
جيش البرهان يقصف ميليشيات حميدتي ويسيطر على القصر الجمهوري؛ هذان الفرعان المسلحان للانقلاب العسكري والاستيلاء غير الشرعي على السلطة، ومص دماء السودانيين وسرقة ثرواتهم الطبيعية والصناعية حرفيًا.
لكن قبل أن نحاول فهم ما يحدث إليكم بعض الهوامش المهمة:
– الصراع في السودان بين قوتين، الأولى هي الجيش السوداني، والثانية هي مليشيا اسمها “قوات الدعم السريع”.
– من هي قوات الدعم السريع؟
– قوات الدعم السريع هي وريث “مليشيا الجنجويد” التي ارتكبت قبل سنوات مجـازر إقليم دارفور. ويقدر عدد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف، ولديهم العديد من القواعد ومنتشرين في مختلف أنحاء البلد.
– نظام عمر البشير استخدم هذه المليشيا لمساعدة الجيش على سحق التمرد في دارفور، إذ تم تشريد 2.5 مليون شخص على الأقل وقُـتل نحو 300 ألف.
– أدينت مليشيا الجنجويد بارتكاب جرائم واسعة ومجازر ذات طابع طائفي وعرقي.
– قائد هذه المليشيا اسمه محمد حمدان دقلو، ملقب بـ “حميدتي”، ويقود الميليشيا بنظام شبه عائلي يضم المقربين والأصدقاء كقيادات لهذه الميليشيا.
– قدم البشير للمليشيا تسهيلات عديدة، كي يستمروا في دعمه، ويمكننا القول إن الميليشيا أو حميديتي شخصيًا محكمين السيطرة على تعدين الذهب في السودان كذلك على قطاع الماشية والكثير من البنى تحتية.
– مع انطلاق الثورة السودانية، وعند اقتراب سقوط البشير، انقض حميدتي، على نظام البشير مع الجيش وانتصر بانقلاب دموي في نيسان 2019، وكان هذا الانقلاب انتصارًا كبيرًا للثورة المضادة وهزيمة للثورة، وقد شكلوا لاحقًا واجهة سياسية لهذا الانقلاب تحت مسمى مجلس السيادة (انتقالي)، ترأس المجلس عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، وحميدتي صار نائبه.
– مجددًا، شاركت قوات الدعم السريع في انقلاب تشرين الأول 2021، الذي أخرج المدنيين نهائيًا من المجلس، وعطل إجراء الانتخابات والانتقال الديمقراطي في البلد لصالح العسكر.
– في 2022، وقبل اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا زار حميدتي موسكو، وأعلن أنه يرحب ببناء قاعدة روسية على ساحل البحر الأحمر.
– نعم؟ هو يرحب؟ لكن أميركا لا ترحب!
– مشي البرهان في طريق مختلف لتعزيز سلطته، طريق التطبيع مع اسرائيل والعلاقات مع أميركا، التي فرضت عقوبات على السودان، وجمدت كثيرًا من المعونات والتمويلات.
– وهكذا انقسمت البلد، بين الإمبرياليتين الشرقية والغربية، على حساب الشعب السوداني، إذ انهار اقتصاد البلاد وتعطلت الحياة السياسية واجتاحت الساحات مظاهرات واحتجاجات لم يتوانَ عناصر المليشيا والجيش في قمعها، وسقط العديد من الضحايا المدنيين.
– مؤخرًا، جرت أكثر من محاولة لتوقيع اتفاق يخرج العسكر من الحكم بعد ما أوقعوا أنفسهم والسودان واقتصاده في مأزق كبير، ولكن الجهود كانت تفشل وترجع لنقطة الصفر في اللحظات الأخيرة.
– لن نستطيع فهم ما يحدث في السودان إذا لم نفهم خلفيات الصراع الإمبريالي على أفريقيا والنفوذ فيها.
من علامات الصراع على القارة
زيارة وزير الخارجية الروسي في جولة ذات أبعاد سياسية واقتصادية لدول عدة في القارة، وبعده أجرى وزير الخارجية الأميركي ونائبة الرئيس الأميركي في الشهر الماضي، وقبلهم أيضًا جولة وزير الخارجية الصيني، مما يعطي انطباعًا بطبيعة الصراع الإمبريالي على القارة.
– بخصوص الذهب، يكفي أن نعرف أن السودان في الأشهر التسعة الأولى من 2022 صدّر نحو 27 طن من الذهب وفق البنك المركزي السوداني، ولكن -وفق مصادر حكومية- لا يتجاوز هذا الذهب 20 بالمئة من الاستخراج الكلي للذهب في السودان، لأن 80 بالمئة من الذهب المستخرج يهرَّب إلى خارج البلاد بإشراف حميدتي وميليشياته.
