
▪️دفعتْ الأزمة بخصوص أوكرانيا بأوروبا أقربَ إلى حربٍ مرعبة، وهيّ في لبّها نزاعٌ بين أقوى تكتلٍ امبرياليٍّ في العالم، الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، وروسيا التي هيّ قوةٌ امبرياليّةٌ أضعفُ لكنّها مع ذلك شرسة. أوكرانيا مجردُ بيدقٍ بالنسبةِ إلى الطرفين كليهما. لا مصلحةَ لأفرادِ الطبقة العاملة في انتصارِ أيّ من هذين الطرفين في هذا النزاع، ويجبُ على الاشتراكيّينَ في الدول المنخرطةِ في هذا الخلاف أن يولوا معارضةَ حكوماتهم همَّ الأهمية.
▪️لقد اشتعلتْ هذه الأزمة المعينةُ بقرارِ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يركزَ القواتِ على الحدود مع أوكرانيا. برر هذه الحركةَ التهديديّة في جزئها بلجوئه إلى الميثولوجيا القوميّة لروسيا العظيمة بشأن روابطِ تاريخيةٍ بين روسيا وأوكرانيا، وفي جزئها الآخر بتكرار أوجاعه القديمة بشأن سياسة الولايات المتحدة بتوسيع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي شرقاً. لقد كان يطالب على وجه الخصوص بالتزامٍ أنّ أوكرانيا لن يسمح لنا بدخول حلف شمال الأطلسي وبأنّ قواته ستنسحبُ من أوروبا الوسطى والشرقيّة.
▪️صحيحٌ أنّ توسعَ حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي ليشملا معظم الدول الستالينيّةِ سابقاً في وسط أوروبا وشرقها دفعته إدارتا بيل كلينتون وجورج بوش لبسطِ سلطة الامبرياليّة الغربيّة أعمقَ في داخلِ القارةِ الأوراسيّة. حنثتْ هذه السياسةُ بوعودٍ قطعها وزير الخارجيّةِ الأمريكي جايمس بايكر إلى آخر رئيسٍ سوفييتي، ميخائيل غورباتشيف، في ١٩٩٠ حين وافقتْ موسكو أنّ ألمانيا متحدة يمكنها أن تنضم لحلف شمال الأطلسي.
▪️ليس بوتين صديقاً للطبقةِ العاملةِ في العالم؛ إنه يعتلي نظاماً قمعياً نيوليبرالياً ويلجأ إلى قوميّةِ روسيا العظمى؛ ليدعم نفسه أيديولوجيّاً، وقد سعى إلى إعادة بناء قوة روسيا العسكرية، وأن يستعملها ليحافظ على سيطرةِ موسكو على ‘خارجها القريب’ يلحظُ هذا في سحقِ حركة الاستقلال في الشيشان، وحرب عام ٢٠٠٨ مع جورجيا، واستيلائها على القرم في ٢٠١٤، وتدخلها الحديثِ ضدَّ الاحتجاجاتِ الشعبيّةِ في كازاخستان، وفي أماكن أبعد، استُخدمتْ قوةُ روسيا العسكرية في الدفاع عن نظام بشار الأسد الوحشيّ في سوريا؛ ومع ذلك، فقد كانت واشنطن هيّ التي صعدتْ الأزمة الحاليّة، مدفوعةً من حكومةِ بوريس جونسون المتخبطة في بريطانيا؛ لقد رفضتْ إدارةُ جو بايدن أن تفكر جدياً بمطالب بوتين الرئيسة، وقد صعدتْ كلامياً خطر الحرب (بمعارضةٍ لاحتجاجات حكومةِ أوكرانيا الداعمة للغرب) وقد حركت هي، وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي قطعاً عسكريةً أكثر إلى قرب حدود روسيا.
▪️إن أتت الحرب فسيكون شعبُ أوكرانيا ضحيتها الرئيسة؛ لقد عانوا معاناةً فظيعةً في القرن العشرين بسبب الحرب العالمية الأولى، والتدخلات العسكرية المناهضة للثورة ضد الثورة البلشفيّة، والتنظيم الستالينيّ للزراعة جماعيّاً في ثلاثينيات القرن العشرين، والاجتياح النازي للاتحاد السوفييتي في ١٩٤١، وقد أكدوا حقّهم في تقرير مصيرهم الوطني في عام ١٩٩١ محركين تفكك الاتحاد السوفييتي، لكنّهم منذ ذلك الوقت محكومون بعصاباتٍ متنافسة من أوليغاركيين فاسدين، يميلون تارةٍ غرباً وتارة شرقاً. منذ عام ٢٠١٤ أصبحتْ أجزاءٌ من جنوب شرق أوكرانيا ساحةَ حربٍ بين حكومةِ كييف وخصومها المدعومين من روسيا. لا يحتاج الشعبُ الأوكرانيُّ إلى مزيدٍ من جيوش، سواءً أكانوا من الناتو أم من روسيا!
▪️إنّ التصعيد الغربيَّ للأزمة الأوكرانيّة يتعلقُ بالنزاع العالمي بين الولايات المتحدةِ، والصين؛ يريدُ بايدن أن يبعثَ بإشارةٍ إلى الرئيس الصينيّ شي جينبينغ، أنّ واشنطن لن تقبل أي محاولةٍ من بكين أن تدمج التايوان قسراً من جديدٍ مع الصين، وأجابَ شي بدعمه بوتين بخصوص أوكرانيا؛ تهدد هذه المنافسةُ بتفتتِ النظام الدوليّ إلى تكتلاتٍ امبرياليّةٍ متنازعة، ما يزيد خطر حربٍ عالميّةٍ تدمرُ الجنس البشري؛ نقول: لا حربَ بشأنِ أوكرانيا! فلتنسحب قوات روسيا وحلف شمال الأطلسي كلتاهما! لا توسعوا الناتو — حلُّوه! جرِّدوا أوروبا من العسكر! انهوا سباق الأسلحةِ الذي يلتهم موارداً نحتاجها لمحاربةِ الفقر وتغير المناخ.
▪️نقتفى تراثنا السياسيّ إلى الاشتراكيين الثوريين الذين رفضوا أن ينحازوا إلى جانبٍ في الحرب العالمية الأولى، إذ رأوا، يقودهم فلاديمير إيليتش لينين وروزا لوكسمبورغ، الثورةَ الاشتراكيةَ العالميّة على أنّها السبيلُ الوحيدة للخروج من نظامٍ امبرياليٍّ يؤدي فيه التراكم التنافسي لرأسِ المال حتميّاً إلى الحروب. اختار رفيقُ روزا لوكسمبورغ كارل ليبكنخت الشعار: “العدو الرئيس في وطننا.” يجبُ أن تكون هذه كلمتنا اليوم.
هيئة تنسيق التيار الاشتراكي الأممي.
١٦ شباط\فبراير ٢٠٢٢
✪ إعلام تيار اليسار الثوري في سوريا من أجل الاشتراكية والثورة
#FrontLine #Revoleftsyria ☭✊🚩
https://linktr.ee/revoleftsyria
ترجمة الرفيق سامر لهفان _ وحدة الترجمة
صدر العدد 57 من جريدة الخط الأمامي، لسان حال تيار اليسار الثوري في سوريا، شباط/فبراير 2022