
أهمية بناء شبكة تضامن أممي مع الكفاح الديمقراطي والاجتماعي للشعب، ومع الإدارة الذاتية الديمقراطية
في معمعة الصراع العالمي بين الدول الامبريالية والذي وصل حدّ الحروب في أوكرانيا، وقبل حتّى أن تتوضّح ملامح نتائجه، لكن ذلك يتمّ وسيكون على حساب الشعوب في العالم، وبالأخص أنّه يترافق مع صعود ملحوظ لليمين الشعبوي والفاشي في قلب العالم الرأسمالي نفسه أي في أوروبا. وفي حين يجري ذلك مع حالة صمت وتعتيم لما يسمّى النظام العالمي على كفاح الشعوب، وعذاباتها في بقية المناطق.
هنالك انعطافة في الصراع الإمبريالي وتجلّياته السياسية تستلزم حضوراً فاعلاً لليسار المناضل، وإن كان لازم علينا الاعتراف بضعف اليسار المناضل عالميا أمام المهام العظيمة المطروحة عليه ، لكن هنالك في المقابل، مؤشرات واضحة على نهوضه عالميا أيضا، ويترافق ذلك مع هبّات جماهيرية واحتجاجات عمّالية وشعبية في العديد من البلدان، ومنها مؤخرا الانتفاضة الشعبية في إيران.
في بلدنا سوريا، هذا البلد الصغير والشعب المعذّب الذي يعيش كارثة مهولة، تتناهشه الضواري الدولية والإقليمية، وبالرّغم من ذلك وما تلاه من نتائج هزيمة الثورة الشعبية، لكن الحركة الشعبية والديمقراطية السورية لم تمت تماما، حيث أنّها تسيطر وتدير مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، في أنموذج من نماذج ازدواجية السلطة السياسية والجغرافية. هذه الرقعة التي تديرها قوى ديمقراطية وتقدّمية تقدّم بالرّغم مما تتعرّض له من اعتداءات و حالة الحرب والحصار، تجربة سياسية واجتماعية تقدّمية وفريدة، كما أنّها تشكّل ركيزة لكفاحنا السياسي والاجتماعي من أجل سوريا جديدة موحدة وديمقراطية ولا مركزية يسودها المساواة والعدل الاجتماعي.
مجرد وجود هذه الإدارة الديمقراطية هو مكسب هام للنّضال الديمقراطي، مع إدراكنا التام للمعوقات والسلبيّات التي تعتريها، لكنّها تبقى في موازين قوى الصراع السياسي في بلدنا، في هذه المرحلة، أهم نقاط القوّة لصالح الجماهير السورية وقواه السياسية الديمقراطية.
في هذا النضال التحرّري الوطني والإقليمي والأممي الشديد الأهميّة، فإنّ نضالنا يحتاج إلى تضامن أممي واضح معنا، من عموم الحركات الديمقراطية العالمية ، وبالأخص القوى الاشتراكية. نحتاج في صراعنا التحرري الوطني والديمقراطي والاجتماعي، إلى بناء شبكة تضامن ودعم مع شعبنا ومع الادارة الذاتية الديمقراطية، ويقع على عاتق اليسار الأممي مسؤولية تحمّل عبء القيام بهذه المهمّة. كما أنّ هذا اليسار الاشتراكي الأممي، مدعوّ لزيارة المنطقة المعنية وربط أواصر العلاقات الرفاقية، وتقديم خبراته الكبيرة وانتقاداته لها أيضا.
والحال، فإنّ الإدارة الذاتية الديمقراطية تشكّل، برغم كل المعوقات التي تعاني منها، واحدة من البقع القليلة في عالمنا اليوم، ولاسيما في منطقتنا التي تسودها الردّة الرّجعية، ساحة اليسار فيها هو روح المشروع وقاطرته، ما يتطلب تعزيز انخراط اليسار العالمي في منطقتنا بشكل أكبر وأكثر مباشرة.
ذلك يعني أنّ علينا، علاوة على تنظيم الزيارات لمناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية والنشاطات والعلاقات المشتركة مع القوى الاشتراكية الأممية، أن تجد الأخيرة فيها موقع قدم لها.
لنعمل على بناء لجان التضامن مع الكفاح الديمقراطي والاجتماعي للجماهير السورية ومع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا
تشرين أول/أكتوبر 2022