– بعد زيارة وزير الخارجية الروسي لأفريقيا، تم توقيف نحو 36 روسي في السودان بتهمة تهريب ذهب وتقويض الاقتصاد. وتم لاحقًا إطلاق سراحهم، مما دفع حميدتي إلى اعتبارها خطوة ضد صلاحياته ونفوذه.
– حميدتي رجل روسيا، وضمان نفوذ قوي لها في القارة، مما يستدعي الحفاظ على حميدتي في السودان، المطل على البحر الأحمر، الطريق التجاري المهم عالميًا. أما البرهان فهو ممثل الجيش الرسمي. وكان هذا أحد أبرز أسباب فشل محاولات دمج مليشيا حميدتي في الجيش، الذي كان يبدو أنه محاولة للحد من نفوذ حميدتي.
وصلت الأمور إلى نقطة الانفجار صباح أمس السبت 15/4/2023، وانطلقت اشتباكات في معظم مناطق وجود المليشيا من ضمنها العاصمة، والمطار. وما زالت نتائج الاشتباكات غير واضحة، وكل طرف يعلن أنه أخد وسيطر على المؤسسات والقصر الجمهوري.
طبعًا الخبر الذي نتمنى سماعه، ولا بد أن نسمعه يومًا: “الجماهير الثائرة تسيطر على المؤسسات والقصر الجمهوري”.
حتى ذلك الحين، لا برهان.. لا حميدتي.. لا واشنطن.. لا موسكو…

هذا وقد أصدرت “مجموعة قدام” اليسارية الثورية بيانًا يرفضون فيه العسكرة ويفضحون سياسات جنرالات الحرب التي تسعى لوأد الثورة بإشعال الحرب الأهلية.
وقد نص البيان: “مع الثورة دومًا، وضد جنرالات الثورة المضادة في حربهم!”.
للدكتاتورية فظائع، رجل واحد أو اثنان يحددان مصير شعب كامل.
وصلت حالة التناقض بين الجنرال خالي كلية حربية والجنرال برهانتياهو أوجها اليوم بصراع دموي مميت بدأ في الخرطوم ومروي، صراع ضحاياه نحن، شعب أعزل وضباط صغار وجنود، صراع لا نعلم عن أهدافه شيئًا سوى أنه قد يتسبب في سلبنا حياتنا، صراع يخدم الجنرالات ومصالحهم لفرض هيمنة على جانب الثورة المضادة أولًا، وهي المحاولة الثالثة منذ بداية الثورة لتوحيد أجهزة الحكم تحت قيادة شخص واحد. ستخرج الثورة المضادة من هذا الصراع و هي أكثر ضعفًا ولكن بعدها سرعان ما ستتوجه بأعنف ما يمكن بسلاحها ومعتقلاتها نحو الثورة. يسعى الجنرالات لقطع أي طريق نحو الثورة، وفي سبيل ذلك فهم مستعدون لحرق البلاد كاملة بالحرب الأهلية حتى يصيروا طغاة على ما تبقى من رماد!
لا ننحاز لأي طرف منهم، هذه الحرب ليس فيها شيء من الوطنية، فالجنرالات بشقيهم خاضعين لتبعية المحاور! وسيخرج طرف الثورة وهو الطرف الأكثر قوة، إن لم ينتهِ صراع المليشيات الحالي إلى حرب أهلية، ولكن من أجل أن يستحق قوته هذه عليه أن يكون الطرف الثوري المعلن لشعاراته الواضحة ضد عسكرة السياسة في السودان. على الطرف الثوري أن ينحاز فقط لخيار النضال السلمي والتنظيم السكني وفي أماكن العمل، عليه أن يوفر الرؤية للناس ليحرم أمراء الحرب من أي دعم شعبي ممكن.
الآن على كل الناس الابتعاد عن مواقع الاشتباك والتحصن في البيوت بعيدًا من الشوارع. على اللجان أن تستغل توفر الإنترنت حاليًا لتنسق لكل حي إمداداته من الدقيق، والإسعافات الأولية، وتشكيل لجنة طوارئ من كل حي تتحرك أقل ما يمكن على الأرض.
#كل_الثروة_والسلطة_للشعب
#جخنن_يا_مواطن
#أي_كوز_ندوسو_دوس
الخط الأمامي
المصادر: وكالات _ منشور للصحفي محمد السلوم على صفحته على فيسبوك _ منشور مجموعة قدام على صفحتهم على فيسبوك