
دراسة: سياسات الفصل العنصري وآثارها المدمرة على الفلسطينيين
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: دراسة سياسات الفصل العنصري وآثارها المدمرة على الفلسطينيين
✍️علي سوسو
يشهد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني -على مدار العقود الماضية- تصعيدًا مستمرًا في التوتر والعنف، مما يزيد من أهمية تحليل العوامل المؤثرة في الوضع الحالي والبحث عن حلول وعادلة. وتمارس إسرائيل سياسة فصل عنصري في الأراضي الخاضعة لها.
يعود تاريخ الفصل العنصري في البلاد إلى الفترة التي سبقت تأسيس دولة الإحتلال عام 1948. ولقد تم إنشاء دولة إسرائيل بعد نزوح الكثير من اليهود الأوروبيين إلى فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك، فإن هذا النزوح قد تم على حساب الفلسطينيين الموجودين بالفعل في المنطقة. وعام 1947، وافقت الأمم المتحدة على تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة فلسطينية، ولكن هذا القرار لم يتم تنفيذه بسبب رفض الجانب الفلسطيني ثم بدأت الحرب في العام التالي.
بدأت إسرائيل بناء مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي عام 1967، خلال حرب الستة أيام، احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري وسيناء المصرية.
1- السياسات الإسرائيلية وتطبيقاتها في فلسطين
تطبيق الفصل العنصري في إسرائيل يجري من طريق سلسلة من السياسات والإجراءات التي تفرض على الفلسطينيين وتميزهم عن اليهود الإسرائيليين. وفيما يلي بعض السياسات والتطبيقات الرئيسية للاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية:
1- قانون الدولة القومية لعام 2018: يحصر القانون الحق في تقرير المصير في الدولة الإسرائيلية اليهودية فقط، ويزعزع مبدأ المساواة الوطنية في البلاد.
2- بناء المستوطنات: يواصل الاحتلال الإسرائيلي بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يؤدي إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وانتهاك حقوقهم الأساسية.
3- قوانين العنصرية: تمتلك الحكومة الإسرائيلية سلطات واسعة لفرض العنصرية ضد الفلسطينيين، متضمنةً قوانين تفرض حظرًا على التحرك والوصول إلى المناطق المقدسة والأماكن العامة الرئيسية وتحديد حركة الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة.
4- الجدار الفاصل: يعد الجدار الفاصل الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصةً في الضفة الغربية، واحدًا من أسوأ أشكال التمييز والانفصال العنصري. فالجدار يفصل المجتمع الفلسطيني بعضهم عن بعض، وعن أراضيهم الزراعية والمصادر المائية، مما يؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للفلسطينيين.
5- الحصار على قطاع غزة: يفرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا شديدًا على قطاع غزة منذ أكثر من عقد من الزمن.
6- القوانين المناهضة للتمييز: يتعرض المجتمع الفلسطيني في إسرائيل للتمييز والاضطهاد، ويعاني من صعوبة في الحصول على فرص العمل والتعليم والخدمات الصحية والسكن.
7- إضافةً إلى ذلك، تؤدي هذه السياسات إلى تفاقم التوتر في المنطقة، وتعيق جهود للسلام في الشرق الأوسط. وتتعرض إسرائيل لانتقادات شديدة من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية.
2- الآثار الاجتماعية والاقتصادية للسياسات الإسرائيلية
تؤثر السياسات الإسرائيلية في الفلسطينيين اجتماعيًا واقتصاديًا سلبيًا على مدى عقود من الزمن. فقد تم فرض الفصل العنصري والاحتلال على الفلسطينيين، وتوسع هذا النظام إلى حد كبير في العقود التالية.
تضطر الكثير من العائلات الفلسطينية إلى العيش في ظروف صعبة وغير إنسانية بسبب الاحتلال الإسرائيلي. ويحدث ذلك نتيجة السياسات الإسرائيلية التي تستهدف التحكم في الحركة والتنقل، وتحد من قدرتهم على العمل والتنقل والاستثمار في مصادر دخلهم. وتسهم هذه السياسات في خلق حالة من الفقر والبطالة بين الفلسطينيين، وتعيق النمو الاقتصادي والتنمية.
إضافةً إلى ذلك، تم تدمير الكثير من البنية التحتية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، متضمنةً المدارس والمستشفيات والطرق وشبكات الاتصالات. وهذا يؤثر في الخدمات الأساسية المقدمة للفلسطينيين ويعوق تطوير المجتمعات المحلية.
تؤثر السياسات الإسرائيلية في الفلسطينيين أكثر في المناطق الحدودية والمناطق المحتلة، إذ جرى فرض قيود على الحركة والوصول إلى المناطق الحيوية، وعلى حرية الصحافة وحرية التعبير.
تستند السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية إلى فكرة الفصل العنصري، وهي فكرة مستمدة من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. تهدف هذه السياسات إلى تمييز الفلسطينيين وإضعافهم اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، مما يعزز الهيمنة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة.
