
نادي العبودية . العضوية مجاني
نعم العضوية مجانية ولكن الخروج والتحرر من عضوية هذا النادي القبيح تحتاج لمن يدفع فالفاتورة غالية الثمن، من نضال ووعي وتنظيم. ماهي جذور العبودية. وهل حقًا العبودية انتهت بإصدار قوانين الغاء الرق حول العالم ؟، ام اننا نعيش نوع جديد من العبودية اقبح من العبودية النمطية القديمة المتعارف عليها.
جذور العبودية
العبودية قديمة قدم الحضارة البشرية ولكنها ليست بعمر وجود الانسان على كوكب الأرض، كيف ؟، لان البشريّة في فترة المشاع في وقت تنقل الانسان للبحث عن الثمّار في جماعات لم يكن هناك مفهوم التملُك النمطي الذي عرفه الانسان بعد الثورة الزراعية.
ومن ثم ظهرت فكرة التملُك والاقطاع للأرض الخصبة التي تصلح للزراعة فتغير النمط البشري تهجم قبيلة اكثر قوة او عدداً على قبيلة اخري اقل قوة او عدداً فيتملكونَ الأرض بمن عليها، ليتحولوا إلى عبيد و خدم عندهم وظهرت أيضا بوادر السلطوية فتلك الأرض تحتاج لمن يحرسها ويدافع عنها.
اذن العبودية او الرق هو نتاج انتهاء فترة المشاع وظهور فكرة التملك الفردي، و تحولت العبودية إلى حقبة ملوثة في تاريخ كل الحضارات البشرية ولاتزال اثارها إلى الان كالتميز علي أساس اللون او العرق وغيرة.
حينما ننظر مثلا لتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي تلك الفترة التي تعتبر عاراً في ارث التاريخ البشري، من عام 1800 اللي 1880 ميلاديا نقل حوالي من 10 إلى 12 مليون افريقي اثناء النقل مات حوالي 15% منهم ومن لم يمت في رحلة الذهاب من افريقيا إلى الامريكيتين عبر المحيط الأطلسي تحول إلى بضاعه يباع ويشتري ويمتلك.
وكان توزيعهم علي النحو الاتي:
ذهب حوالي من اجمالي الافارقة بنسبه 48% اللي دول الخليج الكاريبي و 41% اللي البرازيل والعجيب ان النسبة الأقل كانت في أمريكا الشمالية بنسبه 5% فقط.
طبعا سكان أوروبا لهم باع وخبرة في تجارة العبيد قبل هذا التاريخ أيضا تحديدًا بعد الحملة الصليبية الرابعة عام 1204 ميلادية . حيث استورد التجار الايطاليون العبيد الأرمن والجورجيين والشركس إلى إيطاليا و اغلبهم من النساء للعمل في المنازل، اما اغلب العبيد في الكاريبي مثلا كان اغلبهم يعمل في معالجة محصول قصب السكر، (ملحوظة معظم المحاصيل التي اعتمد على العبيد في زراعتها وحصادها من السكر والقهوة والتبغ وخدمة منازل الأثرياء . أمور ثانوية كماليات وليست رئيسية او ضرورية لحياة البشر).
اذن العبودية نتاج ثقافة الاستهلاك الرأسمالي لدي البشر لأمور ثانوية وبضائع رفاهية ولا تمثل امر رئيسي في حياة الانسان.
(ملحوظة هامة…. الاغلب يعتقد ان تجار من اوروبا يذهبون إلى افريقيا مسلحين وبقوة السلاح يحصلون على بشر يذهبون معهم إلى الامريكيتين وتحولوا إلى عبيد وهذا المفهوم خطأ جملةً وتفصيلاً. الافارقة كانوا يعيشون في ممالك وقرى قويه صعب اقتحامها في هذا التوقيت بقوة السلاح وفكرة استعمار افريقيا من قبل جيوش نظامية ظهرت بعد ذلك، الحقيقة ان الافارقة كانوا يباعوا من قبل افارقة مثلهم إلى تجار اوروبا ومن ثم يساق بهم اللي الامريكيتين.
