
إفتتاحية العدد 65 من جريدة الخط الأمامي
يترافق صدور هذا العدد من جريدتنا مع تجدد انتفاضة جماهيرية في محافظة السويداء. وكما سبق أن نوهنا مراراًفإن التململ والتذمر يسود الجماهير السّورية في كل مناطق سيطرة نظام الطغمة، وتوشك أن تنفجر في أكثر من مكان.
ليس الأفقار الشديد الذي يمس غالبية السّوريين وحده هو الدافع لهذا الحنق الواسع على النظام. بل هي سياساته القديمة المستمرة القائمة على احتكار السلطة ومنع اي مطالبة بتحول ديمقراطي. هذه السياسات الأقتصادية-الاجتماعية والقمعية تخدم أقلية من البرجوازيين المتخمين بالنهب الواسع للشعب وثرواته، وبفجورهم الوقح في إبراز ثرواتهم. وتشبث عنيف بنظامهم القمعي.
ما كان ممكنا أن يطول صمت الجماهير السّورية على نظام يقوم بنهبها وقمعها ويفرط بالسيادة الوطنية التي يتشدق بالدفاع عنها، حيث أنه ينسق مع النظام التركي المحتل في عدوانه على سوريا، وعلى مناطق الادارة الذاتية، في الوقت الذي يحدق فحسب على العربدة المتواصلة للطائرات الاسرائيلية في السماء السّورية.
نظام وضع نفسه تحت الوصاية الروسية والإيرانية فقط حفاظا على مصالحه الضيقة وبقائه، على حساب مصالح الشعب السوري ودمائه وثرواته وسيادته، هكذا نظام برجوازي عنيف انتفضت الجماهير السورية ضده وهي تنتفض وستنتفض ضده، حتى تحقيق التغيير السياسي والاجتماعي الجذري.
والحال، فإن الأنتفاضة الجارية في السويداء هي مظهر من مظاهر رفض السوريين لهذا النظام، لذا فهي ليست هبة طائفية كما يحلو لبعض المعارضة الليبرالية البائسة توصيفها به، وهي نفس المعارضة التي ساهمت بتفاهتها وتبعيتها بهزيمة الثورة، و تحاول مجددا ان تتسلق على اي نهوض شعبي، لتسويق هرائها، بعد أن فشلت سياسيا وتسببت بهزيمة الثورة، فأصابها الأضمحلال والتلاشي إلى حد كبير خلال السنوات العشر الماضية.
ما تحتاجه الأنتفاضة، هو التنظيم والوعي وقيادة ثورية على الصعيد السوري العام وربط المطالب المعيشية بالمطالب السياسية. وأن تلقى صدى لها في كل المناطق السورية، لكي لا تبقى معزولة ما قد يسهل للنظام إخمادها.
نقف بكل حزم مع انتفاضة الجماهير في السويداء وندعوا إلى دعمها، والى انتفاض الجماهير السورية في كل مناطق سيطرة نظام الطغمة، ولا سيما في أماكن العمل: ندعو إلى الإضراب العام: العمال، والمعلمين والطلبة و السائقين وكل العاملين في أماكن عملهم. وتنظيم الجماهير في أماكن سكنها. وانتخاب هيئاتها من الأسفل.
في هذا الخضم من الصراع الطبقي المحتد، يستمر العدوان التركي على الادارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وإن كان الغزو البري الذي أراد نظام اردوغان مجددا القيام به لم يتحقق نتيجة تناقضه، في اللحظة، مع مصالح الدول المتدخلة في سوريا: أمريكا وروسيا وإيران. لكن هذا العدوان التركي مرجح لأن يستمر، ويتجدد، ولا سيما أن مواقف الدول الامبريالية متغيرة وفق مصالحها.
ومن الدروس الهامة التي يمكن أقتباسها من المقاومة الباسلة التي تواجه هذا العدوان التركي هي أهمية الإعتماد على وعي الجماهير وتنظيمها، وتطوير تجربة الأدارة الذاتية ووضع سياسات اقتصادية واجتماعية تخدم الجماهير الشعبية الواسعة، رغم صعوبات الحرب والحصار. وايضا توسيع المشاركة الشعبية والسياسية والأنتقال إلى جعلها أنموذجا لسوريا المستقبل.
تيار اليسار الثوري في سوريا
كانون الأول/ديسمبر 2022