأي مكان يختارونه.
الخط الأمامي