التحليل الطبقي لازمة العبودية امر هام للغاية لكي تفهم جذور الازمة، العبودية هي جزء من الضمير الإنساني المشوه كما وصفها مارك توين وان تشوه العقد الاجتماعي هذا حول البشر اللي سلعه تباع وتشترى . مراكب نقل العبيد من أفريقيا عبر المحيط الأطلسي كانت تخصص مساحه للعبد داخل المركب 40 سم داخل المركب من يقوم بنقل حيوانات يحترمها اكثر من نقل البشر في تلك الفترة وكما وصف حالهم من قبل احد الكتاب الصحفيين الانجليز ( كان للرجل منهم متسع في المركب كما هو حالة في تابوته بعد موته. وبمجرد وصولهم اللي الامريكيتين كانوا يباعوا مثل المواشي ويوضع عليهم علامات عن طريق الكي بالنار من قبل ملاكهم .
كان الجحيم يكمن في مزارع قصب السكر في البرازيل ما حدث هناك في تلك الحقبة وصمة عار في تاريخ البشرية، العبد يحمل فوق راسه اناء من روث الحيوانات وزنه أربعون كيلو جرامات للتسميد وينزل الى طريق واعر . اما في موسم حصاد القصب وتكريره الى السكر كانت الحلقة الأصعب فالعبد كان يعمل أحيانا 48 ساعه متصلة حتى لا يفسد محصول القصب وكان مشرف العمال معه -بلطة- اذا انحشرت يد عامل قام بقطعها ولذلك وبسبب كل تلك الظروف كان متوسط عمر العبد في البرازيل حوالي 23 سنه .
اما ظروف المعيشة في الولايات المتحدة كان افضل بكثير ولكن ليس من طيبه قلب النظام الرأسمالي الأمريكي هناك ولكن حينما يتكاثر العبيد يستفيد مالكيهم بذلك فبيعوا أطفالهم في السوق او يستخدمونهم في المزارع وهذا يفسر لماذا نسبه المواطنين من أصول افريقية في الولايات المتحدة نسبتهم تقريبا 13% .
ويفسر أيضا لما استمرت مستعمرات البرازيل في استيراد العبيد اللي ان أصدرت قوانين الغاء الرق في أواخر القرن التاسع عشر.
يجب بعد ذكر كل ما سبق ان نذكر:ـ كل البشر ولدوا أحرارا ولا يحق استرقاقهم… كنا بشرا حتي فرقتنا الأديان وقسمتنا الثروة ومزقتنا العرقيات.
هناك حوالي اكثر من 50 مليون شخص حول العالم يعيشوا تحت مفهوم العبودية الحديثة.
العبودية الحديثة ليست مقصورة في دول بعينها حتي في أوروبا قلعه التمدن والتنوير يعيش عشرات اللاق من الفتيات تحت سطوة تجارة الرقيق الأبيض واجبارهن علي بيع اجسادهن بعد خطفهن من دول اوروبا الشرقية وهذا لا يختلف كثيرا عن ما فعله اجدادهم مع الافارقة قديما.
باكستان إلى الان بها حوالي 2 مليون شخص يحملون رقم عبد منهم أطفال يعملون اعمال شاقة
اذا اردت ان تفهم ازمة العبودية يجب ان تفهم الجذور التاريخية لها
المفكر (اولاند باترسون ) يعرف العبودية علي انها السيطرة الدائمة والعنيفة والشخصية علي اشخاص مسلوخين عن انسابهم ومجردين من الكرامة بشكل عام … طبقا لهذا التعريف فأن الشخص الذي ينتزع من ارضه وثقافته وأهله يعاني حسب وصف باترسون بالموت المجتمعي.
بمعني ان العبودية تتخلص في نزع صفات البشرية عن العبد من حرية وغيرها من الصفات الإنسانية اذا انتزعت تلك الصفات يتحول الفرد اللي عبد.
