
▪️ في مثل هذا اليوم 14 آذار / مارس 1883 أرسل إنجلز برقية إلى فريدريك سورج قال فيها “مات ماركس اليوم لقد توفي صديقي في لندن عن عمر يناهز 64 عامًا، بعدما قد سافر إلى بريطانيا وهو مطرود من ألمانيا ، وأعتقل وسُجن في باريس وأستطاع الفرار منها، قد رحل أفضل رجل مكروه وأسوأ مذنب في أوروبا”.
▪️ توفي كارل ماركس في لندن ، عن عمر يناهز 64 عامًا. وقد ألقى فريدريك إنجلز خطبه رائعة نقدم لكم ترجمة حديثة لها.
▫️خطبة فريدريك إنجلز على قبر كارل ماركس، 17 مارس 1883
▪️مثل اليوم، ١٤ مارس، عام ١٨٨٣، مات كارل ماركس بعد أن قضى عمره في صراع ضد الاستبداد بأنواعه، طاردته السلطات في كل مكان ذهب إليه، وأغلقوا كل المجلات والجرائد التي أنشأها، وكان نبراسه وهدفه خلق عالم “إنساني” حيث إنه كان يرى أن كل التاريخ البشري حتى الآن ما هو إلى تاريخ لا يمكن أن نسميه إنسانيا حقا. فلن نبدأ تاريخنا الذي نستحقه، ومن ثم يستحق إطلاق اسم نوعنا عليه، إلا بمحق كل أشكال الاستغلال. مات ماركس عدوا لكل السلطات. ومكروها من جميع ذوي السلطة أو الثروة أو الامتيازات. ومن ثم لا عجب أن ١١ شخصاً فقط هم من شيعوه إلى قبره في مدافن هايجايت في لندن، منفيا، واستمعوا إلى هذه الخطبة التي ألقاها رفيق نضاله وحياته فريدريك إنجلز. لا أدري كيف استمع هؤلاء الأحد عشر إلى هذه الخطبة، ولا كيف شعروا عندما أنهاها بعبارته النبوءة: سيبقى اسمه على مر الدهور”. ولقد كان!
▪️اليوم، ونحن نرى الرأسمالية تختنق وتخنق معها الكوكب وسكانه، يعود ماركس، شخصاً وفكراً وفكرةً وممارسة، إلى الصدارة، وتعود رؤيته وتحليلاته تفهمنا من أين يأتي الوباء ومن أين يأتي الخطر، والأهم: ما العمل.
▪️أرى اليوم مناسباً للاستماع إلى إنجلز مرة أخرى وهو يودع أعظم عقل وربما أكبر نفس في تاريخ صراع المضطهدين من أجل تحررهم.
▪️”في الثالثة إلا ربع عصراً، في الرابع عشر من مارس، توقف عقل أعظم مفكر في العالم عن التفكير.
كنا قد تركناه وحده محض دقيقتين، ولما عدنا وجدناه في كرسيه وقد راح في سبات عميق بهدوء وسكينة – إلى الأبد.
▪️خسارة فادحة، وفاة هذا الرجل، حلّت بالطبقة العاملة المناضلة في أوروبا وأمريكا وبدراسة التاريخ. وسرعان ما سندرك جميعا قدر الفراغ الذي خلفته برحيلها تلك النفس العظيمة.
▪️مثلما اكتشف داروين قانون تطور الطبيعة العضوية، اكتشف ماركس قانون تطور التاريخ البشري: اكتشف الحقيقة البسيطة التي ظلت إلى الآن مخفية وراء سدائل الأيديولوجيا وهي أن الجنس البشري لابدّ في البداية أن يأكل ويشرب ويجد المأوى والملبس قبل أن يكون قادراً على ممارسة السياسة والعلم والفن والدين وغير ذلك؛ ولذا فإن إنتاج الوسائل المادية الضرورية للعيش، والتي تعتمد عليها درجة التطور الاقتصادي الذي يحرزه شعب ما أو المتحقق في حقبة ما، يشكل الأساس الذي يستند إليه تطور ما لهذا الشعب أو ذاك من مؤسسات دولة ومفاهيم قانونية وفنون، بل وأفكار حول الدين، والتي يجب لذا فهمها على ضوئه وليس العكس كما هو الحال إلى الآن.