أحد الآثار الاجتماعية للسياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية هو تقسيم الشعب الفلسطيني، فالفلسطينيون المقيمون داخل إسرائيل يتعرضون للتمييز العنصري، في حين أن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يتعرضون للحصار والتهجير والاحتلال، مما يؤدي إلى تفكك الهوية الوطنية الفلسطينية وضعف العلاقات الاجتماعية والأسرية.
علاوة على ذلك، فإن سياسات الفصل العنصري من شأنها أن تشجع على العنف والتطرف من جانب الفلسطينيين، الذين يشعرون بالإحباط والاستياء من الوضع السياسي والاقتصادي المتدهور في الأراضي المحتلة.
3- المواقف الدولية والانتقادات التي تعرضت لها السياسات الاسرائيلية
يوجد العديد من المواقف الدولية والانتقادات التي وجهتها الدول والمنظمات الدولية لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، ومنها:
الأمم المتحدة: طالبت الأمم المتحدة إسرائيل بوقف البناء في المستوطنات وسحب قواتها من الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما دعت إلى إنهاء الحصار على قطاع غزة وإيجاد حل دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
الاتحاد الأوروبي: أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ إزاء السياسات الإسرائيلية ودعا إسرائيل إلى وقف بناء المستوطنات وتحسين الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما طالب بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وسلمية.
الحكومة الأمريكية: انتقدت الحكومة الأمريكية سياسات الاحتلال الإسرائيلي ووصفت بناء المستوطنات بأنه “يفاقم التوتر” و“يعيق حل التفاوض”.
4- تحليل للعناصر المشتركة بين نظام الأبارتهايد والاحتلال الاسرائيلي
يتشابه نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا والاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية في العديد من الجوانب، إذ يعتمدان على سياسات وتطبيقات تهدف إلى فرض السيطرة والتمييز ضد الأفراد والمجموعات الأخرى. ورغم بعض الاختلافات بينهما، فإنهما يتمتعان بتشابه كبير في مجموعة من العناصر الأساسية. ويتضمن ذلك تحديد مناطق السكن لكل مجموعة، ففي جنوب أفريقيا خصصت مناطق للسود وأخرى للبيض، وفي فلسطين يجري فرز الفلسطينيين في قطاع غزو والضفة الغربية والقدس. ويشترك النظامان في استخدام العنف لفرض سياستهما، إضافةً إلى اعتماد التشريعات التي تسمح للحكومة باستخدام العنف قانونيًا.
تتشابه النظامان في استخدامهما للتمييز والعنصرية ضد المجموعات الأخرى. في جنوب أفريقيا، تم تمييز السود وتقييدهم في العديد من المجالات، متضمنةً التعليم والعمل والسكن. بينما في إسرائيل، استخدمت القوات الإسرائيلية القوة والعنف في فرض الهيمنة والتمييز ضد الفلسطينيين، متضمنةً الاعتداء على النساء والأطفال وقتل المتظاهرين السلميين، إضافةً إلى استخدام التعذيب والاحتجاز السري والتدمير الجماعي للممتلكات الفلسطينية.
يتشابه النظامان في استخدامهما للقوة والعنف في فرض الهيمنة والتمييز. وفي إطار النظام الجنوب أفريقي، تم تطبيق قوانين تفرض فصل العرقين وتمييزهم، متضمنةً قوانين تجريم العلاقات الجنسية بين أفراد من عرقين مختلفين. وبالمثل، في إسرائيل، تم تطبيق قوانين تفرض التمييز العنصري بين اليهود والفلسطينيين، ما يؤدي إلى تحديات في حرية الحركة والوصول إلى الأماكن العامة والمقدسة.
يمكن اعتبار استخدام النظامين للتجنيد الإجباري للشباب في الخدمة العسكرية كأداة لتوطيد الهيمنة والتحكم في المجتمع عنصرًا مشتركًا بينهما. وعلى الرغم من وجود اختلافات في التجنيد الإجباري للشباب في فلسطين وكيان العدو، فإن كلا النظامين يستخدم الشباب أداةً لتحقيق أهدافهما العسكرية والسياسية.
كما يشترك النظامين في فرض القيود على الحرية الدينية والتعبير، إذ كانت الحكومة الجنوب أفريقية تفرض قيودًا على المعتقدات الدينية للأفراد الذين لم يكونوا من البيض، ويحظر الاحتلال الإسرائيلي الوصول إلى المواقع المقدسة للمسلمين والمسيحيين ويفرض قيودًا شديدة على حرية الدين والتعبير في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكما يتم معاقبة الفلسطينيين الذين يعبرون عن رفضهم للاحتلال ويدعون إلى حقوقهم.
توضح هذه العناصر المشتركة بين النظامين الشبه الكبير بينهما، إذ يعتمد كل منهما على الفصل العنصري وتمييز الأقليات وإضفاء الحقوق الخاصة على الأغلبية الذاتية. ومن الضروري العمل عاجلًا لوضع حد لهذه السياسات العنصرية والتمييزية في جميع أنحاء العالم، وضمان المساواة والعدالة لجميع البشر.
كتابة علي سوسو