
لاشك أن عشر سنوات في عمر الأزمة السورية أثقلت كاهل الطبقة الكادحة وزادتها فقرا وأيضاً أنهت الطبقة الشعبية المتوسطة كليا بسبب النزوح من جراء القصف والتدمير وخسارة أغلب الممتلكات المادية ووسائل العيش وأيضاً الفاقة الاقتصادية بسبب الغلاء الممنهج لأسعار المواد الاستهلاكية الضرورية للحياة مما أدى إلى اختفاء الطبقة الوسطى في المجتمع السوري وانتقالها إلى الطبقات الشعبية وتحت مستوى خط الفقر بالقياس العالمي.
فلم يعد دخل الفرد في هذه الطبقات الشعبية يكفي لشراء مايكفي نصف غذائه اليومي بحده البسيط جدا وهذا في اغلبية الشعب السوري عموماً وفي أماكن حاضنة النظام خصوصا حيث أغلبية المتواجدين في هذه الحاضنة الشعبية الموالية للنظام هم ممن يعتمدون بشكل أساسي في معيشتهم على الراتب المعيشي من النظام والذي لم يعد يكفي للحصول على الخبز وأجرة المواصلات وعلى عملهم في الزراعة البسيطة والتي بدورها لم يعد مردودها يكفي لإعادة دورة الإنتاج الموسمية بسبب هذا الغلاء الفاحش لمستلزمات الإنتاج من أسمدة عضوية وكيماوية وفلاحة وبذار وغيره
ناهيك عن أجرة نقل المنتجات الزراعية بسبب أسعار المازوت والبنزين في السوق السودة والذي وصل سعر اللتر الواحد لخمسة آلاف ليرة سورية مما جعل آجار النقل باهظا ويزيد في خسارة المزارعين وفقرهم وفي ظل هذه الأوضاع المتردية جداً كان معظم سكان هذه المناطق يعقدون أملا على مابعد الانتخابات الرئاسية فلم يجدوا شيئاً تغير إلا للاسوأ فتأملو إلى مابعد القسم ولكن كانت خيبتهم كبيرة جداً
حيث توالت الأسعار ارتفاعاً وزادت ساعات تقنين الكهرباء وأيضاً مدة الحصول على جرة الغاز زادت لحد التسعين يوما وأيضاً نقص استحقاق الفرد من مادة الخبز حتى وصل سبعة ارغفة لثلاثة أشخاص في اليوم يعني بمعدل ثمان مائة غرام خبز لثلاثة وجبات لثلاثة أشخاص يعني بمعدل ثلثي رغيف بالوجبة الواحدة لكل شخص فقط وكل هذا الوضع المأساوي وبعد الخيبة التي أطفأت أملا كان معقودا بدأ هؤلاء السكان الفقراء يعبرون عن غضبهم وحنقهم وبدأوا يكيلون الشتائم للحكومة علنا وفي أي تجمع أمام الأفران وفي الأسواق الملتهبة الأسعار وفي اي مناسبة أو لقاء تجد الناس حديثهم عن الحكومة الفاسدة وحتى لبعض رموز الفساد المتواجدين في نفس المناطق من ضباط كبار أو مسؤولين كبار والذين يتحصنون في فللهم التي كالقلاع أيضا يكيلون لهم السباب ويشيرون لهم بالاسماء
وأصبح حالهم شكوى يومية بينهم حتى وصل عند البعض لحالة التذمر العلني والجرأة لشتم رأس النظام مما أدى في بعض الأحيان وفي بعض النواحي والقرى إلى حالة التمرد والتظاهر كما حدث في قرية عين شقاق وديروتان في جبلة وفي ريف طرطوس ومصياف أيضا ولكن التمرد الذي حصل في بعض قرى حمص من الريف الموالي بلغ لحد التظاهر أمام المحافظة والدخول عنوة لمكتب المحافظ وتهديده بالعصيان والعنف بسبب التقنين الظالم للكهرباء الذي أدى إلى اتلاف مؤونتهم وإلحاق الضرر بزراعاتهم المعتمدة بسقايتها على الكهرباء وعدم قدرتهم لشراء المولدات أو تشغيلها بسبب ندرة وغلاء الوقود وأيضاً بسبب عدم انتظام الكهرباء تم إلحاق الضرر بأغلب الأجهزة الكهربائية مثل البرادات والغسالات وغيرها والتي أصبحت أسعارها بالملايين ومما سارع المحافظ لتلبية بعض طلباتهم على الفور وخصوصا بالكهرباء لتصبح ثلاثة ساعات وصل وثلاثة قطع في محافظة حمص في عموم المناطق التي شاركت في التظاهر
وهذا مما أربك النظام واقلقه فهذه أماكن حاضنته الشعبية والمعتمد عليها فان تعامل معهم بالحسم والعنف سيؤدي إلى اشتعال الغضب في هذه المناطق وان تعامل باللين يخشى مزيداً من سقوط الخوف منه لديهم ولهذا يزيد عليهم خناق الأزمة الاقتصادية للزيادة في أفقارهم انتقاماً منهم امعانا منه في اذلالهم وتكبيلهم بعوزهم.