▪️ليس هذا كل ما في الأمر. فقد اكتشف ماركس أيضاً قانون الحركة الخاص الذي يحكم نمط الإنتاج الرأسمالي المعاصر والمجتمع البرجوازي الذي خلقه نمط الإنتاج هذا. إن اكتشاف فائض القيمة سلّط الضوء فجأة على المشكلة التي طالما ظل الاقتصاديون البرجوازيون والنقّاد الاشتراكيون في جميع البحوث السابقة يتخبطون في محاولة فهمها.
▪️إن اكتشافين كهاذين يكفيان في حياة أي شخص. وطوبى لمن يمنحه القدر فرصة تحقيق واحد منهما. لكنّ ماركس حقّق في كل مجال بحث فيه – وقد بحث في العديد والعديد من الميادين ولم يتناول أيها بسطحية- في كل ميدان، حتى الرياضيات، حقق اكتشافات خاصة به.
▪️هكذا كان ماركس العالم. إلا إن ذلك لم يكن حتى نصفه! فالعلم كان بالنسبة لماركس قوة ثورية دينامية على الصعيد التاريخي. وكان مهما بلغ سروره بوقوع اكتشاف جديد في مجال العلوم النظرية ربما استحال بعدُ استشراف تطبيقاته العملية، فإن سعادته كانت مختلفة تماماً إذا ما انطوى الاكتشاف على إحداث تغييرات ثورية آنية في الصناعة، وفي التطور التاريخي بوجه عام. فعلى سبيل المثال، كان ماركس يتابع عن كثب تطور الاكتشافات المتحققة في مجال الكهرباء وآخرها الاكتشافات التي حققها مارسيل دوبريه.
▪️لقد كان ماركس قبل كل شيء ثورياً. وكانت رسالته الأولى في حياته هي أن يساهم، بصورة أو أخرى، في الإطاحة بالمجتمع الرأسمالي وبمؤسسات الدولة التي خلقها هذا المجتمع؛ أن يساهم في تحرر الطبقة العاملة الحديثة الذي كان هو أول من وعّاها بوضعها الخاص وباحتياجاتها وبشروط تحررها. النضال كان له أفضل ما في الحياة. وقد ناضل بعزيمة وقوة ونجاح لا ينافسه فيها إلا قليلون. نذكر عمله في جريدة “راينيش زايتونج” الأولى (١٨٤٢)، وجريدة “فورفارتز” في باريس (١٨٤٤) وجريدة “دويتش بروسلر زايتونج” (١٨٤٧) وجريدة “نيوراينيش زايتونج” (١٨٤٨-١٨٤٩)، وإسهاماته في جريدة “نيويورك تريبيون” (١٨٥٢-١٨٦١)، وبالإضافة إلى ذلك نذكر العدد الكبير من المنشورات الثورية، وعمله في البناء التنظيمي في باريس وبروكسل ولندن، وأخيراً، وما يتوج هذا كله، تأسيس “الرابطة الدولية للعمال”، تلك المنظمة العظيمة، التي كان تأسيسها إنجازاً يحق لصاحبه الفخر إذا لم يكن قد أنجز غيره في حياته.
▪️وبناء على ذلك كله كان ماركس أكثر شخصية مكروهة في عصره وأكثر من تعرض للتشهير. طردته الحكومات، المطلقة والجمهورية على السواء، من أراضيها. وتنافس البرجوازيون، سواء المحافظين منهم أو أقصاهم ديمقراطية، في قدحه. وهو ما نحّاه ماركس عنه كأنه خيوط العنكبوت، وتجاهله، ولم يرد إلا عندما دعته الضرورة القصوى إلى الرد.
▪️إلا أنّه مات محبوباً، مبجلاً، محزوناً عليه من الملايين من العمال الثوريين، من مناجم سيبريا إلى كاليفورنيا، في جميع أرجاء أوروبا وأمريكا. ودعوني أقول إنه وإن كان له العديد من الخصوم فلم يكن له عدوٌ شخصيٌ واحد.
🔹سيبقى اسمه على مر الدهور، وستبقى أعماله.”
▫️فريدريك إنجلز، ١٧ مارس ١٨٨٣، مدافن هايجايت، لندن
(ترجمة جديدة – وسيم وجدي Wassim Wagdy)
✪ إعلام تيار اليسار الثوري في سوريا من أجل الاشتراكية والثورة
#FrontLine #Revoleftsyria ☭✊🚩
https://linktr.ee/revoleftsyria