
كرست الخلافة الإسلامية في منطقتنا العربية نظام الرق والعبودية حيث اعطته طابعا شرعياً دينياً للتصرف باسرى الحروب والسبايا ليصبحوا إما خدما أو يباعو في سوق النخاسة ليصيرو عبيدا يعملون على خدمة مالكهم في زراعة الأراضي وتربية المواشي مما أدى إلى جبروت النظام الاقطاعي وظلم الاقطاعي لخدمه العبيد الذي يتصرف بهم كما يريد ويمعن في اذلالهم حيث القانون السائد والشرعية الدينية مكنت الاقطاعي ليفعل مايشاء بملكه من العبيد يجلدهم ويعاشر نسائهم ويحبسهم ويمعن في تعذيبهم كيف يشاء.
وظل نظام العبودية واستعباد البشر قائماً حتى نهاية حكم الخلافة العثمانية ودخول المنطقة العربية تحت نظام الاستعمار الغربي الفرنسي البريطاني بأنظمته البرجوازية التي تطورت بعد الثورة الصناعية ونتاجاً لحاجتها البنيوية للتنافس فيما بينها جعلها تفكر في احتلال منطقتنا للسيطرة على ثرواتها واسواقها ونقلت لخدمة صناعتها منشآت صناعية وأدخلت تقنيات حديثة وقوانين ساهمت في نشوء وتطور البرجوازية الوطنية التي بدورها استلمت مقاليد الحكم بعد نهاية حقبة الاستعمار المباشر لمنطقتنا وأصبحت وكيلة إدارية للبرجوازية الاستعمارية بعد خروجها من هذه المنطقة وتقسيمها إلى دولاً أسست فيها لكل أسباب التناقض والصراع.
وبتولي البرجوازية الوطنية مقاليد الحكم في هذه الدول الفتية والمؤطرة ضمن حدود تمنعها من التكامل الاقتصادي على مستوى التبادل في منابع مستلزمات الصناعة (المواد الأولية) والتبادل التجاري بعموم مساحة الوطن العربي ككل فبقيت أنظمة الحكم البرجوازية خاضعة لتلك القوانين التي جعلتها تابعة للبرجوازية الاستعمارية الغربية بشكل مباشر مما أدى إلى بقاء البرجوازية العربية متخلفة عن ركاب البرجوازية في العالم الغربي وهذا أدى لحدوث صراع على السلطة في هذه الدول من قبل ابناء البرجوازيين وخاصة الموجودين في قيادات الجيش وهؤلاء مع انهم اصبحو من الطبقة البرجوازية والتي تمتلك الرساميل بين ايديها وتحاول أن تدخل سوق الاستثمار الصناعي البدائي لكنها مازالت العقلية الاقطاعية الاستبدادية بفكرها المتخلف مسيطرا على طريقة إدارتها ونهجها في إدارةطرق الإنتاج لهذا كان البرجوازيين يحاولو تحت شعارات مقلدة لأنظمة الحكم في العالم الغربي أن يبنو سياسات وأحزاب تلبي طموحاتهم في إدارتهم للنهج الاقتصادي وشكل نظام الحكم الذي يحقق لهم الإستمرارية ومن خلال السيطرة على مقدرات وثروات البلاد وبعقلية اقطاعية استبدادية أفرزت الصراع على السلطة بإحداث الانقلابات المتكررة أبناء العائلات البرجوازية بعقلية اقطاعية متخلفة واستبدادية.
ومع نشوء الكيان الصهيوني والذي تزامن مع بدايات الحرب الباردة بين النظام الامبريالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ونظام رأسمالية الدولة بقيادة الاتحاد السوفييتي والتي ساهمت بنشوء بعض الأحزاب القومية كالبعثية والناصرية . وكان ظهور لبعض الأحزاب القومية الأخرى والإخوان المسلمين تم بتشجيع من أجهزة الاستخبارات الإمبريالية البريطانية والفرنسية والأمريكية والصهيونية لأجل أن تكون سدا بوجه المد الفكري الشيوعي القادم إلى المنطقة من دول المعسكر الاشتراكي مما يهدد استمرارية السيطرة على أهم منابع الثروات في العالم ونجحت استخبارات الإمبريالية في توجيه البرجوازية العربية بتبني تلك الأحزاب القومية والدينية في السيطرة عبرها على السلطة فنجح الناصرية ومن خلفها الإخوان في السيطرة على السلطة في مصر والسيطرة الإخوانية على الأردن والسودان وبعض إمارات الخليج والوهابية في السعودية ووصول أحزاب قومية إلى السلطة في سوريا والعراق واليمن والجزائر وتونس وليبيا.
