
قصف ونزوح وزلزال.. آلاف الطلبة خارج المدارس في ريف إدلب
منذ سيطرة “هيئة تحرير الشام” التي كانت تسمى في السابق “جبهة النصرة” ذراع تنظيم “القاعدة في سوريا”، على محافظة إدلب الواقعة شمال غربي سوريا، تغيّر واقع المنشآت التعليمية الرسمية إلى حدّ كبير.
فيما فاقم الزلزال المدمر الذي ضرب المدينة الشهر الماضي وخلّف دمارًا كبيرًا وضع المدارس أكثر فأكثر.
فقد أدى الزلزال (الذي أودى بحياة نحو 51 ألف شخص في سوريا وتركيا المجاورة) إلى دمارٍ كبير في بعض المدارس الواقعة بريف إدلب، التي تصدّعت جدرانها، لاسيما أن عدداً من تلك المباني كان قد تضرر جزئيًا قبل سنوات، نتيجة العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة بعد الحرب السورية.
وقد نشرت مديرية التربية والتعليم صورًا تظهر حجم الأضرار التي لُحِقت بالمدارس جرّاء الزلزال وأخرج بعضها عن الخدمة.
لكن رغم أن العديد من المدارس تحوّلت إلى مراكز للإيواء في ريف إدلب الذي بدا فيه حجم الدمار جرّاء الزلزال أكبر بكثير من المدينة، بدأ الناس بالخروج منها مع توقّف الهزات الارتدادية التي كانت تضرب المنطقة منذ السادس من فبراير/شباط الماضي، بحسب ما أفاد بعض أهالي إدلب الذين أكّدوا في الوقت عينه بقاء نازحين في مدارس عدة حتى الآن لعدم وجود بديلٍ سكني لديهم.
تعرضت للقصف
وزاد الزلزال من الأعباء الكثيرة التي تواجهها المنشآت التعليمية في إدلب وريفها لجهة قلّة عددها بعد تعرّض الكثير منها لقصفٍ جوي من قبل نظام الطغمة وحلفائه ما أدّى إلى تدميرها كليًا أو جزئيًا، ونتيجة ذلك خرجت نحو 250 مدرسة عن الخدمة بين عامي 2015 و2022، ويضاف إلى هذا الرقم المدارس التي خرجت مؤخرًا عن الخدمة جرّاء الزلزال.
لكن أضرار العمليات العسكرية التي شهدتها محافظة إدلب وأريافها لا تنحصر على تضرر المباني المدرسية والمنشآت التعليمية، بل مُنع عشرات آلاف الطلبة من استكمال تعليمهم بمختلف المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية على خلفية موجات النزوح.
إذ أرغمت المواجهات المسلّحة بين قوات النظام السوري والمليشيات التابعة لتركيا سكان تلك المناطق على التنقل مرارًا من منطقة إلى أخرى وهو ما تكرر لاحقًا الشهر الماضي بعد الزلزال.
ورغم أن مصادر من مديرية التربية والتعليم تقدّر عدد الطلبة الذين لم يتمكّنوا من مواصلة تعليمهم بنحو 40 ألفًا، والمنشآت التعليمية الخارجة عن الخدمة بنحو 250 مدرسة، ولكن مدرّسين وإداريين يعملون في قطاع التعليم في إدلب شددوا على أن “الأعداد في واقع الأمر أكبر بكثير من تقديرات المديرية”.
1459 مخيمًا
ويعود السبب الأبرز في عدم تلقي أعدادٍ كبيرة من الطلبة لتعليمهم إلى حركة النزوح، إذ يوجد في ريف إدلب 1459 مخيمًا بينها 452 مخيمٍ عشوائي بني في مناطقٍ زراعية تنعدم فيه أبسط الخدمات الحياتية، ومن ضمنها التعليم الذي يقتصر في بعض الأحيان على عدّة مدارسٍ متواضعة داخل تلك المخيمات.
ومع أن منظمات غير حكومية تقدّم مساعداتٍ للقطاع التعليمي في إدلب كالدفاع المدني السوري في مناطق سيطرة الاحتلال التركي الذي يُعرف بـ “الخوذ البيضاء” من خلال إعادة تأهيل المباني وترميمها، ولكن استهداف قوات النظام والطيران الروسي الذي يدعمه للمنشآت التعليمية صعّب من مهمة الدفاع المدني بعدما تعرّضت المنشآت التعليمية لأكثر من 138 هجومًا بين عامي 2019 و2022.
في السياق، قال نازح من ريف إدلب يقيم في مخيم يقع على الحدود مع تركيا “أولادي اضطروا إلى ترك مقاعد الدراسة كي ينخرطوا في سوق العمل لتأمين مستلزمات معيشتنا اليومية”، مضيفًا أن “سوء أوضاعي الاقتصادية تسبب في حرمان أولادي من التعليم بعدما اضطررت للنزوح من بلدة سراقب إلى هذا المخيم، حيث لم يعد بمقدوري تأمين رسوم التسجيل وثمن الكتب والقرطاسية لهم”.
وتابع أن “التعليم في هذه المدارس مهما كان رديئًا أو دون المستوى المطلوب، ولكنه ضروري، ورغم ذلك لم أستطع تأمينه لأولادي لاسيما وأنني أصبت بقدمي خلال الحرب وهذا ما منعني من ممارسة الأعمال اليدوية البسيطة، بعدما كنت أعمل في السابق في مجال البناء”.
يذكر أن محافظة إدلب وأريافها خرجت عن سيطرة قوات النظام بالكامل في العام 2015، لكنها تمكنت لاحقًا بدعمٍ روسي من إعادة بسط سيطرتها على بعض بلداتها الريفية التي تقع على طريق حلب ـ دمشق الدولي.
وكالات _ الخط الأمامي