
موالون للنظام في ساحة الكرامة في السويداء أمس (الخط الأمامي)
تجمّع المئات من المحتجين، يوم الاثنين 9/1/2023، في ساحة الكرامة في قلب مدينة السويداء جنوبي سورية، استجابةً لدعوات نشطاء الحراك المدني السلمي في السويداء، الذي ينشط منذ فترة في المحافظة في الدعوة إلى الاعتصام. في حين حاول نظام الطغمة إفشال ذلك بزج عدد من مواليه من أعضاء حزب “البعث” الحاكم.

وألقى أحد المعتصمين “منيف رشيد”، بيانًا في ساحة الكرامة، أكد فيه أن “الحراك المدني السلمي هو سبيلنا إلى الحرية والكرامة وحقوق الإنسان ودولة المؤسسات وسيادة القانون”. ودعا المحتجين إلى الاستمرار في الاعتصام الرمزي، الذي يستمر مدة ساعة كل يوم إثنين، منذ خمسة أسابيع، احتجاجًا على تردّي الحالة المعيشية. وقد رفع المحتجون لافتات تندد بالاستبداد وقمع الحريات، وأن “الكرامة ليست محل تفاوض”، و“الوجع السوري واحد”.
في المقابل، حشد نظام الطغمة مواليه من أعضاء حزب “البعث” الحاكم في الساحة ذاتها، في محاولة وقحة لإفشال الوقفة الاحتجاجية من طريق التشويش عليها. وقال مراسلنا الذي كان أحد المشاركين بالاعتصام “حملنا لافتات تضامن مع إخوتنا في الشمال السوري”. وأضاف: “إن توحيد المطالب والشعارات في كل أجزاء سوريا مهمة ثورية، ورسائل التضامن بين المحافظات تبعث في الجماهير الأمل والتعزية وتؤكد الشعار الذي رفعه السوريين منذ أول أيام الثورة الشعبية عام 2011 الشعب السوري واحد”.
النظام الطغمة يصعّد بقصد إرهاب المحتجين
وهزت السويداء، مساء الأحد 8/1/2023، ثلاثة انفجارات، وفق شبكة “الراصد” المحلية، التي يرى مدير تحريرها سليمان فخر، في تصريح صحفي له، أن الهدف منها “ترهيب السكان”، مشيراً إلى أن النظام استبق اعتصام أمس الاثنين بالدعوة إلى وقفات في ساحة الكرامة تطالب برفع العقوبات المفروضة من قبل المجتمع الدولي على النظام.
وفي السياق، أشار مراسلنا، إلى أن “نظام الطغمة يحاول إرهاب المحتجين، وجر الناس للإقتتال من خلال حشد “شبيحته” في مواجهة الاعتصام السلمي”. وأضاف أنه يكرر السيناريو الذي طبّقه في بدايات الثورة في المدن السورية المنتفضة عليه، حيث كان يضع “الشبيحة” في مواجهة الشعب لقمعه بالإضافة إلى التجييش الاعلامي على المنتفضين.
نظام الطغمة يحاول إرهاب المحتجين، وجر الناس للإقتتال
نقل مراسلنا عن المحتجين في محافظة السويداء أنهم “لن ينجرّوا وراء محاولات النظام فقد تعلموا الدروس والخبرات اللازمة للمواجهة”. وأضافوا أن “اعتصامنا سلمي، ولن نتخلف عنه كل يوم إثنين، ولدينا آمال بانضمام محافظات سورية أخرى، بكل السبل المتاحة، لأنه الحل الوحيد لإحداث التغيير المنشود”.
صرّح أحد المشاركين لمراسلنا -طلب عدم ذكر اسمه- أن ترويج بعضهم بأن “التقارب التركي مع (رئيس نظام الطغمة) بشار الأسد يفضي إلى إعادة تأهيله أضغاث أحلام”، مضيفًا: “بشار الأسد مسؤول عن كل عمليات القتل والتهجير والتدمير التي جرت في عموم سورية منذ عام 2011. لن تستطيع أي دولة تعويم الأسد مرة أخرى، فلا استقرار في البلاد دون خروجه من المشهد السياسي في سورية، بل وتقديمه إلى المحاكمة مع أركان نظامه”.
مشيرًا إلى أن “عموم المناطق التي يسيطر عليها الأسد تعيش أوضاعًا معيشية مأساوية”. مضيفًا: “لم يعد لدى نظام الطغمة ما يقدمه للشعب، فلا محروقات ولا كهرباء ولا خدمات، ولا تلوح في الأفق أية حلول، لأن النظام لا يكترث بمعاناة السوريين، والإمبرياليات الإقليمية كذلك الأمر”.
