
واحدة من اكثر المشكلات التي تواجه هؤلاء المعنيون بالتغيير الثوري التساؤل حول حجم وتأثير المنظمات الثورية، فالأحزاب الثورية عادة ما تكون صغيرة (حتى لو بلغت الآلاف) مقارنة بالأحزاب الإصلاحية الكبرى، الأحزاب الاشتراكية الثورية في بلدان كثيرة حتى عهد قريب أرقام عضويتها تعد غير ذات قيمة، وليس هناك طريقة سهلة لحل هذه المشكلة فإذا كان صراع الطبقة العاملة منخفض المستوى (جزر) لبعض سنوات فان المجموعات المؤسسة على السياسات ذات المبادئ الثورية والتحرر الذاتي للطبقة العاملة سوف تكون صغيرة ولكن المشكلة تتفاقم لحظة أن تعلو درجة الصراع الطبقي، فكيف يمكن للحزب الثوري أن ينمو؟
أولا، إن الأفكار تميل إلى أن تتغير في الصراع، فنشاط مثل الإضرابات أو احتجاجات الطلبة أو محاربة الطائفية والعنصرية أو أحداث مثل حرب الخليج تدفع أعداد كثيرة من الناس ليروا العالم بشكل مختلف، فتحركهم الجماعي يجذبهم لأفكار كالتضامن ومن ثم للاشتراكية، لهذا فإن نمو المنظمة الثورية يأتي متوافقا مع المستويات العليا من الصراع أو فترات النزوع إلى الحلول الجذرية، في مثل هذه الأوقات لا يكون النمو مجرد زيادة في عدد الأعضاء (كمي) ولكن عادة ما يكون وثبة نوعية أي نقلة كيفية، ذلك عندما يصل عدد ضخم من الناس لنفس النتيجة حول الحاجة لقطع الصلة بالطرق القديمة للتنظيم السياسي ويعدون أنفسهم للتغيير الثوري.
إن إمكانيات النمو في السنوات القادمة تعتمد على البناء في مواقف سياسية معينة، ومع ذلك فانه لا يكفى الثوريين أن يترقبوا الموقف المناسب وينتظرون فلول العمال لكي تنضم إليهم، بل يجب على الحزب الثوري أن يحاول زيادة عضويته في فترات انخفاض مستوى الصراع الطبقي، يتم ذلك عن طريق الانغراس في الصراعات التي تحدث وعن طريق إدارة النقاشات والحوارات لأوقات طويلة أحيانا مع هؤلاء الذين يعترضون على المجتمع الرأسمالي.
حتى في أوقات ذروة الصراع يجب أن تتم محاولة استمالت عدد كبير من العمال أعضاء الأحزاب القديمة أو القادة النقابيين نحو سياسات ثورية حقيقية، يمكن لذلك أن يحدث فقط عندما نثبت لهم بشكل عملي أن الأفكار التي وضعها الثوريين صحيحة بشكل عملي.
لهذا فانه إلى جانب التعهد المطلق ببناء حزب مستقل يجب أن يكون هناك التزام بالعمل في (الجبهات المتحدة) وهذا يعنى المحاولة للتنسيق حول قضايا معينة، وتعد الفاشية من اشهر القضايا التي دار الصراع حولها في الثلاثينات والتي أمكنها توحيد الطبقة العاملة في برنامج واحد لمطالب بعينها، وكما قال تروتسكي “فلنسير كلا على حدا ولنهجم معا”.
عن طريق الجبهات المتحدة يمكن للثوريين العمل مع هؤلاء الذين ينتمون لأحزاب غير ثورية في قضايا معينة مع التمسك بمبادئهم ووضوحهم السياسي، ولان الثوريين يملكون اكثر من فكرة حول كيفية القتال في هذه القضايا مقارنة بقادة الأحزاب الإصلاحية، لذا فأنهم يكسبون أعداد ذات قيمة من العمال على سياساتهم ومواقفهم في هذه العملية.