نعود اللي الجذور التاريخية… الاغريق اعتبروا أي شخص مختلف عنهم هو سبب لاسترقاقه ومن ثم أي شخص غريب عنهم من البرابرة.
ارسطو من الفلاسفة الذي برروا للعبودية حيث قال: (من الواضح ان هناك أناسا سادة واخرين عبيد بحكم الطبيعة من النافع ومن العدل ان يظلوا عبيدا ) فكرة ارسطو تلك أصبحت من المسلمات والثوابت لفترة طويلة .
اما الرومان الامر كان مختلف لديهم كان اجمالي العبيد في الدولة الرومانية حوالي 30% من اجمالي السكان أي نسبه اعلي من نسبه العبيد في الامريكيتين في خضم ازمة العبودية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر ميلاديا.
الرومان أيضا اول من بدا مفهوم المزارع الجماعية التي يعمل فيها العبيد.
هل الأديان ساهمت في حل ازمة العبودية كما يظن الكثير دون تحليل مادي واقعي مجرد ودون تحليل للنصوص الدينية او تحليل النتائج الحالية.
نجد كمثال لحظة لعن نوح لابنه في سفر التكوين (ملعون كنعان عبد العبيد يكون لاخواته) هذه الجملة تدل علي الاتي . أولا ( العبودية تورث من الاب إلى الابن) ثانيا (العبودية كانت نتاج ذنب اقترفه البشر) ومن ثم كانت أسباباً لتبرير العبودية.
وفي التاريخ الإسلامي . لم يكن هناك امر واضح وصريح في النصوص الدينية علي تحريم الرق ولكن كل ما ورد هو تنظيم علاقة الرق بين العبد وسيده وعند تحرير رقبة عبد يتحول من عبد إلى طبقة الموالي وهي لا ترتقي للأحرار وليسوا عبيد أيضا ولكن لا يحق لهم تقلد منصب سياسي هام مثلا .
العبودية استمرت في الدول الإسلامية اللي منتصف القرن العشرين بعد اصدار قوانين الغاء الرق في جميع اركان الوطن العربي كمثال.
العرب المسلمون جائوا بأعداد كبيرة من الافارقة الناطقين بالبانتو وعملوا لديهم كعبيد واطلق عليهم الزنج لانهم جائوا من ارض في شرق افريقيا تعرف بزنجبار وكانت فئة منبوذة في المجتمعات الإسلامية وكانت التميز ضدهم واضح وصريح بينهم وبين غيرهم .
في عهد الدولة العباسية سنه 869 ميلادية قامت اول ثورات العبيد الزنج وقمعت بوحشية وتم تشويه صورة تلك الثورة اللي الان في اغلب مراجع التاريخ الإسلامي والثورة كانت مؤثرة مما دفع العباسيين لإلغاء فكرة المزارع الجماعية التي يعمل فيها العبيد علي غرار مزارع الرومان.
من المغزى ان نلقي اللوم علي فئة معينه لان ذلك معاناه ان الفئة الأخرى بريئة من تلك الجريمة البشعة التي تعتبر وصمة عار في تاريخ البشرية. الحقيقة ان اجدادنا جميعا متورطين في هذا الامر واعتبروا انه من حقك امتلاك شخص لمجرد ان لونه مختلف.
والعبودية الان لن تنتهي ان تعيش أحيانا في ظروف ابشع من العبودية القديمة العمل لمدة 12 ساعه دون الحصول علي ما يكفي فقط لألف باء المعيشة الادمية هذا هو نمط العبودية الحديث عمالة الأطفال جريمة والنساء العاملات في المصانع والشركات يتعرضن للتميز في كل شيء من الراتب للمعاملة فضلا عن التميز الجندري كل ذلك هو نمط من أنماط العبودية الحديثة.
نادي العبودية مفتوح للجميع والعضوية فيه مجانا. الخروج من عضويته صعبه فاتورة غالية دفعها قبلنا الكثير والكثير من نضال ومثابرة فعليك ان تقرر ان كنت تفضل ان تكون احد أعضاء هذا النادي القبيح ام اخترت التحرر منه.
الخط الأمامي