وبقيت هذه البرجوازية العربية المتخلفة تحكم البلاد راضية دور التابع للبرجوازية الاستعمارية التي تقاسمت النفوذ عبر اتفاقية سايكس بيكو للمنطقة والتي بقيت تدير وتسيطر على هذه الدول وثرواتها من خلال هذه البرجوازية المتخلفة وانظمتها الديكتاتورية ونهجها الاقطاعي الاستبدادي ومن خلال بناء مؤسسة عسكرية وأمنية بعقلية اقطاعية استبدادية حيث الرتبة الأعلى هو السيد المطلق والرتبة الأدنى أمامه هو العبد ويحق للرتبة الأعلى أن تعاقب وتحرم وتسجن الرتبة الأدنى دون أي اعتراض وبخضوع تام ولهذا كانت طريقة المخاطبة بين الرتبة الأدنى للرتبة الأعلى ب أمرك سيدي وامرك يابيه تعبيراً عن الخضوع المذل من قبل الأدنى للأعلى وهذا الشكل من إدارة التراتبية من أعلى رتبة إلى أصغر رتبة قائمة على القهرية والخضوع والاستعباد القهري للإرادة واذلال النفس كما في حالة العلاقة بين الاقطاعي والمزارعين العبيد لديه الذي كان يملك رقابهم ويعاقبهم ويجلدهم ويجوعهم ويهينهم كيف مايشاء.
هذه العلاقة القائمة في الطريقة التراتبية ذات الفكر الاقطاعي في أنظمة حكم البرجوازية في مؤسساتها العسكرية والأمنية وحتى السياسية وبعض الفعاليات الاقتصادية الحكومية أدت إلى السادية القهرية مولدة العنف في التعامل بين الأعلى إلى الأدنى وصولاً إلى أصغر رتبة وكل يوقع قهره على الأدنى منه وهذا ماينعكس سلباً على العلاقات المجتمعية وصولاً إلى الخلية الأساسية للمجتمع الحالي وهي الأسرة التي تعكس العنف الممنهج في العلاقة بين الأب بعقلية اقطاعية ذكورية مع الزوجة والأولاد فيتعامل بسلطوية استبدادية تصل احيانا إلى العنفية وأيضاً تجلى ذلك من خلال النظام الإداري في المدارس التعليمية وعلاقة المعلم العنفية المهينة لطلابه وماتزال البرجوازية العربية المتخلفة في شكل أنظمتها الحاكمة وعلاقاتها الاقتصادية التابعة للبرجوازية الاستعمارية إلى يومنا هذا.
ولهذا لم تبني هذه البرجوازية اقتصادا وطنيا متينا ومتطوراً بل بقيت برجوازية وسيطة كولونيالية تسيطر من خلال أجهزتها القمعية والبيروقراطية على شعوب المنطقة ولهذا كان أقصى ماحققت من منشآت اقتصادية لم يتجاوز صناعات بدائية تحويلية كشركات البسكويت والعلكة والمشروبات الغازية وبعض الصناعات الكيميائية البسيطة المتعلقة بمساحيق الغسيل وسائل الجلي والصابون وبعض الصناعات البلاستيكية وأرقى ماوصلت اليه هذه البرجوازية المتخلفة هو بعض الصناعات النسيجية والتي كانت حاجة للبرجوازية الاستعمارية الغربية ولهذا مازالت تحكمنا هذه البرجوازية المتخلفة وانظمتها الديكتاتورية ونهجها الاقطاعي الاستبدادي إلى الآن.
لذا أصبح لزاما على الطبقة العاملة والكادحين والمهمشين بناء قواها وتنظيمهاتها لأجل النضال ضد هذه البرجوازية وانظمتها المعيقة لأي تطور فكري واقتصادي لصالح فئات الشعب المسحوقة والكادحة.
بقلم ابو غيفارا _ الخط الأمامي
✪ إعلام تيار اليسار الثوري في سوريا من أجل الاشتراكية والثورة
#FrontLineNews
https://linktr.ee/revoleftsyria