ليقدم لهم بعض المعونات الغذائية كرشوة ومعظمها من المعونات القادمة من مساعدات دولية وتحوي عينات جيدة من أصناف المواد الغذائية كالمعلبات والأرز والبرغل والمعكرونة والزيوت وكلها أصناف جيدة وبماركات معروفة ولكن الذي يحصل لهذه المواد مع القائمين عليها من مسؤولي النظام وتجاره يتم فتح هذه المستوعبات الغذائية واستبدالها أثناء توزيعها على شكل كراتين معونة للفقراء يتم وضع بدل هذه الأصناف الجيدة بمواد غذائية فاقدة الصلاحية كالرز والعدس والحمص والبازلاء وكلها مواد معظمها مخصص للطحن العلفي للحيوانات وشاي وسكر وزيوت كانت مخزنة في مستودعات المستوردين والمحتكرين وفقدت صلاحيتها فيتم تعبئتها بدلاً من المواد الجيدة المرسلة عبر الأونروا والصليب الأحمر الدولي ليتم بيعها في الأسواق بأسعار عالية.
وهذا بات يعرفه الناس ويتحدثون به مما يزيد من نار غضبهم وحنقهم على هذه السلطة الفاسدة ليصبح ملاحظاً هذا التذمر في معظم قرى ونواحي الأماكن الموالية للنظام ولكن هو تذمر فردي أو يعبر عنه بشكل بسيط بسبب انه مازال شيئا من الخوف مسيطر وأيضاً الخوف من خسارة هذا الراتب الهزيل ولكن يضمن لحد الآن أن يجلب الخبز وأيضاً لفقدانهم الثقة بأي فصيل للمعارضة, من خلال التجربة في العشرية هذه إذ أغلبها كان تابعا لدول ومستغلة للأزمة السورية بغية تحقيق مكاسب مادية .
وأيضاً تلك التي اتخذت رايات مذهبية وبات عملها القتل والسبي والخطف لتحقيق المكاسب والغرائز ولهذا نجد أغلب هؤلاء الفقراء يتذمرون بشكل فوضوي ودون جدوى ولكن تعبيراً عن غضبهم وأوجاعهم وهذا كان ممنهجا من قبل النظام منذ بداية عهده حيث عمل على القضاء على اي حركة أو تنظيم يساري علماني وثوري وإبعاده عن الجماهير الكادحة عمال وفلاحين وصغار الكسبة وعن الحركة الطلابية والمثقفين كي يطبق على هذه الطبقات الفقيرة من خلال التضليل الإعلامي لها وتجهيلها سياسياً ليبقيها ضمن حظائر مقررة وممنهجة
وفي ظل هذه الأوضاع للطبقات الكادحة والمسحوقة والمتزايدة فقرا يوم بعد يوم ودون أي أمل لهم يرتفع منسوب الغضب الشعبي في مناطق النظام خصوصاً وفي سوريا عموماً ومما لاشك فيه أنه هناك حركات وقوى يسارية والعديد من المنظمات الديمقراطية ورجالات ثقافية وعمالية في الداخل والخارج وليست مرتبطة مع تلك المعارضات المأجورة والمشغلة من دول الاحتلالات في سورية أو المستزلمة من السلطة هؤلاء اليساريين الشرفاء والديمقراطيين الوطنيين القابضين على الجمر همهم سورية وشعبها حقا وفعلاً وهؤلاء يلقى على كاهلهم الإمساك بهذا الغضب العارم وقيادة الحراك الشعبي للوصول لسوريا حرة مستقلة ومدنية علمانية لأجل تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والحريات السياسية وهذا من حق الشعب بطبقاته الكادحة والشعبية ليصبح سيد نفسه ومعيدا اعتبار أبنائه الذين ظلموا تهجيرا واعتقالا وافقارا .
أبو غيفارا _ الخط الأمامي
✪ إعلام تيار اليسار الثوري في سوريا من أجل الاشتراكية والثورة
#FrontLineNews
https://linktr.ee/revoleftsyria