
الإضراب العمالي في تونس والحاجة لأفق سياسي يدافع عن الديمقراطيّة
إن الإضراب الذي دعا له الاتحاد العام التونسي للشغل في القطاع العام يوم الخميس الماضي واستجاب له العمال بنسبة مشاركة عالية أدّى إلى شلل عام في الدولة وهو لمحة عن القوة الممكنة للطبقة العاملة عندما تتحرك بالاتجاه الذي يخدم مصالحها.
تحتاج الدولة التونسية لقرض من صندوق النقد الدولي الذي اشترط “رفع الدعم” وتجميد الأجور. ولذلك فإن الحكومة بدأت في الاستعداد لتطبيق سياسات التقشف. ولكن من الخطأ أن نلخّص الأزمة في إكراهات صندوق النقد للرئيس الانقلابي والحكومة… نحتاج لتحليل أدقّ.
فالدولة برئيسها الانقلابي وحكومته هي في خدمة مصالح الطبقة الحاكمة والتي تولي أرباحها وامتيازاتها أوليّة على مصالح الطبقات الشعبيّة وفي قلبها الطبقة العاملة. ولذلك فإن سياسات التقشف هدفها إنقاذ مصالح رأس المال في تونس والحفاظ على قدرته على إنتاج الأرباح وفرض سلطته على العمل المأجور (أي على العمال).
الطبقة الحاكمة في تونس مأزومة منذ سقوط بن علي الذي كان يحمي مصالحها ولم تتمكن الثورة المضادة الناعمة منذ صعود نداء تونس للحكم في حلّ أزمة النظام وفرض “هيبة” الدولة من أجل تعزيز سيادتها الطبقيّة.
هذه الطبقة الحاكمة تحتاج لإكراهات تخدم مصالحها تتذرّع بها وإلى دعم مالي من أصدقائها. ولكن ما يطلق عليه “إكراهات” هي الحلول التي تتمنّى الطبقة الحاكمة القيام بها منذ سنوات. هي فعلا إكراهات مسلّطة على أغلبية النّاس لأن تطبيقها تطلّب الانقلاب على الديمقراطية وعلى سيادة الشعب.
يرفض الاتحاد العام التونسي للشغل شروط صندوق النقد لأن الضائقة المعيشية في تونس خنقت الناس أصلا في حين يرغب الصندوق في موافقة الاتحاد العام التونسي للشغل على هذه الإجراءات القاسية لتجنب إضرابات قد تهدد استقرار النظام.
يطالب الاتحاد بأجور تكفل حياة كريمة للناس في حين وصفت الحكومة مطالب الاتحاد بحياة كريمة للناس بأنها غير واقعية ولا يمكن تحقيقها.
الاتحاد لا يبحث عن حل سياسي للتصدي لسياسات التقشف بل هو يقبل بالانقلاب ولذلك سيكون أفقه في نهاية المطاف تفاوضا على شروط سياسات التقشف، أي التخفيف من قسوتها وسرعة تطبيقها…
لا يمكن للعمال أن يدفاعوا عن مصالحهم إذا اقتصر نضالهم على الجانب الاقتصاديّ وفي غياب مشروع سياسيّ يدافع عن الديمقراطيّة وعن حقّ الشعب في تقرير المصير.
من أجل الدفاع عن مصالحها يجب على الطبقة العاملة أن تدعم مقاومة الانقلاب وأن تقود النضال من أجل الديمقراطية لتفرض رؤيتها في الشارع الديمقراطيّ.
اليوم نزل الآلاف ضد الانقلاب دفاعا عن الديمقراطيّة، من أجل إبطال الاستفتاء وفضح عملية التحيل على إرادة الشعب. لقد تمكنت حركة مواطنون ضد الانقلاب والقوى السياسية والاجتماعية التي دعمتها وأسّست جبهة الخلاص من كسر سردية الانقلاب وفرض نفسها في الشارع الديمقراطيّ ولكن تعبئة الجماهير تتطلّب التوجّه للناس وتقديم حلول لمشاكلهم الاجتماعيّة. كما أنّ الحركة الديمقراطيّة تحتاج لقوة الطبقة العاملة لكسر شوكة الدولة.
النضال الاقتصادي دون أفق سياسي يدافع عن الديمقراطيّة مآله الهزائم.
وفي المقابل الحركة الديمقراطية التي لا تربط بين مطالب الخبز والحرية والتي تبقى فارغة من أي مضمون اجتماعي لا أفق لها. هي تعكس ضيق أفق أفكار قادتها.
عاش نضال العمّال وعاش النضال من أجل الديمقراطيّة!!!
اشتراكيون ضد الانقلاب