
يصادف اليوم الذكرى السنوية الـ 19 لمجزرة 12 آذار، التي تحولت لانتفاضة ومهدت للثورة السورية الشعبية التي انطلقت في آذار 2011.
تدخل الانتفاضة الشعبية التي اندلعت بعد المجزرة التي ارتكبتها قوات الأمن التابعة لنظام الطغمة، 12 آذار 2004، عامها الـ 20، وبهذه الذكرى، نسلط الضوء على حيثيات مجزرة قامشلو التي سرعان ما تحولت إلى انتفاضة امتد لهيبها حتى العاصمة دمشق، وكيف أفشل التضامن الكردي العربي في ظل ثورة 19 تموز، السياسات العنصرية التي تم تأجيجها ضدهم، من المكان نفسه.
في مثل هذا اليوم قبل 19 عامًا، شهد الملعب البلدي في مدينة قامشلو -ملعب 7 نيسان كما أسمته سلطات حزب البعث نسبة لذكرى تأسيس الحزب عام 1947- حضور حشود غفيرة من المشجعين لمتابعة مباراة كانت مقررة بين فريقَي الجهاد من قامشلو والفتوة من دير الزور.
قبل ساعات من موعد بدء المباراة المقررة تمام الساعة 14.00، دخل المستقدمين لتشجيع فريق الضيف إلى الملعب، دون تفتيش من قبل القوات الأمنية التي بدورها أخضعت جمهور الفريق المضيف لتفتيش دقيق، وصادرت منه حتى الأحزمة وقوارير الماء، دون أن يدري المضيفون أن مكيدة مدبرة بانتظارهم.
كيف بدأت المجزرة؟
بدأت المجزرة باستفزاز من الضيوف الذين جلبتهم القوات الأمنية من دير الزور إلى الملعب تحت يافطة حضور مباراة فريق مدينتهم، بإطلاق شعارات تمييزية وعنصرية.
ومع دخول لاعبي الفريقين إلى الساحة من أجل البدء بتمارين الإحماء، بدأ “مشجعو الفتوة” المفترضين بإطلاق شعارات تمجد صدام حسين، وتنعت الكرد بالخونة، ورموا الحجارة على مشجعي فريق الجهاد، وعلى الرغم من وجود عدد كبير من القوى الأمنية لحكومة دمشق فإنها لم تتدخل، بل على النقيض من ذلك، أقدمت على ضرب مشجعي نادي الجهاد، وإخراجهم، واعتقال بعضهم.
طوقت القوات الملعب، وأعقب ذلك أوامر من “محافظ الحسكة” آنذاك وكان يدعى سليم كبول، بإطلاق الرصاص على مشجعي الجهاد؛ ما أدى إلى استشهاد 9 منهم، بينهم طفلان. مما أظهر أنه كان مخططًا مدروسًا لخلق فتنة بين مكونات المنطقة.
لم تتوقف القوات الأمنية التابعة لنظام الطغمة، عند هذا الحد فقط، إذ جلبت في اليوم التالي (13 آذار 2004) عناصر من الجيش والأمن من الرقة ودير الزور، ومنعت الأهالي من المشاركة في تشييع جثامين الشهداء 9، وواجهت المشيعين بالنيران مجددًا؛ مما أدى إلى استشهاد 24 مواطنًا آخر بينهم نساء وأطفال، وإصابة العديد.
رافق المجزرة، إطلاق القوات الأمنية حملات اعتقال واسعة النطاق، طالت المئات من المشيعين والمحتجين، استشهد بعضهم إثر التعذيب في الأقبية والسجون، وحكم على آخرون بالمؤبد، فيما لا يزال مصير بعضهم الآخر مجهولًا حتى اليوم.
سرعان ما تحولت هذه المجزرة إلى انتفاضة شعبية، امتدت إلى مدن ونواحي روج آفا ومدينة حلب والعاصمة دمشق، إذ استمرت لأيام وسط تزايد عدد الاعتقالات بحق المواطنين، وارتفاع عدد الشهداء إلى 38 مواطنًا.
الشعب الكردي هو من بدأ الثورة على نظام الأسد
تعقيبًا على المكيدة التي انتهت بمجزرة فانتفاضة، أوضح أحد رفاقنا الذين شاركوا في هذه الانتفاضة “إن الشعب الكردي أول من بدأ الثورة السورية ضد نظام الأسد وحكم حزب البعث الشوفيني وشبيحته… ثورة آذار الكردية ثورة نحو تحقيق حقوق شعبنا الكردي كاملة غير منقوصة”.
أضاف: “لم تكن هذه الاشتباكات العنيفة إلا نتيجة لممارسات النظام السوري المجحفة بحق الشعب الكردي على مر الزمن، هذه الممارسات التمييزية والاضطهاد هي النار التي تسعّر حركة الشعب الكردي وتدفعه أكثر فأكثر إلى التضاد مع النظام، أي إلى المواقع الطليعية في النضال الثوري”.
مؤكدًا، في ختام حديثه عن شهداء المجزرة أن “ملعب شهداء 12 آذار أصبح اليوم حديقة ملونة تحتضن جميع مكونات المنطقة، وأصبح أيضًا مكانًا رمزيًا ومقدسًا لدى شعب المنطقة”.

ملعب 12 آذار
بعد انطلاق ثورة 19 تموز، أطلق اسم شهداء 12 آذار، على الملعب الذي حدثت فيه المجزرة وتحولت لانتفاضة تعرف بـ “انتفاضة 12 آذار” أو “انتفاضة قامشلو”؛ وذلك تكريمًا لشهداء المجزرة والانتفاضة.
أصبح هذا الملعب اليوم مكانًا لالتقاء الشعوب ومكونات المنطقة في الفعاليات والمناسبات المشتركة التي تنظم على أرضيته، لا سيما بعد تعزيز أواصر أخوة الشعوب والتعاضد بين مكونات شمال وشرق سوريا عبر مشروع الإدارة الذاتية.
ضمن فعاليات تجمع مختلف مكونات شمال وشرق سوريا، تنظم الذكرى السنوية للانتفاضة في ملعب شهداء 12 آذار، في 12 آذار من كل عام، كما تنظم مباراة ودية بين فريقي الجزيرة ودير الزور.