وتشهد محافظة السويداء، منذ مطلع العام الماضي، حراكًا شعبيًا متصاعدًا، احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية للسكان في هذه المحافظة محدودة الموارد. انتقل الحراك إلى مستويات سياسية، إذ بدأ المحتجون المطالبة بالتغيير السياسي في البلاد، ما يعد تحولًا كبيرًا يقلق النظام الذي حاول منذ عام 2011 تحييد السويداء، لغايات يعرفها الجميع.

حراك للتغيير في كل أقسام سوريا
تشهد مناطق عدة في سوريا مظاهر اعتراضية واحتجاجية على تلاعب الدول بقضية الشعب السوري وحقه في الحرية والاستقلال والعيش الكريم. إذ شهدت السويداء مظاهرات شعبية مستمرة منذ نحو شهر، لقيت صدى تضامنيًا معها في مظاهرات احتجاجية في مناطق الاحتلال التركي، وكذلك في مناطق الإدارة الذاتية في شمال سوريا وشرقها. كما تشهد معظم المناطق السورية أشكالًا متعددة للاحتجاج والتعبير عن تذمرها المتزايد من الكارثة العامة التي تتفاقم، وتتحمل الجماهير الشعبية وحدها عبأها. هذا الحراك الشعبي المتجدد، وإن كان ما يزال ضعيفًا ومعزولًا، ولكنه يحمل بشائر إمكانية تطوره ونموه، ويحتاج إلى توحيده، وتوحيد مطالبه وديناميته، ويستدعي تنسيقًا أكبر على الصعيد الوطني.
رأى ناطق باسم حزب اليسار الثوري في حديث مع “الخط الأمامي” أن المجتمع السوري” يعاني من ضعف واضح للهويات السياسية والمجموعات المنظمة ذات الفكر الثوري أو التغييري الحقيقي”. وأضاف: “هذا الغياب ممنهج، وله مسبباته التاريخية والموضوعية والذاتية يطول شرحه، لكنه يفسح في المجال لتسويق معارضة مرتهنة وليبرالية بائسة، مستعدة لكل أشكال الصفقات على حساب مصالح الشعب، وبالتالي في إعادة إنتاج النظام الحاكم معدلا بمشاركة لها فيه، اي ان يستمر نظام الطغمة في هيمنته على السلطة”.
مشيرًا إلى أن الحزب ، تيار اليسار الثوري، “يبذل جهودًا حثيثة ليكون غرفة عمليات وتنسيق بين جميع أشكال الاعتراض والاحتجاج الشعبي في كل أجزاء سوريا ويسعى جاهدًا لتوحيد الخطاب والمطالب وخلق حالة من التضامن والتعاضد بين الاحتجاجات الآخذة بالانتشار والتوسع في جميع أنحاء سوريا”.
مضيفًا: “إن الخطاب الجذري الديمقراطي الثوري الواضح الذي اعتمدناه ساعد في الوصول إلى قطاعات من السوريين في مختلف المحافظات”. موضحًا أن السوريين بغالبيتهم الساحقة وبمختلف أطيافهم وتنوعاتهم القومية والدينية لهم الاحتياجات نفسها ويخضعون للبطش والقمع والاستغلال نفسه في أغلب مناطق وجودهم، ويصبون، في هذه اللحظة، إلى السلام الاستقلال وحياة حرة وكريمة.
متابعًا: “على الطبقات الشعبية والكادحة وعموم المضطهدين والمهمشين العمل على بناء هيئاتها المنظمة ليكون لها مشاركة فاعلة وحاسمة في الحياة السياسية، غُيِّبت عمدا من قبل النظام والمعارضة على حد سواء. نحن نؤمن بأن الديمقراطية في نظام لامركزي وحدها تبني الدولة المنشودة من كل السوريين على اختلاف مشاربهم السياسية وطوائفهم وقومياتهم”. ورأى الناطق باسم اليسار الثوري أن “غياب حزب ثوري جماهيري وفاعل عن الانتفاضة الشعبية في 2011 سبب أساسي في هزيمتها وسط بحر من الدماء”.
مختتمًا بالقول: “ندرك مخاطر التنظيم السياسي في بلاد تعمل سلطاتها على تحطيم أية قوة سياسية ثورية وجذرية، ولكن علينا الارتكاز على ما حققته الإدارة الذاتية الديمقراطية من هامش نضالي وتغييري وسياسي تعددي في شمال شرق سوريا لننطلق نحو ديناميكية ثورية فعالة قادرة على فرض مصالح الجماهير السورية في ساحات الصراع”.
وكالات _ الخط الأمامي